بدأ رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا اليوم زيارة رسمية إلى بلادنا، في جولة ستقوده إلى عواصم مغاربية أخرى، وحرص المسؤول التركي رئيس حزب العدالة والتنمية التركي أن يصطحب معه ثلاثمائة من رجال الأعمال الأتراك وعشرات المسؤولين. إنها الزيارة الثانية لأردوغان للمغرب في مدة لم تتجاوز الثماني سنوات، وأهدافها لا تخرج عن أهداف سابقتها التي تمت في عهد حكومة إدريس جطو وخرج منها أردوغان بنصيب مغري جدا من الكعكة، بأن تم التوقيع على اتفاقية التبادل الحر بين البلدين، أهداف محددة بدقة وبإصرار من أردوغان تستند إلى الحرص على الرفع من نسبة تركيا في ميزان تجاري غير عادل ما بين أنقرة والرباط.
ولعل انعدام التوازن في تعاون تجاري غير عادل كان وراء إعلان الكنفدرالية العامة لأرباب العمل في المغرب عن مقاطعتها للاجتماع، الذي كان مقررا أن يجمع رجال ونساء الأعمال المغاربة بنظرائهم الأتراك، كما أن إجهاد بعض الأوساط لنفسها في التوظيف السياسي لهذا الحدث كان عاملا إضافيا ل"تنظيم أرباب العمل المغاربة" في النأي بأنفسهم عن هذا الأمر.
ومن حيث الأرقام والإحصائيات التي تفضح انعدام التوازن في الميدان التجاري فإن قيمة الواردات المغربية من تركيا بلغت إلى غاية مارس 2013، 2. 66 مليار درهم، في حين لم تتعد الصادرات المغربية إلى تركيا سقف 768 مليون درهم.
ووفق بيانات مؤقتة رسمية، فإن عجز الميزان التجاري بين المغرب وتركيا تجاوز 1.89 مليار درهم في نهاية مارس عام 2013، لفائدة تركيا حسب المصدر ذاته.
وتتميز الواردات المغربية من تركيا بالتنوع، إذ تتألف أساسا من العربات الصناعية (318 مليون درهم)، منتجات نصف مصنعة من حديد أو صلب (196 مليون درهم) والأقمشة وخيوط القطن (190 مليون درهم).... إلخ.
بالمقابل، تظل الصادرات المغربية نحو تركيا جد محدودة وغير متنوعة، حيث تتألف في المقام الأول من سيارات سياحية (362 مليون درهم) والفوسفاط (114 مليون درهم) والحامض الفوسفوري (88 مليون درهم)، وهذا يعني أن تركيا لا تأخذ من المغرب إلا ما قيمته 30 بالمائة مما يعطيه المغرب لتركيا، ويضاف إلى ذلك أن 75 شركة تركية تعمل في المغرب في ظل شروط تفضيلية.
بيد أنه يصعب التصديق أن الوضع الاقتصادي في تركيا يسمح لشركات مغربية بالعمل هناك في ظل شروط تفضيلية مماثلة، وإن حاول المستشار التجاري للسفارة التركية بالمغرب السيد سلامي أنبسكارا إظهار ما اعتبره وجوها مشرقة في هذا التعاون، إلا أنه كان أكثر صدقا حينما قال إن عجز ميزان التبادل التجاري ما بين بلاده والمغرب ليس الوحيد الذي يتضرر منه الاقتصاد المغربي، في إشارة إلى انعدام التوازن في الميزان التجاري للمغرب مع العديد من الأقطار، وإن كان المسؤول الديبلوماسي التركي تعمد إغفال حقيقة ثابتة مفادها أن ضرر المغرب في ميزانه التجاري مع تركيا أكثر ويكتسي خطورة بالغة، لأنه يهم مواد ومنتوجات يمكن صناعتها في المغرب، بيد أن انعدام التوازن التجاري للمغرب مع العديد من الأقطار يعود بالأساس إلى استيراد المغرب لمنتوجات لا يمكن إنتاجها خصوصا ما يتعلق بالمحروقات.
وتفيد مصادر وثيقة الإطلاع أن السيد أردوغان، الذي جاء في زيارة لأصدقائه في المغرب، سيحرص على توظيف هذا التقارب الإيديولوجي للرفع من صادرات تركيا نحو المغرب لتصل إلى ثلاثة مليار دولار، وسيغري المغاربة بالقول إن ذلك سيسمح للشركات التركية بالرفع من استثماراتها لتصل إلى مليار دولار مما سيتيح بتشغيل عشرة آلاف من اليد العاملة المغربية. عن جريدة العلم