يشكل الورش الملكي الرائد لتعميم الحماية الاجتماعية مشروعا مجتمعيا غير مسبوق وثورة حقيقية تعبد الطريق لتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية وصيانة كرامة المواطنين في المغرب. ويعكس هذا المشروع الملكي الواسع النطاق الرعاية السامية التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوليها للمواطنين. كما يترجم اهتمام جلالة الملك الدائم بضمان استفادة كافة المغاربة من التغطية الاجتماعية، وذلك من أجل هدف أساسي هو تحسين ظروف عيش الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة ودمقرطة الولوج إلى الرعاية الصحية، في إطار سياسة القرب. كما يمثل هذا المشروع الهام رافعة لإدماج القطاع غير المهيكل في نسيج الاقتصاد الوطني بما يوفر الحماية للطبقة العاملة ويصون حقوقها، ومنعطفا حاسما في مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمجالية . ومن أجل تنفيذ هذا المشروع المجتمعي، الذي يحظى بمتابعة واهتمام خاصين من طرف جلالة الملك، قدمت الحكومة العديد من الالتزامات التي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى تعزيز وتحسين مختلف برامج الدعم الاجتماعي، وتنويع وتوسيع آليات دعم الفئات الهشة، وتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل. وحرصا منها على التفعيل الأمثل لهذا المشروع، أحدثت الحكومة في نونبر الماضي لجنة وزارية للمتابعة من أجل مواكبة تنزيل هذا الورش الكبير، كما صادقت على مشاريع مراسيم ستمكن من استفادة 3 ملايين من المواطنات والمواطنين من فئة غير الأجراء، وذوي الحقوق المرتبطين بهم، من التأمين الصحي الإجباري عن المرض. وتشمل الفئات المعنية بهذه الإجراءات في مرحلة أولى الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، والتجار والصناع التقليديين، الذين يمسكون محاسبة، والمقاولين الذاتيين، الذين سيتمكنون من التسجيل، ابتداء من شهر دجنبر الجاري. ويكمن الهدف في تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، وذلك بتوسيع الاستفادة من هذا التأمين ليشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، وفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا خاصا، حيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من هذا التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء. كما يشمل هذا الورش غير المسبوق تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024، وذلك من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيد من هذه التعويضات من الاستفادة، حسب الحالة، من تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة أو من تعويضات جزافية. ويتعلق الأمر أيضا بتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد سنة 2025، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، من خلال تنزيل نظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ليشمل كل الفئات المعنية. ويروم هذا الورش المجتمعي أيضا تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025، لتشمل كل شخص متوفر على شغل قار، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض وتوسيع الاستفادة منه. وهكذا، تمت تعبئة موارد مالية مهمة لإنجاح هذا الورش، الذي يتطلب في أفق 2025 تخصيص مبلغ إجمالي سنوي يقدر ب51 مليار درهم، منها 23 مليار سيتم تمويلها من الميزانية العامة للدولة. ومما لا شك فيه أن تنزيل هذا الورش الرائد ستكون له آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامة جميع المغاربة، وتحصين الفئات الهشة، علاوة على المساهمة في إدماج القطاع غير المهيكل. كما يشكل تنزيل هذا المشروع المجتمعي الهام نقطة البداية لتحقيق تطلعات صاحب الجلالة في ما يخص الاستجابة لتحدي تعميم الحماية الاجتماعية على كافة فئات المجتمع المغربي، ومنعطفا حاسما في مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمجالية تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك.