تخشى إسبانيا من أن تصبح المتضرر الأكبر من الصراع المغربي الجزائري الذي بلغ مراحل غير مسبوقة من التصعيد، فحكومة بيدرو سانشيز التي لا تزال تبحث عن حل لأزمة الغاز التي تسبب فيها قرار نظام العسكر في كوريا الشرقية وقف العمل بالأنبوب المغاربي الأوروبي، وجدت نفسها في مأزق آخر بعد خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، وهو ما دفعها للبحث عن مخرج عبر عرض وساطتها التي قد تكون البرتغال مسرحا لها. وأشارت صحيفة "إلباييس"، في مقال استندت فيه إلى معطيات من وزارة الخارجية الإسبانية، أن إسبانيا تخشى أن تصبح "رهينة الصراع بين المغرب والجزائر". وأشارت الصحيفة، ذات المصادر الدبلوماسية النافذة والتي عادة ما تلجأ إليها الحكومة لتوجيه رسائل إلى الخارج، إلى احتمال قيام وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، بدور الوساطة بين نظيريه المغربي ناصر بوريطة والجزائري رمطان لعمامرة. وأشارت "إلباييس" إلى ضرورة أن تعمل إسبانيا على خفض التوتر بين البلدين المغاربيين الجارين، مبرزة أن لا أحد منهما طلب وساطة مدريد، لكن الدبلوماسية الإسبانية "ستحقق نجاحا كبيرا" إذا تمكنت من جمعهما في منتدى الاتحاد من أجل المتوسط المُقرر عقده في العاصمة البرتغاليةلشبونة يوم 29 نونبر الجاري. ويأتي ذلك بعد أن اعتبرت الخارجية الإسبانية، وفق التقرير نفسه، أن خطاب جلالة الملك محمد السادس يوم السبت الماضي كان مصدرا للقلق، ليس بسبب محتواه وإنما بسبب لهجته، إذ أن المفاجئ لم يكن هو إعلانه تشبث المملكة بمغربية الصحراء، وإنما تأكيد جلالته على أن "أصحاب المواقف الغامضة والمزدوجة لن يقوم المغرب معهم بأي خطوة اقتصادية وتجارية لا تشمل الصحراء المغربية"، حيث ربطت الأمر بحكم محكمة العدل الأوروبية الأخير. وترى إسبانيا أن قول جلالة الملك "من حقنا اليوم أن ننتظر من شركائنا مواقف أكثر جرأة ووضوحا بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة"، كان أكثر إثارة للقلق، بالنظر إلى أن المملكة كانت قد وجهت دعوة صريحة في يناير الماضي، للأوروبيين والإسبان تحديدا "للخروج من منطقة الراحة" بخصوص قضية الصحراء، عبر وزير الخارجية ناصر بوريطة. ومن ناحية أخرى ترى الدبلوماسية الإسبانية أن ساعة "الوساطة" قد أزفت بعد التصعيد الذي تلا مقتل 3 جزائريين داخل المنطقة العازلة في الصحراء المغربية، خاصة وأنها لا تزال تعاني من قرار الجزائر وقف تجديد عقد انبوب الغاز الطبيعي المغاربي-الأوروبي GME، إذ رغم تعهد نظيرتها الجزائرية برفع طاقة خط "ميد غاز" المباشر من 8000 متر مكعب إلى 10.000 متر مكعب، إلا أن ذلك لن يغطي كامل حاجيات الإسبان التي كان يؤمنها الخط المتوقف، خاصة في ظل تزايد استهلاك الغاز في الشتاء وما رافق ذلك من ارتفاع الأسعار والصراع بين المصدرين له.