تعيش إسبانيا خلال الأشهر الأخيرة، على وقع تأزم سياسي في المنطقة المغاربية ضمن صراع النفوذ بين الجزائر والمغرب، ما جعل الدبلوماسية الإسبانية ترزح تحت متطلبات النظامين المغاربيين المتشابكتين. وحاولت إسبانيا تحقيق توازن بين الدولتين المغاربيتين يرعى مصالحها في المنطقة غرب المتوسطية، كونها المتأثر الرئيس في أي صراع بين الرباطوالجزائر العاصمة. وترى صحيفة "الباييس" في مقال كتبه خبير في السياسية الدفاعية والدبلوماسية، أن التوازن أصبح شبه مستحيل بسبب تصاعد التوتر بين البلدين الجارين، اللذين قطعا العلاقات الدبلوماسية، ووصل الصراع إلى حد ادعاء الجزائر مقتل ثلاثة سائقي شاحنات جزائريين في المنطقة العازلة في 1 نونبر الجاري. واعتبر المقال أن العامل الذي خيم على البانوراما هو تصعيد التوتر بين الجزائر والمغرب، حيث تتعرض إسبانيا لخطر الوقوع في فخ الصراع المغاربي خاصة بعد انهيار العلاقات الدبلوماسية، وقرار الجزائر إغلاق خط أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي كان ينقل 6000 متر مكعب من الغاز سنويًا إلى إسبانيا عبر المغرب. وذكر الكاتب الإسباني أن إسبانيا كما المغرب، تضررن من هذا الاغلاق، إذ سيتعين عليها أن تغطي النقص الحاصل بالغاز المسال، الأكثر تكلفة. ورغم التزام الجزائر بزيادة طاقة ميدغاز، الأنبوب الذي يربط ساحل البلد المغاربي بساحل ألميريا جنوبي المملكة الإيبيرية، من 8000 إلى 10000 متر مكعب، لكن هذا لا يغطي الفجوة التي خلفتها منطقة الشرق الأوسط الكبير، يشير المتحدث ذاته. وأردف كاتب المقال بالقول إن مصادره في الاستخبارات الاسبانية عبرت عن ثقتها في أن الأزمة المغاربية لن تطفو على السطح لكنها حذرت من أن الوضع "خطير للغاية". وقال إن البلدين انغمسا في سباق تسلح لسنوات، وبعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل، تلقى المغرب معدات متطورة من تل أبيب ساعدت في تحقيق التوازن مع الميزة العسكرية التقليدية للجزائر. وأشار في ختام المقال إلى أنه وعلى الرغم من أن أحداً لم يطلب وساطة الدبلوماسية الإسبانية، إلا أنه سيكون نجاحًا كبيرًا إذا تمكنت من إشراك وزيري البلدين في منتدى الاتحاد من أجل المتوسط ، المقرر عقده في 29 نوفمبر في برشلونة. وحول الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، قال خبير الصحيفة إن وزارة الخارجية الإسبانية، كانت قلقة من الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم السبت الماضي، ليس بسبب محتواه بقدر ما هو بسبب اللهجة، حيث أطلق العاهل المغرب رسائل تحذير إلى إسبانيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف الكاتب ذاته أنه وفي إشارة إلى الشركاء الأوروبيين، قال الملك لمن "يتخذون مواقف غير محددة أو مزدوجة بشأن الصحراء، إن المغرب لن يتخذ معهم أي خطوة اقتصادية أو ثقافية لا تشمل الصحراء المغربية". ويأتي هذا الإشعار بعد أن ألغت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي اتفاقيات الصيد والتجارة مع الرباط لإدراج مياه وأراضي الصحراء المغربية. واعتبر المقال أن الأكثر إثارة للقلق كانت عبارة أخرى، "نحن الآن من حقنا أن نتوقع من شركائنا مواقف أكثر جرأة وأوضح فيما يتعلق بمسألة وحدة أراضي المملكة"، مشبها إياه لما قاله، في يناير الماضي، رئيس الدبلوماسية المغربية، ناصر بوريطة، الذي حث الدول الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا، على "الخروج من منطقة الراحة" والرهان لصالح أطروحات الرباط.