علنا قبل قليل، من مصادر نقابية، أن الأمين العام السابق للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، نوبير الأموي، قد توفي ظهر اليوم بالدار البيضاء، بعد معاناة طويلة مع المرض. وكان الراحل قد نقل إلى المستشفى على إثر وعكة صحية مفاجئة ألمت به، حسب مصادر مقربة من عائلة الفقيد. يعد الراحل أحد أشهر القيادات النقابية في تاريخ الحركة العمالية في المغرب، والزعيم التاريخي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وهو قائدها منذ تأسيسها عام 1978. ولد محمد نوبير الأموي سنة 1936 في ضاحية مدينة ابن أحمد بالشاوية. درس في كتاب لحفظ القرآن ثم التحق بمدرسة اتحاد الحي الصناعي بالبيضاء، وتابع دارسته في جامعة ابن يوسف بمراكش ثم بجامعة القرويين بفاس. بدأ معلما ثم التحق بعد سنوات بشعبة التفتيش التربوي. انخرط الأموي مبكرا في حزب الاستقلال الممثل للشريحة الكبرى من الحركة الوطنية في عهد الاستعمار الفرنسي، وبمجرد التحاقه بالتعليم، انضم إلى النقابة التاريخية التي شكلت آنذاك الجناح النقابي للحركة الوطنية ألا وهي "الاتحاد المغربي للشغل". اختاره الزعيم المهدي بن بركة ليكون مسؤولا عن اللجنة العمالية بالرباط في 1963. وبدأت في هذه المرحلة قصة الأموي مع الاعتقالات في ذروة الاستقطاب بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والسلطة. وفي 25-26 نوفمبر 1978 تأسست الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وأصبح الأموي زعيما لها. وبعد إضراب 1981 سجن الأموي لعامين ما عزز مكانته في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وفي عام 1990 أعلنت الكونفدرالية والاتحاد العام للشغالين إضرابا عاما خلّف العديد من الضحايا. في 1992 ستتم محاكمة محمد نوبير الاموي، خلال محاكمة شهيرة إثر دعوى رفعتها ضده الحكومة على خلفية حديث لصحيفة الباييس الإسبانية وصف فيها الوزراء بأنهم "لصوص" حسب دفاع الحكومة، وصدر في حقه حكم بالسجن النافذ لمدة سنتين. وبانتقال حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى المشاركة في الحكم سنة 1998، بدأت هوة الخلاف تتسع بين الجناح النقابي للأموي والتوجه السياسي للحزب، مما أسفر في النهاية عن انشقاق جديد لأنصار الكونفدرالية بقيادة الأموي في اتجاه دعم حزب جديد هو حزب المؤتمر الاتحادي. لكن مسار الانشقاق هذا لم يكن دون خسائر بالنسبة لشعبية المنظمة وقوتها العمالية التي يجمع المراقبون على أنها تراجعت كثيرا مقارنة مع سنوات الذروة خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وتراجعت معها قوة الأموي.