اختار الجنرال سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، حلقة أخرى من الصراعات والتعيينات اللامتناهية في صفوف الجنرالات، للتحدث عن مؤامرات مزعومة ضد الجزائر، ولعل هذيانات شنقريحة يعكس شيخوخة السلطة في الجزائر. وفي تغيير ثالث في اقل من عامين، أصبح للدرك الجزائري قائد جديد، ومن الواضح أن رئيس أركان الجيش الجزائري هو الذي عينه، لأن المرسوم الذي وقعه الرئيس الجزائري المعين ليس سوى إجراء شكلي. وتم تنصيب القائد الجديد للدرك، يوم الثلاثاء 3 غشت 2021 وهي مناسبة استغلها سعيد شنقريحة، الذي احتفل بعيد ميلاده 76 يوم فاتح غشت، لإخراج نفس الأسطوانة القديمة المشروخة والتي لا يكل من ترديدها منذ تعيينه على رأس الجيش الجزائري قبل أقل من عامين، وهذه الأسطوانة المشروخة هي أن "المؤامرات" الوهمية تهدد الجزائر من جميع الجهات. "أريد أن أؤكد بهذه المناسبة أن المؤامرات والدسائس التي تحاك ضد الجزائر وشعبها، والتي لم نكف عن التحذير منها في العديد من المناسبات، ليست من نسج الخيال كما يدعي بعض المشككين بل هي حقيقة واقعة أصبحت ظاهرة للعيان"، هذا ما أكده شنقريحة أمام مستمعيه من العسكريين. وكانت وسائل الإعلام الجزائرية التي نقلت هذا الخطاب قد أبرزت الأزمة السياسية والصحية في تونس، وعدم الاستقرار في ليبيا، والإرهاب في النيجر ومالي، لإعطاء الانطباع بأن الجزائر "محاصرة"، إلا أن شنقريحة، ولو بشكل غير مباشر، ركز على المغرب فقط، الذي يتهمه بأنه يريد "الانتقام" من الجزائر. وأضاف أن "الحملة المسعورة الموجهة ضد بلادنا وجيشها، على منابر بعض وسائل الإعلام الأجنبية، ما هي إلا الجزء القليل البارز من هذه الحرب القذرة المعلنة ضد الجزائر انتقاما منها على مواقفها المبدئية تجاه القضايا العادلة، وغيرتها على سيادتها الوطنية، وقرارها الحر الذي يأبى الخضوع والخنوع". كل هذا ليقول إن الجيش الجزائري، الذي يتعرض لموجة انتقاد بسبب الفساد المستشري داخل صفوفه وسيطرته المافيوزية على مقاليد الحكم في البلاد منذ الاستقلال، "سيتصدى" لكل هذه المؤامرات المزعومة. هذه الخرجة الإعلامية الجديدة ل"بوّال" الجنرالات تفضح خضوع الرئاسة الجزائرية والحكومة إلى قيادة أركان الجيش. وفي هذا الإطار، وقبل مراسم تنصيب القائد الجديد لقوات الدرك من قبل سعيد شنقريحة، أصدرت الرئاسة الجزائرية بيانا صحفيا، يوم الثلاثاء 3 غشت، أعلنت فيه عن عقد اجتماع المجلس الأعلى للأمن يوم الأربعاء 4 غشت. وذكر البيان أن "رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني السيد عبد المجيد تبون سيرأس يوم الأربعاء، اجتماعا دوريا للمجلس الأعلى للأمن، سيخصص لدراسة ومتابعة الوضع الأمني العام في البلاد على المستويين الأمني والصحي، وكذلك التحضير للاستحقاقات المحلية المقبلة". غير أن كل هذه المواضيع تطرق لها سعيد شنقريحة قبل انعقاد المجلس الأعلى للأمن، وبذلك أصبح الرئيس ووزراءه مجرد منفذين لأوامره. وهكذا تجاوز شنقريحة المجلس الأعلى للأمن الجزائري الذي يرأسه عبد المجيد تبون والذي يتشكل من وزراء الخارجية والداخلية والعدل والمالية، بالإضافة إلى رئيس أركان الجيش بطبيعة الحال. وبدلا من أن يقتصر على عرض توجهات وخارطة الطريق للقائد الجديد لقوات الدرك الجزائرية والتحديات التي سيتعين عليه مواجهتها، حل سعيد شنقريحة محل جميع كبار المسؤولين في الدولة الجزائرية. لكن هذه الهلوسات الجديدة لهذا الجنرال والمريض والمصاب بالخرف ، تكشف شيخوخة نظام العسكر الذي لا يزال يتحكم في البلاد ورقاب العباد منذ انقلاب المقبور محمد بوخروبة (الهواري بومدين) في ستينيات القرن المنصرم.