أجمع المشاركون في ندوة وطنية بمراكش حول "أي سياسة عمومية لمستقبل الصحافة المغربية"، أن الإعلام الوطني المغربي لا يمكنه الاستمرار بنفس النسق والضعف الذي يعتريه حاليا نتيجة مجموعة من الظروف والعراقيل، في ظل التغييرات المتسارعة التي يشهدها الإعلام على المستوى العالمي وفي ظل الثورة الرقمية التي أتت على القطاع الورقي الموجود حاليا في غرفة الإنعاش. لكن السؤال الذي يظل عالقا، هو "ما الذي يمنع من تطوير إعلامنا الوطني وجعله قادر على مجابهة التغييرات المتسارعة وتمكينه من الوسائل الكفيلة للرد مثلا على الهجمات التي تتعرض لها البلاد في قضايا أساسية كملف الصحراء المغربية ومجال حقوق الإنسان؟"، و"لماذا لا يتم خلق أقطاب إعلامية قوية كفيلة بلعب أدوار مهمة بهدف بلورة مستقبل واعد لإعلام متطور؟". في هذا الصدد، حاول الوزير الأسبق المكلف بالإعلام والاتصال مصطفى الخلفي، أن يحيط بجانب من هذا السؤال الذي طرحته عليه "تليكسبريس"، خلال مشاركتها في هذه الندوة الهامة، حيث اعترف الخلفي بأن هناك تقصير كبير في تأهيل وتكوين الإعلاميين خاصة فيما يتعلق بالترافع عن ملف الصحراء المغربية في المحافل الدولية أو الرد على المنتوج الإعلامي الأجنبي المسيء لقضية وحدتنا الترابية، مقرا بأن هناك نقص في الموارد البشرية المؤهلة وكذا البطء في التعاطي مع أي هجمة يتعرض لها المغرب من قبل أعداء الوحدة الترابية. لذلك، يرى الخلفي، انه من الواجب دعم الإعلام الوطني وتوفير الإمكانيات التي تجعله يقوم بعمله بالسرعة المطلوبة وبالمهنية الضرورية ومجابهة المخاطر والهجمات المعادية الصادرة أحيانا من قنوات عالمية وصناعة محتوى للرد بنفس الإمكانية التي صدر بها الاعتداء. من جهته، قال الحسين عبيابة، الناطق الرسمي للحكومة ووزير الاتصال السابق، أن المغرب يفتقد لقنوات عمومية متنوعة ومتعددة وقادرة على لعب الأدوار المفروض أن تلعبها، ذلك انه لم يعد مقبولا أن يكون لدينا إعلام عمومي ضعيف، والى جانب ذلك لابد من السماح بإنشاء قنوات خاصة متنوعة، بضوابط وقوانين مؤطرة وفي احترام لأخلاقيات المهنة. وأوضح عبيابة، أن الإعلام والاتصال ك"شرب الماء" لا يمكن الاستغناء عنه، ولابد من اكتساب جرأة كبيرة لإصلاحه، فالمغرب وحده لا يمتلك الكثير من القنوات العمومية الرسمية، مقابل دول أخرى مثلا كمصر، نجد أكثر من 100 قناة تنقل ما هو رسمي، دون الحديث عن باقي القنوات الخاصة الأخرى، لذلك ينبغي وضع سياسة عمومية واضحة لإعلام صالح في المستقبل وقادر على التحدي والصمود والتموقع والجاهزية. وأعاب المشاركون في ندوة مراكش، على لجنة شكيب بنموسى، المكلف بإعداد النموذج التنموي الجديد، تخصيص فقرتين لواقع الإعلام وطرق تطويره في تقريرها الأخير، لذلك لابد من التفكير في مناظرة وطنية كفيلة بحصر المشاكل ووضع آليات تنفيذ استراتيجية واضحة المعالم للنهوض بالقطاع. كما توقف المشاركون أيضا عند إشكالية الدعم العمومي المقدم للصحف والصحافيين، والتحدي الوجودي للصحافة المكتوبة، مطالبين بإحداث صندوق خاص بالصحافيين وتأطير ذلك بقوانين تنظيمية واضحة لإعادة الاعتبار للعمل الصحافي وتعزيز الحريات والتقدم وحماية السيادة الوطنية. وخلص المشاركون في ندوة مراكش التي انعقدت على هامش تأسيس الفرع الجهوي لفيدرالية الناشرين يوم الجمعة والسبت الماضيين، أن الجيل الجديد من الإعلام يحتاج إلى "جيل جديد" من الكفاءات ومن الدعم الجديد بصيغه فعالة ومؤطرة ومنظمة، لأن هناك تحدي رقمي وتحول متسارع لن يرحم هذا البطء وهذا الضعف الذي يوجد فيه إعلامنا العمومي.. ويذكر أن الندوة حضرها كل من نبيل بنعبد الله من التقدم والاشتراكية ومصطفى الخلفي من البيجيدي و الحسين عبيابة من الحزب الدستوري وجمال مكماني من البام والراشدي من الاستقلال، وذلك لاختبار تصورات الأحزاب السياسية بخصوص الملف الإعلامي الذي لم تخصص له لجنة النموذج التنموي الجديد إلا فقرتين.