لم يكتف راشد الغنوشي بإشعال الأزمات السياسية، بل يقود تونس عمدا إلى الاحتراب الأهلي لإنقاذ حركة "النهضة" الإخوانية. وتثير تصرفات الغنوشي، رئيس البرلمان وقائد حركة النهضة الإخوانية، الانتقاد في معسكرات الخصوم السياسيين، وفي داخل حركته على حد سواء، ما ينذر بقرب نهاية "أخطر رجل" في تونس. ففي تصريحات صحفية مؤخرا، قال القيادي السابق بحزب حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي إن "النهضة انتهت سياسيا، ولم يعد لها أي دور إيجابي في البلاد"، في صفعة جديدة لسياسة الغنوشي من داخل البيت الإخواني. الغنوشي لا يريد البلاد إلا على هواه ووفق ما تقتضيه مكاسب النهضة الإخوانية، وفساد اذرعها المنتشرة في أكثر من مكان. الغنوشي يعادي النواب وكل المسؤولين من غير لونه، حيث فشل في تسيير البرلمان وتسبب في احتقان أجوائه ولا يرى في دور الرئيس أكثر من رمزية لا يحق له الاعتراض على تعيين الفاسدين. أشعل زعيم البرلمان التونسي، الإخواني راشد الغنوشي، عدة أزمات جرّت عليه العديد من الانتقادات من طرف السياسيين ومن كانوا داخل حركته أيضا، وهو ما دفع المتتبعين إلى القول إن النهضة الاخوانية المصابة بسكتة سياسية لن ينقدها هذه المرة، من يراه 70 في المائة من التونسيين كأخطر شخصية في البلاد. وكان الغنوشي، المطالب شعبيا وبرلمانيا بسحب الثقة فيه ومحاسبته قضائيا على جرائم الإرهاب التي تسبب فيها، دعا أنصاره للتظاهر في العاصمة يوم السبت 27 فبراير المنصرم، وهي دعوة تزامنت مع تكثيف الحركة للخطاب الديني من أجل تقسيم المجتمع بين المؤمنين والكفار! متناسيا كل النداءات وموجات الاحتجاجات ضده، قرر الغنوشي استخدام ورقة الشارع والصدام مع أبناء الشعب التونسي، وهي خطوة اعتبرها مراقبون دعوة صريحة للحرب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد، تستلزم الوقوف في وجهها وتقتضي الرحيل السريع لمن اغرق البلاد في أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية ويريد اليوم إلى سفك دماء التونسيين. ويسجل التاريخ السياسي التونسي حوادث مؤلمة ارتكبتها المنظومة الإخوانية، منها تفجيرات النزل في ساحل البلاد في صيف عام 1986، والتي كانت بتحريض من الغنوشي نفسه، كما أن حوادث الهجوم على التونسيين بماء النار في مطلع التسعينيات، كانت من تحريضه أيضاً. يشار إلى أن ورقة العنف حاضرة في كل تاريخ حزب النهضة، كما أن هذه الحركة لا تؤمن بالدولة وتوظف الإرهابيين كاحتياط لترهيب الخصوم. ولن تقبل النهضة باللعبة الديمقراطية إذا تمت إزاحتها عن طريق الصندوق، وهو ما دأبت عليه الحركات الإخوانية، سواء في تونس أو الجزائر أو مصر... تهديدات الغنوشي بالاقتتال تأتي ضمن هذا السياق السياسي للحركات الإسلاموية المتطرفة، التي عمقت أزمات تونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي... سقوط حزب الإخوان في استطلاعات الرأي، وتعميق خلافاته الداخلية سيدفع -حسب مراقبين- بالغنوشي إلى توسيع دائرة الأزمة ودفع التونسيين للاقتتال عبر خطاب مبطن و"شفرات" يفهمها أنصاره وصناع الموت. هذا التوجه بدأت تتضح ملامحه، حيثث خرج الغنوشي مؤخرا بتصريح دعا فيه إلى بناء اتحاد مغاربي استثنى منه المغرب وموريتانيا، وهو ما جرّ علي انتقادات شديدة سواء في تونس أو باقي الدول المغاربية، حيث اعتبر العديد من المتتبعين للشأن التونسي أن زعيم الإخوان المسلمين بتونس يحاول مغازلة النظام العسكري الجزائري الذي يكن عداء مرضيا للمغرب، في خطوة تهدف إلى تصدير أزمة حركة النهضة وفشلها في تونس.