طوت غرفة الجنايات الابتدائية صفحات ملف قضية ما بات يعرف بجريمة “الكرويلة”، عندما أجهز عشريني على متسولة خمسينية قبل ثمانية أشهر ومارس عليها أعمالا وحشية بتراب الزمامرة. واقتنعت هيأة حكم ترأسها بدر سعيد عشية الثلاثاء الماضي، بالمنسوب إلى الجاني في محضر الاستماع إليه من قبل درك الزمامرة وعاقبته بخمس وعشرين سنة سجنا نافذا، بعد أن كيفت متابعته من القتل العمد طبقا للفصل 394 من القانون الجنائي إلى الضرب المفضي إلى الموت إعمالا للفصل 403 من القانون نفسه. وفي التفاصيل مثل الفاعل المزداد في 2001 في حالة اعتقال بصك اتهام ثقيل ، ضمنه اختطاف متسولة تعاني ظروفا نفسية منذ فقدت والدتها قبل ثلاث سنوات، وضربها حتى الموت وممارسة أعمالا وحشية عليها منها الاغتصاب. والظاهر من صك الاتهام أن الجاني كان يعرف جليا قوة الحكم الذي ينتظره، نظير ما أحدثته جريمته النكراء من هزة قوية في الزمامرة، التي تأسف سكانها على خبر الإجهاز على الضحية التي عرفت بينهم ب”مقطوعة من شجرة”، تتسول لتدرأ عن نفسها شظف العيش . ولم يجد مخرجا لدرء التهمة عن نفسه، لما تمسك بالإنكار أمام هيأة الحكم، لأن اعترافاته التلقائية أمام الضابطة القضائية، ونتيجة تحاليل الحيوان المنوي الذي كان على الجهاز التناسلي للضحية، كلها قرائن قوية قادته لنيل العقوبة الحبسية المذكورة. وقبل ثمانية أشهر وبالضبط في 17 يوليوز 2020 استفاق سكان المناقرة بتراب جماعة الغنادرة بالزمامرة، على خبر العثور على المتسولة مضرجة في دمائها، جراء إصابة بالغة على رأسها نتجت عن ضربة قوية بحجر كبير. وفي البداية كانت دائرة الشكوك تحوم حول متسكعين ومدمني كحول بالزمامرة وبجوار مسرح الجريمة، ووجد درك الزمامرة صعوبة في تحديد هوية القاتل، سيما في ظل الرجة الكبرى الذي تولدت على مواقع التواصل الاجتماعي المطالبة بإيقاف الفاعل وتقديمه إلى العدالة. وتفاعل كمال التازيري قائد سرية الدرك بسيدي بنور بسرعة، من خلال فريق تحقيق توصل في ظرف سبع ساعات إلى وضع اليد على المشتبه فيه. ومكنت كاميرا أحد مخازن البروبان بالزمامرة من اختصار الطريق إليه، إذ أظهرت المتسولة مع غروب شمس يوم الجريمة، ممتطية ” الكرويلة ” التي كان يقودها الجاني نحو دوار علي الفارسي بتراب الغنادرة، حيث تقطن في منزل تركته لها والدتها بعد وفاتها. وكان ذلك الخيط الرفيع الذي ظهرت ملامحه جلية، وتم إيقافه بمحطة “الكرويلات” بقلب الزمامرة، فحاول إبداء استغرابه من تصفيده من قبل الدرك، قبل أن يتراجع ويبوح للدركيين بكل شيء بخصوص حمله للضحية على متن العربة المجرورة، قبل أن يستغل الخيوط الأولى للظلام، حيث قادها إلى أرض خلاء بنية اغتصابها. ولما أبدت مقاومة وخاف من أن تفضحه لاحقا، ضربها بحجر كان بمسرح الجريمة، ولما فقدت وعيها اغتصبها، ولما قضى وطره غادر المكان تحت جنح الظلام، وفي الصباح عثر عليها متسوقون جثة هامدة، وأخبروا درك المنطقة بالحادث.