يعد هذا الكتاب أول عمل نظري متكامل، بل يمكن اعتباره الانطلاقة الفعلية لمشروع نظري ضخم امتد على ما يقارب ربع قرن كانت مادته الأساسية "الخبرة الإنسانية" في لحظات إبداعها لأشكال العسف المتنوعة للحد من اندفاع الجسد والروح، وتخطيهما لحدود "المعقول" و"العقلاني" و"المستقيم" و"الرزين" للانتشاء بالذات داخل عوالم اللاعقل التي لا تعترف بأية "حدود إضافية" غير تلك التي تأتي من أشياء الطبيعة وطبيعة الأشياء. والكتاب زاخر بمعرفة علمية تخص الجنون والعقل واللاعقل والاختلال النفسي وكل السلوكات "الغريبة" و"الشاذة"، وكذا الاندفاع نحو حدود لا تتوقف عن التوغل في المجهول. لذلك فهو يتحدث عن "الطب العقلي" و"السيكولوجيا" و"التحليل النفسي" وكل الأشكال العلاجية التي أعقبت العصر الكلاسيكي معلنة عن ميلاد "المجنون المريض" الذي سيخلف المجنون "الدرويش" و"الوحش" و"الشاذ"، تماماً كما سيخلف المارستان والعيادة دور الحجز والمستشفى العام.