وجَّه الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، رسالة إلى المواطنين الصحراويين الذين اعتبرهم "رهائن" لدى النظام الجزائري، حيث دعاهم إلى العيش تحت سقف المغرب عوض الجري وراء سراب ووهم لن يتحقق يوما. وقال المرزوقي، خلال مشاركته في ندوة رقمية نظمتها جمعية “شعاع” الحقوقية الجزائرية بعنوان "واقع ومستقبل الحريات والديمقراطية في الجزائر"، نهاية الأسبوع المنصرم، إن "النظام الجزائري المتهالك يبيع الوهم للصحراويين ويتخذهم رهائن لخيار سياسي خاطئ". وأوضح الرئيس التونسي الأسبق أن "الصحراويين عوض ركضهم خلف وطن لن يوجد يوما لأن ذلك سيؤدي إلى حرب طاحنة بالمنطقة لن يسلم منها أحد، فلهم إمكانية أن يكون لهم ثلاثة أوطان وليس وطنا واحدا، الأول هو الحكم الذاتي داخل الوطن المغربي، الثاني هو الوطن المغربي، والثالث هو الاتحاد المغاربي". ولفت المرزوقي إلى أنه "عندما يصير عندنا اتحاد مغاربي، فالصحراويون عوض أن يكونوا تحت الحماية أو الضغط في منطقة صحراوية بالجزائر، يكون عندهم الحق في أن يستقروا في تونس أو يعملوا في ليبيا أو الجزائر والمساهمة في الانتخابات في بلدان الاتحاد المغاربي، وهكذا يكون لهم وطن مفتوح وجواز سفر مغاربي ويكونوا جزءًا من الأمة وينالون الاحترام". وخاطب المرزوقي الصحراويين بتندوف قائلا: "محبتي وتقديري، لكن عليكم الخروج من هذه السردية الكاذبة التي ترتهنكم وترتهن مستقبل المغرب". واعتبر الرئيس التونسي الأسبق أن النظام الجزائري "أجرم في حق الشعب الجزائري، والدليل ثورته عليه، كما أجرم في حق الاتحاد المغاربي وفي حق هؤلاء المساكين المرتهنين لأكثر من 40 سنة"، في إشارة منه إلى المحتجزين بمخيمات تندوف. وعلى صعيد آخر اعتبر المرزوقي أن "وجود الحراك الشعبي في الجزائر مبشر وأن التغيير قادم وإن تأخر". وقال: "كثيرون يتساءلون عما إذا حقق الحراك الشعبي مطالبه أم لا؟ بالنسبة لي أهم شيء الآن هو وجود الحراك، لأن تلك الصورة التي أعطاها الشعب الجزائري على امتداد أكثر من 50 جمعة مبهرة، حيث لم نكن نتوقعها أبدا، لأن الصورة التي كانت تبدو على الشعب الجزائري أنه ساكت وخامل في حين أن الثورات العربية بدأت في كل مكان والشعب الجزائري لم يتحرك، والناس كانت تتحدث عن غبار أفراد وهي الكلمة المشهورة التي كان بورقيبة يصف بها الشعب التونسي، فجأة نكتشف في الجزائر شعباً مواطناً رائعا". وأضاف: "في تلك الفترة أريد أن أذكر أنه كانت هناك مشاكل في فرنسا (السترات الصفر)، وكنا نرى الفرق بين هذا الحراك الجزائري البالغ التحضر والانضباط والهيبة والمهابة، بينما الفرنسيون كانوا يخربون". وأكد المرزوقي أن "أهم شيء حصل هذه السنة هو بروز هذا الشعب، شعب المواطنين، وهذا هو الشيء الرئيسي الذي عبره تظهر باقي الأشياء أنها ثانوية، يعني أن بروز الشعب الجزائري كشعب مواطنين هو الحدث الرئيسي والأساسي الذي وقع بالسنة الماضية، وابتداء من هذه اللحظة كل شيء سيتغير". وأشار المرزوقي إلى أن "هذا الشعب الجديد لم يظهر من لا شيء، بل ظهر من المعاناة والحرمان والتجربة التي استنبطها وهو يشاهد الثورات العربية والتونسية والفلسطينية، وكل ذلك الزخم والتجربة نمت على امتداد 50 أو 60 سنة، لكن النظام بقي هو نفس النظام القديم بآلياته القديمة وتفكيره القديم وغريزته القديمة، وهو حائر كيف يتعامل مع هذا الشعب الجديد، وهو لا يغير أساليبه وهنا يكمن التناقض الكبير ما بين شعب جديد ونظام قديم، شعب يغزو المستقبل وشعب بصدد الرحيل مع الماضي". ورأى المرزوقي أن النظام الجزائري الحالي قديم ومتهالك، وقال: "يجب أن يكون مفهوم الجزائريين أنهم هم المستقبل والتوجه لشعب المواطنين ودولة القانون والمؤسسات، هذه العملية بدأت ولن تتوقف، وهذا النظام هو نظام قديم ومتهالك وسيختفي شيئا فشيئا، وليست له القدرة على التعامل مع هذا الشعب الجديد وبالتالي فهذا النظام بالنسبة لي قضية محسومة وهو منتهٍ وسينتهي فقط مسألة وقت". وأضاف: "إن هؤلاء الشيوخ الذين بقوا بالحكم لأكثر من 50 سنة وبحكم العمر فهم سينقرضون وحتى النظام سينقرض بيولوجيا، كما انقرض سياسيا وأخلاقيا، وفي المقابل عندنا شعب جديد وأجيال جديدة أخذت على عاتقها أن تتحرك وبالتالي فالقضية محسومة. النظام الجزائري تدخل لإسقاط الثورة التونسية واتهم المرزوقي النظام الجزائري بالتآمر على الثورة التونسية، وقال: "خلال ثورتنا كنا أكدنا للحكومة الجزائرية أننا لا نريد التدخل في شؤونكم، إنما نريد أن تكتمل هذه الثورة التونسية في أحسن العلاقات مع بعض، لكنهم تآمروا علينا وكم وضعوا في وجوهنا العراقيل، فقد عانينا كثيرا من النظام الجزائري خلال ثورتنا، فوصلوا إلى درجة أنهم أطلقوا إشاعات عني، حيث قالت المخابرات الجزائرية إنها اكتشفت أن منصف المرزوقي بعدما يخرج من اجتماع المجلس القومي يتصل بجماعات إرهابية عبر هاتف ثريا ويعطيهم معلومات عن أماكن تواجد الجيش التونسي". وأضاف: "نحن لم نتدخل أبدا في شؤون النظام الجزائري لكن وجود ثورة في تونس كان يشكل عليهم خطراً، خاصة أن الشعب الجزائري كان يتابع ويراقب ثورتنا ويعجب بها، نحن استنبطنا ثورتنا من الثورة الفلسطينية". وتابع: "النظام الجزائري عمل على إسقاط ثورتنا وتعامل مع زعيم الثورة المضادة الباجي قايد السبسي، ولم يتعاملوا معي أبداً، إلا بكثير من الحذر، خاصة أنهم كانوا يعتبرونني رجل المغرب وأنا لست كذلك، أنا مع الاتحاد المغاربي"، على حد تعبيره.