لا تزال ظاهرة تزويج القاصرات متفشية في المجتمع المغربي رغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة والمجتمع المدني للحد منها، وهو ما كشفته دراسة للجمعية المغربية لتربية الشبيبة "أميج" أظهرت من خلال المؤشرات والأرقام أن الظاهرة لاتزال في ارتفاع مستمر بالعديد من المناطق على المستوى الوطني، كما كشفت لجوء البعض إلى استغلال مجموعة من الثغرات التي تتضمنها مدونة الأسرة لإجبار الفتاة القاصر على الزواج القسري . وفي هذا الصدد، أكدت الجمعية المغربية لتربية الشبيبة، بمناسبة احتفال المغرب باليوم الوطني للنساء الذي يصادف الذكرى 16 لصدور مدونة الأسرة، أنه منذ 10 أكتوبر 2004 إلى حدود اليوم، وجد المشرع المغربي صعوبة كبيرة في وضع حد لظاهرة تزويج القاصرات، حيث عرفت ظاهرة تزويج الفتيات أقل من 18 سنة ارتفاعا مستمرا ومتزايدا، وفق التقارير الرسمية للدولة وما جاء به تقرير النيابة العامة لسنة 2018 ومجموعة دراسات وأبحاث ميدانية تم إنجازها من طرف الجمعيات الوطنية والمنظمات دولية في هذا الاتجاه . وأشارت الجمعية، في رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة والمؤسسات الوطنية والدولية وفعاليات المجتمع المدني، أن جميع الدراسات والأبحاث العلمية أكدت أن تلك الزيجات لقاصرات لم يكتب لها النجاح لعدة أسباب منها ( التعرض للعنف عدم تحمل المسؤولية مشاكل أسرية عدم دراية بالعلاقة الجنسية ) إضافة إلى الأضرار الصحية التي تلحق بالقاصرات المتزوجات خلال حملهن لأول وفي بعض الحالات يتعرض الرضيع للوفاة داخل منازل القاصرات . وأوضحت الجمعية، التي تقود حاليا حملة تحسيسية بالعالم القروي بجهة فاسمكناس (مولاي يعقوب المهاية صفروتاونات ...) تحت شعار " أنا طفلة وليست عروس" في إطار مشروع تدعمه منظمة إكويتاس الكندية، أن هذه الظاهرة المجتمعية باتت مزعجة. وتسعى الجمعية المغربية لتربية الشبيبة " أميج من خلال هذه الحملة، إلى " توجيه نداء من أجل التعبئة للحد من استمرار تزويج الطفلات القاصرات خاصة والمغرب على مشارف 2021 ، كما أن هذه الممارسة التي أصبحت شائعة خاصة في العالم القروي تعتبر نوعا من أنواع البيدوفيليا المسكوت عنها، وتؤكد أن المكان الطبيعي للفتيات والفتيان هو المدرسة وليس بيت الزوجية . وأمام الوضع المؤسف والمحزن للطفولة المغربية شددت جمعية " أميج " على اصطفافها مع الجمعيات الحقوقية، مطالبة بضرورة احترام المغرب لجميع التزاماته من أجل إعمال اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والعمل على ملاءمة القوانين الوطنية انسجاما مع المواثيق الدولية المصادق عليها . وتدعو الجمعية إلى ضرورة إلغاء الفصل 20 من مدونة الأسرة المغربية، وهو الفصل الذي يعطي الحق للقاضي بقبول طلب تزويج الفتاة القاصر حسب الحالة، والذي يعتبر تحايلًا على القانون وهو الذي يساهم في استمرار ارتفاع حالات تزويج القاصرات، مؤكدة على وضع سياسات وبرامج للحد من هذا المشكل خاصة وأننا أمام ظاهرة ترتبط بعادات ثقافية متوارثة، وهو ما يجعل إشراك جميع الفاعلين المعنيين من وزارات ومؤسسات وجمعيات أمر ضروري حتى يكون هناك تنزيل حقيقي لهذه البرامج وتطبيقها على أرض الواقع .