أكد الممثل السامي لتحالف الأممالمتحدة للحضارات، ميغيل أنخيل موراتينوس، أن أزمة (كوفيد-19) تشكل منعطفا في تاريخ الإنسانية. وقال الرئيس السابق للدبلوماسية الإسبانية، في مقال نشر اليوم الثلاثاء على الموقع الإلكتروني لمعهد أماديوس، "نعيش اليوم واحدة من اللحظات التي تشكل منعطفا في تاريخ الإنسانية"، مبرزا أنه "إذا كان يوم 11 شتنبر 2001 قد غير التوازنات الجيوسياسية العالمية ومعايير الأمن، فإن (كوفيد-19) سيغير من دون شك سلوكاتنا وعلاقاتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية". وأضاف أن هناك العديد من السيناريوهات الممكنة لرسم الطريق التي سيسلكها عالم ما بعد فيروس كورونا المستجد، مبرزا أن أولها يتمثل في أن تظل الأمور على حالها بسيادة منطق "البيزنس" كالعادة. واعتبر أن هذا السيناريو "لا يمكن ولا يجب الإبقاء عليه". السيناريو الثاني، وهو أخطر من سابقه، بحسب موراتينوس، يتمثل في بروز توجه "أناني قومي" يؤدي إلى تعزيز العلاقات أحادية الأطراف مع إغلاق شامل للحدود، وحماية التجارة الوطنية، بحيث يخدم كل بلد مصلحته الخاصة، ونزوع نحو الفردانية "سيجعل منا مجرد أشياء افتراضية واقعة تحت سيطرة فاعلين كبار غير مرئيين يسعون إلى توجيه حيواتنا". أما السيناريو الثالث، وهو السيناريو المأمول، فيتمثل في استغلال هذه الفرصة، وأن تطلق الأممالمتحدة، المؤسسة الشرعية التي يمكنها الاضطلاع بهذه المهمة، تغييرا يقوم على تعزيز دور كبار الفاعلين الذين طالما أثروا على تشكيل الإنسانية. فعلى المستوى السياسي، يقول موراتينوس، سيكون على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة توسيع وإدراج جميع القضايا التي تهدد السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك الجوائح مثل جائحة فيروس كورونا المستجد، مضيفا أنه في المجالين الاقتصادي والمالي، سيكون من المطلوب إعادة النظر في إعلان فيلادلفيا واتفاقية بريتون وودز لسنة 1944، وبلورة إطار جديد أكثر مواءمة للمشاكل الحالية. ودعا الممثل السامي لتحالف الأممالمتحدة للحضارات، من جهة أخرى، إلى فتح للحدود المالية قصد وضع حد للفوارق بين القارات. وقال "يجب أن نفتح حدود التفاهم والتعاون، وأن نقرر سوية ونتحرك مجتمعين"، داعيا إلى عدم إغفال القضايا الثقافية والدينية. وأكد المسؤول الأممي أنه "إذا كنا نسعى إلى مجتمعات مندمجة، يتعين أن نؤسس لتحالف بين الثقافات والحضارات لتقوية الإنسانية"، مشيرا إلى أن عودة خطاب الكراهية والإقصاء تدمر أسس الانسجام الاجتماعي. وخلص السيد موراتينوس إلى أن "كل شيء يشير إلى أن علينا أن نتعبأ لبناء عالم أفضل، من خلال استخلاص الدروس التي يمكن لهذه الأزمة أن تقدمها لنا".