أكد رئيس معهد الاستشراف والأمن بأوروبا، إيمانويل دوبوي، أمس الجمعة بمراكش، أن المغرب يضطلع بدور حاسم داخل الهيئات الدولية المعنية بمحاربة الإرهاب والتطرف، من ضمنها آلية الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي. وأوضح دوبوي، في جلسة حول "النموذج المغربي في الدبلوماسية والدفاع والأمن"، نظمت في إطار الدورة 11 من المؤتمر الدولي "منتدى مراكش للأمن"، أن المغرب "أدرك بشكل مبكر أهمية تطوير التعاون الإقليمي، باعتباره السبيل الأنجع لمحاربة مظاهر التطرف والإرهاب". وأشار إلى أن "المملكة تساهم بشكل فعال في الاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء من خلال تكوين الأئمة الأفارقة"، مركزا في هذا السياق، على "الروابط الدينية والثقافية التي تربط المملكة بعدد من الدول الإفريقية". وأبرز رئيس المعهد المتخصص في قضايا الدفاع والجيوسياسة والجيواقتصاد والجيواستراتيجية، نجاعة المقاربة الأمنية للمغرب خاصة منذ إحداث المعهد المركزي للأبحاث القضائية. واعتبر دوبوي، من جهة أخرى، أن المغرب نجح في محاربة التطرف والإرهاب عبر تحقيق التنمية البشرية والإقلاع الاقتصادي، مشيرا إلى أن معدل النمو الاقتصادي يسير في منحى تصاعدي منذ سنة 2014، مقرونا بإحداث مناصب للشغل وتحسين شروط عيش الساكنة. من جانبه، أبرز رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، السيد محمد بنحمو، "الروابط العميقة والتاريخية، التي تربط ساكنة منطقة الساحل والصحراء بمؤسسة إمارة المؤمنين، حاملة مشعل الإسلام المعتدل والحصن المنيع ضد كل من يطمح إلى مصادرة الفضاء الديني لنشر أفكار مدمرة". وسلط بنحمو الضوء على المقاربة المغربية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، مؤكدا في هذا الإطار، أن هذه الاستراتيجية متعددة الأبعاد استطاعت أن تتصدى لتهديد متصاعد، مضيفا أن هذه المقاربة تقوم على ثلاثة ركائز تشمل البعد الأمني والتنموي وتدبير الحقل الديني. وأوضح أن هذه السياسة الوقائية أثمرت عن نتائج جد إيجابية مكنت من وضع حد للجماعات الإرهابية، وجعلت هذه التجربة محط اهتمام من لدن دول أوروبية وإفريقية، مبرزا الآثار الإيجابية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ودورها في محاربة الفقر والإقصاء وقطع الطريق أمام المتطرفين والإرهابيين الذين يستغلون الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية للساكنة. وبخصوص تدبير الحقل الديني، أشار بنحمو إلى تكوين الأئمة ووضع حد للجماعات المتطرفة التي تستغل الخطاب الديني لأهداف إرهابية، وكذا العمل المكثف على مستوى المناهج المدرسية والإعلام والفضاء السجني. وخلص إلى القول إن "المقاربة المغربية، التي تقدم إجابة شاملة عن ظاهرة التطرف والإرهاب، مكنت المملكة من الارتقاء إلى نموذج في هذا المجال". وتختتم اليوم، أشغال الدورة 11 من المؤتمر الدولي "منتدى مراكش للأمن"، الذي نظم هذه السنة تحت شعار "الحفاظ على استقرار إفريقيا في مواجهة أشكال الإرهاب والتهديدات الشمولية". ويعرف هذا المنتدى حضور أزيد من 150 مشارك رفيع المستوى، ضمنهم مسؤولون مدنيون وعسكريون، ورؤساء منظمات دولية، وأمنيون، وخبراء أفارقة وأمريكيون وأوروبيون وآسيويون، ينحدرون من حوالي 40 بلدا. ويشكل هذا المؤتمر الدولي، المنظم من قبل المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، فضاء للنقاش والتحليل وتبادل الخبرات في هذا المجال. وتسلط دورة هذه السنة الضوء على التجربة المغربية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب، باعتبارها "تجربة غنية وفريدة مشهود لها بالنجاعة على الصعيد العالمي"، نابعة من الأدوار الطلائعية للمغرب كفاعل رئيسي على الساحة الدولية. وينصب النقاش خلال هذا المنتدى على عدد من المواضيع، منها على الخصوص، "الآفاق الاستراتيجية الإفريقية على ضوء التوازنات الهشة (سياق أمني غير مؤكد وطارئ)"، و"الجنوب .. مسرح لحروب الجيل الرابع (أو الحروب الهجينة)"، و"الاستخبار في عهد العولمة والتهديدات الشاملة"، و"الحرب السيبرانية : تهديدات جديدة وجيوسياسية جديدة". كما استعرض المشاركون قضايا أخرى على صلة ب"النموذج المغربي في الدبلوماسية والدفاع والأمن"، و"الساحل في مواجهة خطر الجهاد"، و"بعد النوع .. عنصر للوقاية ومكافحة الطائفية كعامل للتطرف العنيف"، و"الطائفية والتطرف وإرهاب اليمين المتطرف في الغرب".