يفترض في لجنة النموذج التنموي تناول كل المعوقات بكثير من التعمق والبحث عن الحلول المناسبة للنقائص الموجودة على مستوى منظومة الاقتصاد الوطني، عبر تحديد المحاور والمبادئ التوجيهية للاستراتيجية، من خلال تصحيح الاختلالات الاقتصادية بين الجهات، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار والنهوض بالحوار الاجتماعي بما يدعم تنافسية المؤسسات الاقتصادية، وتشجيع الاستثمارات بفعل الشراكة بين القطاع العام والخاص ويرفع من مردودية الاقتصاد الوطني وقدرته على خلق مواطن الشغل اللائق، والارتقاء بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني كركيزة مستقبلية واعدة ذي قدرة على التشغيل عالية، بوضع استراتيجية متكاملة لكل السياسات القطاعية، وتتبنى مقاربة شاملة لكل الأبعاد، خاصة الاقتصادية والمالية والمؤسساتية، والمتعلقة بالميزانية مع إرساء منظومة حكامة بغاية تحقيق هدف إحداث اقتصاد منتج لقيمة مضافة، باعتماد المقاربات المناسبة لبناء سياسات عمومية وطنية قائمة على أساس الحوار الاجتماعي، والعمل على تعزيز قدرات ممثلي الحكومة والشركاء الاجتماعيين في تطوير سياسات التشغيل وتقييمها، والبحث عن سياسات تشغيل جديدة تقوم على التشارك والتوافق بين أطراف الإنتاج الثلاثة في سوق الشغل. وعليه؛ فاللجنة مدعوة لتحديد النموذج التنموي وفق مقاربة تشاركية، بغاية انجاح استراتيجية الإقلاع الشامل، والدخول لمرحلة التنموية، عبر إبداع نموذج تنموي قابل للتطبيق على أرض الواقع. كما أن العمل التشاركي للجنة، مع مختلف الأطراف المعنية، سيكون أحسن ضمانةٍ لترجمةِ ما ستُفضي إليه مُداولات الشركاء وتنزيله على أرض الواقع من أجل صياغة استراتيجية وطنية للإقلاع الاجتماعي قابلة للتنفيذ والدَوام. عبر معالجة المشاكل البنيوية التي أظهرها النموذج التنموي الحالي، خاصة فيما يتعلق بسوق الشغل، الذي لا يزال يُراوح مكانه من حيث العقم والعَجز والهشاشة والإقصاء والتمييز، على اعتبار أن النموذج التنموي الحالي لم يَعُد قادرا على جَلْبِ الاستثمار الخاص، ولا على توفير الشغل اللائق، نظرا للتباين بين الجهات، خاصة المناطق التي تشهد ضعف البنية التحتية وتفكّك النسيج. لهذا فاللجنة مدعوة إلى إبداع نموذج تنموي كفيل بمعالجة المشاكل البنيوية المتمثلة في نهج سياسة صناعية متكاملة تراعي إمكانيّات وطاقات مختلف الجهات والقطاعات؛ ويبعدها عن الهشاشة والحَيف والتمييز في الحقوق، عبر مراجعات جِذْرية ومُعَمَّقَة للمفاهِيم والتصوّرات المألوفة حول العمل والعلاقات الشغلية، ولمناهج التعليم والتأهيل المهني، ولمضامين الحوار الاجتماعي، ودور أطراف الحوار الاجتماعي، بهدف استباق تداعيات التغييرات ومخاطرها، وللتأقلُم مع مقتضياتها وتحويلها الى فُرَصٍ حقيقية للنهوض بالعمل اللائق والدفع نحو المزيد من العدالة الاجتماعية من أجل بلورة الاستراتيجياتِ وسياساتِ تنموية تروم الإحاطة بالعنصر البشري وإحكام العلاقة بين مفهوم تنافسيّة المؤسّسة ومفهوم العمل اللائق عبر ملائمة التشريع الوطني مع معايير العمل الدولية، وبالخصوص في مجال التكوين مدى الحياة ودعم القدرات والكفاءات. لهذا، أعتقد، ختاما، أن لجنة النموذج التنموي ينبغي أن تسلك نهجا تشاركيا يروم تحقيق النجاعة التي من شأنها تطوير الاقتصاد ونموه ودعم المبادرة الاقتصادية وتأهيل محيط الاستثمار.