يعقد المغرب وفرنسا، غدا الخميس بباريس، اجتماعهما الرابع عشر رفيع المستوى، تحت الرئاسة المشتركة لرئيسي الحكومتين، مناسبة للبلدين للمضي قدما في خارطة طريق للسنتين القادمتين و إعطاء زخم جديد لشراكتهما الاستراتيجية المتجددة. وتتميز العلاقات العريقة بين باريس و الرباط بحوار مكثف ومنتظم. كما يحرص البلدان على عقد بانتظام اجتماعات رفيعة المستوى، تعتبر كآلية سياسية مهمة لشراكتهما. وعقد أول لقاء رفيع المستوى بالرباط في دجنبر 1997 ، ومنذ ذلك الحين ، جرى تنظيم 13 دروة لاجتماعات نظمت بالتناوب في المغرب و فرنسا ، تتمحور حول موضوع يتم تحديده مسبقا، والذي يستجيب لتطلعات شراكة ملموسة بين العاصمتين . و كان آخر اجتماع قد عقد بالرباط يومي 15 و 16 نونبر 2017 ، برئاسة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني و الوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب، بمشاركة العديد من وزراء الحكومتين. ومكن هذا اللقاء من إرساء شراكة استثنائية تهم خمسة مجالات استراتيجية : الشباب ، خاصة ما يتعلق بالتربية والتكوين و الادماج في سوق الشغل ، والابتكار كمحرك للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية في سياق اقتصاد معولم أكثر فأكثر، والحركية التي يتعين تعزيزها لفائدة جميع الفاعلين في مجال التعاون الثنائي و محاربة الهجرة غير الشرعية و إفريقيا ،حيث يتطلع المغرب كما فرنسا إلى تطوير مبادراتهما و مشاريعهما المشتركة من أجل تحقيق الاستقرار و التنمية بالقارة، و الجهوية و اللامركزية، التي يتيح لها الإنجازات المحققة في فرنسا و المغرب إطارا متميزا لتطوير التعاون اللامركزي. وتم خلال هذا الاجتماع رفيع المستوى التوقيع على 24 اتفاقية ثنائية همت جالات الشباب و النقل و الابتكار و التعاون اللامركزي و الرقمي و التعليم و الثقافة و البنيات التحتية المينائية. أما الدورة ال14 للاجتماع رفيع المستوى الذي سيعقد غدا الخميس ، فستكون مناسبة للبلدين لتحديد خارطة طريق للسنتين القادمتين . وتسطير التوجهات الكبرى لشراكتهما الاستراتيجية وتعزيزها بآفاق جديدة مبتكرة تطبعها روح الصداقة و الشراكة. فهذه الشراكة الاستثنائية المعززة بآليات متينة، لا تقوم فقط على المصالح المشتركة وإنما أيضا عبر مشاورات استراتيجية و تطابق وجهات النظر حول قضايا مهمة و جوهرية كالهجرة و الأمن و الثقافة و الحكامة و الاقتصاد و البيئية. وشكلت هذه القضايا و أخرى موضوع تنسيق و تشاور مستمر ، خاصة عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب و التطرف و من أجل هجرة قانونية في إطار مقاربة شمولية مع المغرب الملتزم بالنهوض بصورة إسلام السلم و التسامح. كما أن القضايا الكبرى الإقليمية و الدولية تشكل أيضا محور التقاء وجهات النظر وموضوع مشاورات منتظمة بين البلدين. وفي سياق تطبعه تحديات جديدة وطنية و إقليمية و دولية، تركز الرباطوباريس على تجديد علاقاتهما الممتازة المعززة بتعاون اقتصادي و مالي وبدينامية واعدة و تعاون ثقافي و اجتماعي غني يقوم على الأواصر الإنسانية بين البلدين . وتمتح الشراكة الاستثنائية التي تجمع بين المغرب و فرنسا من كثافة قوية للعلاقات الإنسانية عبر جالية مغربية مقيمة في فرنسا و جالية فرنسية ما فتئ عددها يزداد بالمغرب. وأقام البلدان على مر السنين علاقات تجارية و مالية متميزة. وفي هذا السياق، ستكون الشراكة الاقتصادية الممتازة و سبل تعزيزها و إعطائها زخم جديد في صلب منتدى اقتصادي سينظم في إطار الاجتماع الفرنسي –المغربي رفيع المستوى ، و الذي سيعقد في نفس اليوم بجنوب باريس. وسيخصص هذا المنتدى ، الذي سيعقد تحت إشراف جمعية أرباب العمل الفرنسية (ميديف) و الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لرجال الأعمال الفرنسيين و المغاربة. وتتميز العلاقات المغربية- الفرنسية بحوار برلماني قل نظيره لفائدة تطوير العلاقات الثنائية. وتساهم مجموعات الصداقة التي تم إحداثها في توطيد الأواصر بين البلدين. وتعتبر الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ، المغرب كنموذج يحتذى في المنطقة بفضل المسلسل الديمقراطي الذي انخرط فيه و المشاريع التنموية الكبرى و الإصلاحات الجارية. وكان هذا الحوار من جديد في صلب المنتدى البرلماني الرابع المغربي-الفرنسي الذي عقد الجمعة الماضية بالجمعية الوطنية و بمجلس الشيوخ تحت شعار "الدبلوماسية البرلمانية في مواجهة التحديات الكونية". وفي بيان نهائي الذي توج منتداهما البرلماني الرابع ، أبرز البرلمان الفرنسي و نظيره المغربي، أن "البلدين هما شريكان استراتيجيان يتقاسمان مصالح مشتركة في العديد من القضايا الإقليمية و الدولية ". وهكذا فإن الاجتماع ال14 رفيع المستوى يتيح الفرصة للبلدين لإبراز استثنائية علاقتهما على أكثر من مستوى ، علاقة يتعين صونها و تعزيزها لخدمة المصالح مشتركة للرباط و باريس الحريصين على زيادة تنافسيتهما في المجال الاقتصادي وتعزيز سويا قيم الانفتاح و التسامح و الاحترام على الصعيد العالمي.