لعل صفة "الأمين العام المؤقت"، التي أصبحت تطلق على حميد شباط، بدأت تجد مفعولها في صفوف الاستقلاليين الذين تجاوب عدد غير قليل منهم معها، إما من باب التندر أو النكاية ب"الزعيم"، الذي تنتظره مسافة طويلة ليثبت زعامته ل"الحزب العتيد" في المغرب أمام القضاء، في حالة ما إذا تمكن من ربح القضية التي يواجهه فيها مناضلون يطعنون في شرعيته شباط وشرعية من معه من أعضاء القيادة الجديدة لحزب الاستقلال .
وفي محاولة للرد، بل لطمس أثر ومفعول صفة "الأمين العام المؤقت"، أو على الأقل الحد من انتشارها وسط المنتمين للحزب بصفة خاصة، ووسط المواطنين بصفة عامة، تفتقت عبقرية جريدة "العلم" على ابتداع لقب يليق ب"الزعيم"، فأصبحت تطلق عليه اسم "الأستاذ".
هكذا تجد في "العلم" عناوين في صدر صفحتها الأولى مثل: الأستاذ حميد شباط يترأس اجتماع.... أو الأستاذ حميد شباط في لقاء حاشد مع سكان منطقة... أو الأستاذ حميد شباط يستقبل سفير...
والحقيقة أن صفة "الأستاذ" قد غابت منذ زمان، حيث كانت تقترن بأسماء زعماء حقيقيين من طينة علال الفاسي، أبو بكر القادري، عبد الله إبراهيم، المهدي بن بركة، عبد الرحيم بوعبيد، عبد الله إبراهيم، علي يعتة، بنسعيد آيت يدر، امحمد بوستة، عبد الواحد الراضي، وغيرهم . . كما أن هذه التسمية قد غابت مع عمالقة شرفوا الأستاذية أكثر مما شرفتهم، من بينهم على سبيل المثال : المختار السوسي، عبد الله كنون، المهدي بن عبود، محمد عزيز الحبابي، محمد عابد الجابري، عبد الله العروي، أحمد السطاتي، محمد جسوس، فاطمة المرنيسي، محمد سبيلا، محمد زفزاف، مبارك الدريبي، مبارك ربيع، ادريس الخوري، وغيرهم كثير في هذا البلد العظيم .
اليوم، يتبهدل ويبتذل اسم الأستاذ ليتم إطلاق الكلمة على عواهنها، وعلى كل من هب ودب، وكل من "سقط به السقف"؛ حتى أصبح من المفروض أن يتم إطلاق هذا الاسم على كل من تسلل إلى الزعامة أو إلى الصفوف الأمامية .
لاحظوا كم من شخص "يتبندر"، اليوم، في هذه الصفوف وأصبح "أستاذا" و"قياديا" في "رمشة عين"؛ ولاحظوا كم منهم يستحق هذه التسمية ؟
حتى في جريدة "العلم" كان يتم التحفظ كثيرا على إطلاق هذه التسمية في أيام عزها وتوهجها؛ وقتها كان كل حرف وكل كلمة، بل كل نقطة أو فاصلة تأخذ المكان الذي ينبغي أن تكون فيه وليس وضعها كيفما اتفق، وفي أي مكان، فقط لأن المدير أراد ذلك.
لا غرابة أن يطلع علينا، غدا، أي اسم من أي هيئة ويصبح بين عشية وضحاها زعيما من الزعماء وقائدا من القواد.
لا غرابة، اليوم، أن يطلق اسم أستاذ على أي كان فقط لأنه أصبح مسؤولا أو ذا منصب وجاه، أو صاحب كلمة... ولم لا صاحب "جبهة ...صحيحة"؛ "لا يحشم ولا يرمش".
إنه الزمن الذي يسميه العقلاء: الزمن الرديء. ومن علاماته أن كل شيء فيه يتشابه علينا.
كأني بالذين يدورون حول شباط، يريدون أن ينفخوه أكثر من اللازم من دون أن يدركوا- ربما - مغبة ما قد يحصل مع كثرة الانتفاخ. ويقول سادتنا العارفين: الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده.