جدد الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الاربعاء، رفضه لمطالب الحراك الشعبي الجزائري وذلك من خلال تأكيده على أن الانتخابات الرئاسية "ستتم في الآجال المحددة لها"، وذلك رغم الرفض الشعبي لهذا الإجراء الذي يريد نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش، فرضه بالقوة وبطريقة ديكتاتورية. ولتمويه الرأي العام داخل الجزائر وخارجها، ادعى قايد صالح، الحاكم الفعلي بالجزائر، بأن هذا القرار سيتم تنفيذه بفضل ما سماه "قوة إدراك الشعب لخفايا أجندة بعض الأطراف المعروفة التي لا تمت بأي صلة لمصلحته"! وأضاف قايد صالح، في محاولة للهروب إلى الأمام، أن هذه الأجندة التي تتبناها هذه الأطراف قد "أمليت عليها من طرف جهات معادية للجزائر قوامها بذل كل الجهود المغرضة من أجل تعطيل الحل الدستوري، أي تعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية"! وأكد الفريق، في كلمة توجيهية ألقاها في ثاني يوم من زيارته إلى الناحية العسكرية الخامسة، أن إدراك هذه "الأطراف المعادية" بأن إجراء الانتخابات الرئاسية يعني "بداية فتح أبواب الديمقراطية بمفهومها الحقيقي" وهو الأمر الذي "لا يعجب هذه الشرذمة التي تتصرف بمنطق العصابة المتمثل في تطبيق مبدأ التغليط والاختباء وراء شعارات أصبحت اليوم مفضوحة أمام الرأي العام الوطني (...) تتغنى بالديمقراطية من جهة، وتعمل بكل ما في وسعها من أجل عدم بلوغها من جهة أخرى"! كلام قايد صالح عن الديمقراطية واحترام الدستور، لا يمكن أن يقتنع به إلا جاهل بواقع الوضع الجزائري وحقيقة مؤسسة الجيش ودورها في صناعة الرؤساء منذ استيلاء العسكر على الحكم وسرقتهم لاستقلال البلاد عقب انقلاب الهواري بومدين على الحكومة المدنية الانتقالية سنة 1962.. وفي موقف يبعث على الضحك، أشار نائب وزير الدفاع الجزائري إلى أن هؤلاء يعيشون "أزمة حقيقية، وجدوا أنفسهم من خلالها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما القبول بما يفرزه الصندوق وإما العيش بمعزل عن الخيار الشعبي، وتلكم نتيجة لا يتقبلونها إطلاقا"!، وهو كلام كان احرى بقايد صالح ان يوجهه لنفسه، لأن من يوجد اليوم في قلب ازمة خانقة هي مؤسسة الجيش بقيادة "الزعيم أوبو"، الذي لا يرغب في التنحي وترك امور السياسة للمدنيين والعودة إلى الثكنة والقيام بالمهام الموكولة للجيوش في كل الدول الديمقراطية، كما يطالب بذلك الحراك الشعبي منذ انطلاق شرارته يوم 22 فبراير المنصرم، من خلال شعارات "دولة مدنية ماشي عسكرية"، و"قايد صالح ديكاج"، و"لا نريد حكم العسكر"، و"سئمنا من الجنرالات"...إلخ وهي شعارات ترفع كل جمعة على مرأى ومسامع الجميع منذ حوالي شتة اشهر، إلا أن قايد صالح لا يأبه بذلك ويواصل تجاهله لمطالب الجزائريين متحديا بذلك ارادة الشعب الذي يريد الحسم بشكل قاطع مع نظام العسكر الفاسد.. ووصف قايد صالح، البديل الذي ترجوه هذه الأطراف(الحراك الشعبي) ب"عديم الروح عقيم الثمار ومسدود الأفق ويعرض أمن الجزائر واستقرارها إلى مخاطر لا حصر لها"، مذكرا بأن "هذه المخاطر يتصدى لها الجيش الوطني الشعبي بكل حزم وعزم وإرادة لا تلين، ويقف لها بالمرصاد بكل القوة التي يحوز عليها"! ويتضح من خلال هذا الخطاب، أن قايد صالح يرغب في تأزيم الوضع من خلال التأجيج والمواجهة المفتوحة بين الشعب والجيش حتى يتسنى له اعلان الطوارئ بدعوى حالة الاستثناء، ليتمكن من إعادة تدوير النظام العسكري وإخراجه في حلة جديدة لا تختلف عن سابقاتها سوى في الشكل..