إن أعضاء حكومة العثماني في تركيبتها خليط غريب عجيب من التيكنوقراط والسياسيين، الجزء الأكبر غير معروف نسبيا والآخر مجهول تماما حتى للمهتمين. وإن تكريس الجهوية الموسعة و ترسيم اللا تمركز يجعل عدد أعضائها مبالغ فيه، خاصة وأن هناك عدد غير يسير من أعضائها دخلوا للحكومة من منطق الترضيات الحزبية، لا يناسب تكوينهم مع القطاعات الموكولة لهم، مما جعل الشكوك تتناسل منذ تنصيبها وتكثر التساؤلات حول قدرة هؤلاء الوزراء في تنزيل البرنامج الحكومي، المعلن من طرف العثماني، ويكفي هنا العودة إلى سيرهم الذاتية، المنشورة للخروج بخلاصة، كون هذه التشكيلة يصعب عليها العطاء بالشكل الذي تفرضه المرحلة أو حتى في الحد الأدنى المطلوب. و هنا تكفي متابعة طريقة تدبير الملفات الحارقة، من حركات احتجاجية، لنتأكد أن عندنا حكومة بدون قدرة تدبيرية في مواجهة طوفان المشاكل والأزمات، وعجز مطبق عن تحقيق التضامن الحكومي في حده الأدنى، مما يكشف أنها حكومة بدون رئاسة حكومة، قادرة على خلق بوثقة مؤسساتية تذيب الخلافات، وتعزف لحنا واحدا، عنوانه تحمل المسؤولية السياسية والتجرد من التراشقات السياسية والإيديولوجية، والتحلي بقيم رجال الدولة الذين يجعلون مصلحة العليا فوق كل اعتبار. كل وزير تحت قبة البرلمان أو عبر وسائل الإعلامي، كونه منخرط في البرنامج الحكومي، دون أن يكون إعلانه هذا اثر حقيقي على ارض الميدان. رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، باعتباره المسؤول السياسي الأول مدعو الى التحلي بالحس الوطني العالي والاعلان عن تعديل طاقمه الحكومي، بشكل واضح بعيدا عن منطق التسريبات والتسريبات المضادة حول المغادرة الوشيكة لهذا الوزير وقدور اخر، بل ينبغي تعديل هيكلة الحكومة ككل بشكل يجلعها تتماشى بين التوجهات و الطاقم الحكومي. لأن التردد المبالغ فيه يجعل الشلل يغيم على العديد من مرافق الإدارة بانتظار الحسم الرسمي، في الأسماء الحكومية من سيبقى ومن سيغادر. في ظل تراشق سياسي و إعمال لغة رفع الصوت بين الأغلبية الحكومية في الكواليس وخلف الأبواب المغلقة. تحركها دوافع سياسية صارت بمرور الوقت مكشوفة ومعلومة للجميع، بحيث لا منطق، سوى المحاصصة الحكومية يغيب فيها الحس العالي الذي تستحضره دقة المرحلة. إن تنصل بعض أعضاء الحكومة من المسؤولية السياسية أو تقاذفها، برمي الكرة لهذا الفريق أو ذاك، أو هذا القطاع أو ذاك، هو تصور ساذج، لأنه لا يمكن أن يكون هناك وزير ناجح في حكومة فاشلة.