رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعديل ‬الدستوري..‬هل ‬نحن ‬أمام ‬أزمة ‬نصوص ‬أم ‬ضعف ‬للنفوس؟
نشر في لكم يوم 01 - 04 - 2019

في ‬ظل ‬الأزمة ‬التجاذبات ‬السياسية ‬التي ‬تعرفها ‬الحكومة ‬الحالية، ‬جراء ‬التضارب ‬التي ‬تعرفه ‬الأغلبية ‬الى ‬درجة ‬يصعب ‬على ‬المتتبع ‬معرفة ‬من ‬في ‬الحكومة ‬و ‬من ‬في ‬المعارضة، ‬باتت ‬الحديث ‬عن ‬ضرورة ‬الوضوح ‬السياسي، ‬الأمر ‬الذي ‬ولد ‬النقاش ‬حول ‬الدستور، ‬هذا ‬النقاش ‬للأسف، ‬جعل ‬البعض ‬ممن ‬لا ‬يملكون ‬ثقافة ‬دستورية ‬للواجهة، ‬يحدثون ‬بلغة ‬الإزعاج ‬والثرثرة، ‬و ‬يعطون ‬احكام ‬قطعية، ‬عوض ‬الحديث ‬الرزين، ‬الذي ‬يستوجب ‬لغة‮ ‬ ‬الهدوء ‬والرقي ‬بغاية ‬تحريك ‬الجوانب ‬الراقدة. ‬و ‬هنا ‬أقصد ‬المحامي ‬عبد ‬اللطيف ‬وهبي، ‬بأحكام ‬قطعية،‮ ‬ ‬مجانبة ‬للحس ‬العلمي ‬الدستوراني ‬و ‬للرزانة ‬السياسية ‬في ‬التعاطي ‬مع ‬الوثيقة ‬الدستورية، ‬فالمشرع ‬الدستوري ‬وفق ‬الوثيقة ‬الدستورية ‬لسنة ‬2011، ‬عندما ‬خصص ‬لتعديل ‬الدستور‮ ‬ ‬‮ ‬بابا ‬كاملا، ‬‮«‬ ‬الباب ‬الثالث ‬عشر‮ ‬ ‬التي ‬تناول ‬مراجعة ‬الدستور‮»‬ ‬، ‬وقد ‬جعل ‬مبادرة ‬تعديل ‬الدستور ‬من ‬الملك ‬ورئيس ‬الحكومة ‬و ‬البرلمان ‬بغرفتيه، ‬إذ ‬خول ‬لكل ‬من ‬الملك ‬ورئيس ‬الحكومة ‬ولمجلسي ‬النواب ‬والمستشارين، ‬حق ‬اتخاذ ‬المبادرة ‬قصد ‬مراجعة ‬الدستور، ‬وهذا ‬بموجب ‬الفصل ‬172 ‬من ‬دستور ‬2011 ‬بتنصيصه ‬على ‬التالي:‬
للملك ‬ولرئيس ‬الحكومة ‬ولمجلس ‬النواب ‬ولمجلس ‬المستشارين، ‬حق ‬اتخاذ ‬المبادرة ‬قصد ‬مراجعة ‬الدستور. ‬للملك ‬أن ‬يعرض ‬مباشرة ‬على ‬الاستفتاء، ‬المشروع ‬الذي ‬اتخذ ‬المبادرة ‬بشأنه.‬
أما ‬بخصوص ‬رئيس ‬الحكومة ‬الذي ‬خول ‬له ‬الدستور ‬أن ‬يعرض ‬المقترح ‬الذي ‬يتقدم ‬به ‬على ‬المجلس ‬الوزاري، ‬بعد ‬التداول ‬بشأنه، ‬في ‬مجلس ‬الحكومة.‬ ‬بموجب ‬الفصل ‬173.‬
تُعرض ‬مشاريع ‬ومقترحات ‬مراجعة ‬الدستور، ‬بمقتضى ‬ظهير، ‬على ‬الشعب ‬قصد ‬الاستفتاء ‬تكون ‬المراجعة ‬نهائية ‬بعد ‬إقرارها ‬بالاستفتاء.‬
وللملك، ‬بعد ‬استشارة ‬رئيس ‬المحكمة ‬الدستورية، ‬أن ‬يعرض ‬بظهير، ‬على ‬البرلمان، ‬مشروع ‬مراجعة ‬بعض ‬مقتضيات ‬الدستور.‬
ويصادق ‬البرلمان، ‬المنعقد، ‬باستدعاء ‬من ‬الملك، ‬في ‬اجتماع ‬مشترك ‬لمجلسيه، ‬على ‬مشروع ‬هذه ‬المراجعة، ‬بأغلبية ‬ثلثي ‬الأعضاء ‬الذين ‬يتكون ‬منهم.‬
ويتولى ‬النظام ‬الداخلي ‬لمجلس ‬النواب ‬تحديد ‬كيفيات ‬تطبيق ‬هذا ‬المقتضى.‬‮ ‬ ‬تراقب ‬المحكمة ‬الدستورية ‬صحة ‬إجراءات ‬هذه ‬المراجعة، ‬وتعلن ‬نتيجتها. ‬وفق ‬الفصل ‬175‮ ‬ ‬لا ‬يمكن ‬أن ‬تتناول ‬المراجعة ‬الأحكام ‬المتعلقة ‬بالدين ‬الإسلامي، ‬وبالنظام ‬الملكي ‬للدولة، ‬وباختيارها ‬الديمقراطي، ‬وبالمكتسبات ‬في ‬مجال ‬الحريات ‬والحقوق ‬الأساسية ‬المنصوص ‬عليها ‬في ‬هذا ‬الدستور.‬
هذا ‬الأمر ‬يطرح ‬العديد ‬من ‬الملاحظات ‬في ‬الممارسة ‬الدستورية ‬المغربية .‬
الملاحظة ‬الأولى:‬‮ ‬
الجديد ‬في ‬دستور ‬2011 ‬عن ‬باقي ‬التجارب ‬الدستورية ‬المغربية‮ ‬ ‬التي ‬عرفتها ‬المملكة ‬هو ‬أنه ‬بات ‬للملك ‬الحق ‬في ‬عرض ‬تعديل ‬بعض ‬فصول‮ ‬ ‬الدستور ‬على ‬البرلمان، ‬وعند ‬المصادقة ‬عليها ‬من ‬قبل ‬الأخير ‬تصبح ‬سارية ‬المفعول ‬من ‬دون ‬عرضها ‬على ‬الشعب ‬في ‬استفتاء، ‬على ‬أن ‬يتم ‬مراقبتها ‬فقط ‬من ‬قبل ‬المحكمة ‬الدستورية (‬ف174)‬، ‬كما ‬أن ‬للملك ‬أن ‬يعرض ‬على ‬الاستفتاء ‬الشعبي ‬مشروع ‬مراجعة ‬البنود ‬الدستورية ‬التي ‬من ‬شأنها ‬الحد ‬من ‬صلاحيات ‬هذا ‬البرلمان.‬
و ‬سند ‬هذا ‬الحق ‬في ‬تقديرنا ‬هو‮ ‬ ‬كون ‬الملك ‬هو ‬الممثل ‬الأسمى ‬للأمة ‬المغربية.‬
الملاحظة ‬الثانية، ‬التعديل ‬من ‬طرف ‬رئيس ‬الحكومة:‬
لرئيس ‬الحكومة ‬بدوره ‬حق ‬اتخاذ‮ ‬ ‬مبادرة ‬تعديل ‬الدستور، ‬لكن ‬بشكليات ‬و ‬شروط ‬أوجبها ‬المشرع ‬الدستوري، ‬إذ ‬أن ‬مبادرة ‬رئيس ‬الحكومة ‬لتعديل ‬الدستور ‬تستوجب ‬لزوما، ‬وبالضرورة، ‬أن ‬تمرر ‬مبادرته ‬في ‬مراجعة ‬الدستور ‬عبر ‬المجلس ‬الوزاري ‬وفق‮ ‬ ‬الفقرة ‬الأخيرة ‬من ‬الفصل ‬173 ‬التي ‬تنص ‬على ‬وجوب ‬أن ‬يعرض ‬‮«‬المقترح ‬الذي ‬يتقدم ‬به ‬رئيس ‬الحكومة ‬على ‬المجلس ‬الوزاري ‬الذي ‬يرأسه ‬الملك، ‬بعد ‬أن ‬تكون ‬الحكومة ‬تداولت‮ ‬ ‬بشأنه ‬في ‬مجلس ‬الحكومة‮»‬.‬
وهنا ‬ينبغي ‬الإشارة ‬على ‬أن ‬جميع ‬مبادرات ‬مراجعة ‬الدستور ‬يجب ‬أن ‬تُطرح ‬للاستفتاء ‬الشعبي ‬عبر ‬ظهير ‬ملكي.‬
الملاحظة ‬الثالثة ‬البرلمان ‬و ‬مبادرة ‬تعديل ‬الدستور:‬
صحيح ‬أن ‬الدستور ‬خول ‬للبرلمان ‬بغرفتيه ‬القيام ‬بمبادرة ‬تعديل ‬الدستور ‬لكن ‬ألزم ‬هذه ‬المبادرة ‬بمجموعة ‬من ‬القيود ‬الضروري ‬توفرها ‬بغية ‬الموافقة ‬على ‬مقترح ‬مراجعة ‬الدستور ‬الذي ‬يتقدم ‬به ‬عضو ‬أو ‬أكثر ‬من ‬أعضاء ‬أحد ‬مجلسي ‬البرلمان، ‬إلا ‬بتصويت ‬أغلبية ‬ثلثي ‬الأعضاء، ‬الذين ‬يتألف ‬منهم ‬المجلس. ‬وهو ‬المقترح ‬الذي ‬يحال ‬على ‬المجلس ‬الآخر، ‬الذي ‬يوافق ‬عليه ‬بنفس ‬أغلبية ‬ثلثي ‬الأعضاء ‬الذين ‬يتألف ‬منهم‮»‬ (‬ف ‬173)‬، ‬وإلزام ‬عرض ‬مبادرة ‬رئيس ‬الحكومة ‬على ‬المجلس ‬الوزاري، ‬واشتراط ‬ ‬لعرض ‬مشاريع ‬ومقترحات ‬مراجعة ‬الدستور ‬على ‬الاستفتاء ‬ ‬الموافقة ‬الملكية ‬عبر ‬ظهير.‬
إن ‬النقاش ‬حول ‬تعديل ‬الدستور ‬هو ‬نقاش ‬فرضته ‬الاختلالات ‬التي ‬باتت ‬تعرفها ‬الحكومة، ‬من ‬خلال ‬بروز ‬ظاهرة ‬ثابتة ‬مند ‬أول ‬حكومة ‬في ‬دستور ‬2011، ‬إلى ‬اليوم ‬وهي ‬التنصل ‬من ‬المسؤولية ‬السياسية، ‬و ‬تقاذفها ‬بين ‬الأغلبية ‬الحكومية، ‬والذي ‬يجعل ‬العمل ‬الحكومي ‬غير ‬واضح، ‬من ‬خلال ‬بروز ‬أزمات ‬بين ‬الفينة ‬والأخرى، ‬تصل ‬إلى ‬درجة ‬التراشقات ‬بين ‬أطرافها، ‬والتي ‬تحد ‬من ‬الثقة ‬في ‬الحكومة، ‬و ‬تؤثر ‬على ‬فاعليتها ‬في ‬مباشرة ‬مهامها ‬المنوطة ‬بها ‬دستوريا، ‬مما ‬يطرح ‬السؤال ‬حول ‬السبل ‬الكفيلة ‬لتقييم ‬التجربة ‬الدستورية ‬وهل ‬نحن ‬أمام ‬أزمة ‬نصوص ‬أم ‬ضعف ‬في ‬النفوس.‬؟!‬
هنا ‬نستحضر ‬طبيعة ‬البنية ‬السياسية ‬و ‬الديمغرافية، ‬في ‬مجتمع ‬كالمجتمع ‬المغربي ‬الذي ‬قوامه ‬التنوع ‬والتعدد ‬بما ‬يحتم ‬التدبير ‬عبر ‬آلية ‬التوافق، ‬غير ‬أن ‬هذا ‬النوع ‬من ‬التدبير ‬يفتقد ‬إلى ‬رجال ‬دولة، ‬مما ‬جعل ‬التحالف ‬الحكومي ‬الحالي ‬يبتعد ‬عن ‬نبل ‬التوافق ‬الذي ‬غايته ‬المصلحة ‬الوطنية ‬لنسقط ‬في ‬مزاد ‬المحاصصة ‬الحزبية.‬
هذا ‬الوضع ‬يقوي ‬الطرح ‬الداعي ‬إلي ‬ضرورة ‬توضيح ‬الفراغات ‬في ‬النصوص ‬الدستورية ‬وذلك ‬على ‬أساس ‬تقييم ‬التداعيات ‬الجانبية ‬التي ‬أظهرتها ‬التجربة، ‬وإن ‬كان ‬البعض ‬يذهب ‬إلى ‬كون ‬الموضوع ‬يستلزم ‬فقط ‬إصلاحا ‬سياسيا، ‬من ‬خلال ‬مراجعة ‬لنمط ‬الانتخاب ‬المعتمد ‬القائم ‬على ‬التمثيل ‬النسبي، ‬الذي ‬أفرز ‬تكتلات ‬حزبية ‬بدون ‬أساس ‬إيديولوجي ‬ولا ‬برنامج ‬تدبيري، ‬مما ‬يجعل ‬الحكومة ‬مهددة‮ ‬ ‬في ‬كل ‬لحظة ‬بالانفجار ‬من ‬الداخل ‬بسبب ‬المزايدة ‬والصراع ‬المحتدم ‬في ‬تقسيم ‬المغانم ‬الحكومية، ‬وطغيان ‬منطق‮ ‬ ‬المحاباة ‬والترضيات ‬على ‬حساب ‬الكفاءة ‬والاستحقاق ‬سواء ‬عملية ‬اختيار ‬أعضاء ‬الحكومة ‬أو ‬المسؤولين ‬في ‬مناصب ‬عليا.. ‬وهو ‬ما ‬أدى ‬إلى ‬وجود ‬حكومة ‬مقسمة ‬إلى ‬أرخبيلات ‬حزبية‮ ‬ ‬فاقدة ‬للدعم ‬السياسي.‬
في ‬المقابل، ‬هناك ‬شبه ‬إجماع ‬على ‬ضرورة ‬الإصلاح ‬لكون ‬استمرارية ‬هذا ‬الوضع ‬يطرح ‬أكثر ‬من ‬إشكال ‬بسبب ‬حدة ‬تأثير ‬الاضطرابات ‬السياسية ‬والاقتصادية ‬والاجتماعية، ‬في ‬ظل‮ ‬ ‬تنامي ‬طابع ‬المحاصصة ‬في‮ ‬ ‬هذه ‬الحكومة ‬وهو ‬ما ‬يفرض ‬وقفة ‬تأمل‮ ‬ ‬والتساؤل ‬عن ‬ما ‬العمل؟
وبين ‬هذا ‬الاتجاه ‬وذاك ‬فإن ‬هناك ‬ضرورة ‬الشروع ‬في ‬مسألة ‬التجربة ‬ولإنضاجها ‬في ‬أفق ‬2021 ‬يكون ‬قدمر ‬عقد ‬على ‬اعتماد ‬دستور ‬2011، ‬لاكتمال ‬الجاهزية ‬لإدخال ‬تعديلات ‬دستورية ‬وتغيير ‬النظام ‬نمط ‬الاقتراع ‬في ‬الانتخابات ‬التشريعية ‬المقبلة ‬المقررة ‬سنة ‬2021.‬
وهذا ‬يقود ‬إلى ‬حتمية ‬تغيير ‬نظام ‬الاقتراع، ‬إذ ‬أن ‬نقطة ‬ضعف ‬الدستور ‬2011 ‬لم ‬تكن ‬واضحة ‬و ‬ضرورة ‬تغيير ‬الفصل ‬47‮ ‬ ‬الذي ‬جعل ‬تعيين ‬رئيس ‬الحكومة ‬من ‬الحزب ‬الأول ‬مما ‬يجعل ‬الحكومة ‬هجينة ‬والتحالفات ‬جد ‬معقّدة، ‬وقابلة ‬لفرز ‬الأزمات ‬ومكلفة ‬جدا. ‬وهذا ‬الأمر ‬يجعل ‬الحكومة ‬ضعيفة ‬وتسود ‬معه ‬الضبابية ‬مما ‬يعقد ‬تنزيل ‬مبدأ ‬ربط ‬المسؤولية ‬بالمحاسبة، ‬و ‬هو ‬ما ‬يعطي‮ ‬ ‬للعملية ‬الانتخابية ‬معنى ‬شكلي.‬
إن ‬المشرع ‬البرلماني ‬مدعو ‬إذن ‬إلى ‬تقليص ‬عدد ‬مقاعد ‬مجلس ‬نواب ‬النواب‮ ‬ ‬لسنة ‬2021، ‬في ‬اتجاه ‬يتماشى ‬ونسبة ‬السكان ‬بشكل ‬يتلائم ‬مع ‬الجهوية ‬المتقدمة ‬على ‬أن ‬لا ‬يتعدى ‬عدد ‬المقاعد ‬300، ‬وتغيير ‬طريقة ‬الاقتراع ‬من ‬خلال ‬إقرار ‬طريقة ‬الاقتراع‮ ‬ ‬الأغلبيي ‬الفردي ‬في ‬دورتين ‬هذه ‬الطريقة ‬ستبسط ‬المشهد ‬السياسي، ‬وتسمح ‬لحزب ‬أن ‬يفوز ‬بالأغلبية ‬المطلقة ‬والقضاء ‬على ‬تكاثر ‬الأحزاب ‬وتعددها، ‬وحسن ‬التصرف ‬في ‬المال ‬العام..‬ ‬وضرورة‮ ‬ ‬تعديل ‬النظام ‬الانتخابي ‬هذا ‬بفرض ‬التوجه ‬إلى ‬إدخال ‬تعديلات ‬على ‬دستور ‬2011. ‬وبالتالي ‬فالتجربة ‬السياسية ‬مدعوة ‬اليوم ‬لطرح ‬المسألة ‬بغية ‬إغناء ‬التراكم ‬المحقق، ‬وتحقيق ‬منجزات ‬نوعية ‬لها ‬أثر ‬كبير ‬في ‬واقع ‬المغاربة ‬وفي ‬إعطاء ‬بلدهم ‬صورة ‬لشكل ‬مجال ‬الإصلاح ‬السياسي ‬كحقل ‬خصب ‬لتكريس ‬التطلع ‬الوطني ‬الجماعي ‬إلى ‬صياغة ‬تجربة ‬ديمقراطية ‬تعددية ‬تستمد ‬هويتها ‬ومفرداتها ‬من ‬الواقع ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬، ‬ومطامح ‬نخبها ‬المسيَّسة ‬والمبدعة ‬في ‬تفاعل ‬متواصل ‬مع ‬مكاسب ‬الديمقراطية ‬المحققة‮ ‬ ‬في ‬عهد ‬االعولمة ‬التي ‬قربت ‬المسافات ‬وجعل ‬الحدود ‬الجغرافية ‬التقليدية ‬غير ‬ذات ‬معنى.‬
وبعد ‬ثمان ‬سنوات ‬من ‬المصادقة ‬على ‬دستور ‬فان ‬تقييمه ‬يعد ‬ضرورة، ‬خاصة ‬وأن ‬سياق ‬اعتماد ‬دستور ‬2011، ‬كان ‬استثنائيا ‬على ‬اعتبار ‬الحراك ‬الإقليمي، ‬وقد ‬حاول ‬الدستور ‬التوفيق ‬بين ‬مختلف ‬التيارات ‬بوضع ‬المبادئ ‬الأساسية ‬وترك ‬التنزيل ‬للتفاعلات ‬السياسية، ‬وهذا ‬ما ‬يفسر ‬كثرة ‬الإحالة ‬على ‬القوانين ‬التنظيمية،التي ‬يمكن ‬الجزم ‬بكونها ‬لا ‬تجري ‬بفلسفة‮ ‬ ‬الدستور، ‬إذ ‬اتجهت ‬الممارسة ‬مع ‬حكومة ‬بنكيران ‬إلى ‬تبني ‬ما ‬يمكن ‬تسميته ‬بالتأويل ‬الأبوي ‬للدستوري ‬في ‬سعي ‬منه ‬لتحقيق ‬الثقة ‬على ‬حساب ‬التأويل ‬الديمقراطي ‬للدستور.‬
و ‬الملاحظة ‬الرابعة،‮ ‬ ‬حولة ‬هل ‬الحاجة ‬ملحة ‬لتعديل ‬الفصل ‬47 ‬؟‮ ‬
لقد، ‬طرح ‬مضمون ‬الفصل ‬47‮ ‬ ‬بحدة ‬إبان ‬مرحلة ‬البلوكاج ‬لكون ‬المشرع ‬الدستوري ‬بسبب ‬عدم ‬تنصيصه ‬على ‬السيناريوهات ‬في ‬حالة ‬عجز ‬رئيس ‬المكلف ‬من ‬طرف ‬الملك ‬في ‬الحصول ‬على ‬الأغلبية ‬لينال ‬التنصيب ‬في ‬مجلس ‬النواب، ‬والتي ‬جعلت ‬تضارب ‬في ‬الاجتهادات، ‬ناهيك ‬عن ‬كون ‬الدستور ‬لم ‬يحدد ‬فترة ‬زمنية ‬القصوى ‬بعد ‬تعيين ‬رئيس ‬الحكومة ‬من ‬طرف ‬الملك ‬و ‬في ‬حالة ‬عجز ‬عن ‬تشكيل ‬الأغلبية ‬كيفية ‬المرور ‬للحزب ‬الثاني ‬والثالث ‬كلها ‬توضيحات ‬تفرض ‬صياغتها، ‬لكون ‬فترة ‬إبن ‬كيران ‬أوضحت ‬بأن ‬هناك ‬هدر ‬للزمن ‬الدستور. ‬و ‬افرزت‮ ‬ ‬مبررات ‬تستوجب، ‬توضيح ‬الفراغات‮ ‬ ‬وجعل ‬الوثيقة ‬الدستورية ‬قادرة ‬على ‬تديير ‬الأزمات ‬السياسية ‬عبر ‬توضيح ‬كنه ‬فصول ‬الدستور، ‬و ‬تعطي ‬الإستقرار ‬المؤسساتي‮ ‬ ‬الدولة، ‬وتضمن ‬استمرارية ‬الدولة، ‬لذلك ‬فإن ‬النقاش ‬حول ‬الفصل47، ‬هو ‬نقاش ‬إيجابي ‬يكرس ‬المكاسب ‬ويقوي ‬الاختيار ‬الديمقراطي ‬ومن ‬شأنه ‬المساهمة ‬في ‬إفراز ‬حكومة ‬قوية ‬ومتفاعلة ‬ومتضامنة ‬ومتحملة ‬لمسؤوليتها ‬السياسية.‬‮ ‬
و ‬مهما ‬كانت ‬دوافع ‬نعتبر ‬ان ‬فتح‮ ‬ ‬النقاش ‬حول‮ ‬ ‬الدستوري ‬يعد ‬إيجابيا، ‬و ‬يمكن ‬أن ‬يشكل ‬تعديل ‬الدستور ‬على ‬الأمد ‬المتوسط ‬بعد ‬استحقاقات ‬2021 ‬إجراء ‬يفرض ‬ذاته ‬لتقسيم ‬التجربة ‬الديمقراطية ‬ككل ‬وضمان ‬التجدد ‬الديمقراطي ‬ومواجهة ‬الاختلال ‬وتخطيط ‬الفراغات ‬وتداعيات ‬التشكل ‬القيصري ‬للحكومة ‬العثماني ‬التي ‬تتشكل ‬على ‬أساس ‬‮«‬الترضيات ‬الجزبية‮»‬ ‬وقاعدة ‬كبير ‬من ‬الأحزاب ‬تضم ‬6 ‬أحزاب ‬دون ‬أن ‬تحظى ‬بالقوة ‬السياسية ‬والانسجام ‬المطلوبان، ‬وهذا ‬التكتل ‬لم ‬يستغل ‬في ‬اتجاه ‬توافق ‬يجسد ‬التغيير ‬ويسارع ‬نحو ‬تنزيل ‬المخطط ‬الاجتماعي ‬وتدارك ‬الهدر ‬في ‬الزمن ‬الدستوري ‬والسياسي..‬
لهذا ‬فان ‬السياق ‬يقتضي ‬إدخال ‬تعديلات ‬دستورية، ‬تهم ‬الدستور ‬ونمط ‬الاقتراع،من ‬أجل ‬مواجهة ‬الصعوبات ‬وتحقيق ‬الوضوح ‬السياسي، ‬وتجاوز ‬فخاخ ‬مرحلة ‬تشكيل ‬الحكومة ‬والآن ‬مدعو ‬إلى ‬التسلح ‬بالإرادة ‬السياسية ‬والحسم ‬والسعي ‬إلى ‬التجديد ‬والتغيير ‬والسعي ‬نحو ‬تشكيل ‬نخبة ‬حكومية ‬تمتاز ‬بالكفاءة ‬ونكران ‬الذات ‬والمصالح ‬الضيقة، ‬ارتكازا ‬على ‬قاعدة ‬السعي ‬لكسب ‬ثقة ‬المواطن ‬المغربي ‬وإعادة ‬الأمل ‬في ‬إمكانية ‬إخراج ‬البلاد ‬من ‬المأزق ‬الراهن ‬وتقديم ‬الأهم ‬على ‬المهم ‬بناء ‬على ‬برنامج ‬تفصيلي ‬معقلن ‬وجريء ‬قابل ‬للتطبيق ‬وفقا ‬لخطوات ‬مدروسة ‬وهو ‬ما ‬يجعل ‬المسار ‬السياسي ‬الحالي ‬برمّته ‬إزاء ‬سيناريوهات ‬مفتوحة ‬على ‬احتمالات ‬شتّى ‬وسط ‬حقل ‬من ‬الألغام ‬التي ‬تتهدّد ‬مستقبل ‬البلاد ‬وخيار ‬الديمقراطية.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.