بين الفينة والأخرى يعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عن تفكيك خلية إرهابية، والمراقب غير الدقيق يظهر له تشابه الخلايا التي يتم تفكيكها، لكن التحري والغوص في خلفيات كل خلية يبين أن التنظيمات الإرهابية تتطور بشكل كبير، وتغير من أساليبها، وعلى رأسها تنظيم داعش، الذي يعيش لحظاته الأخيرة بكل من سوريا والعراق ويبحث عن مواقع أقدام أخرى سواء في بؤر التوتر مثل ليبيا، واليمن أو في البلدان التي شكلت عائقا في وجهه وحرمته من "الموارد البشرية" مثل المغرب. اليوم أعلن المكتب المركزي عن تفكيك خلية إرهابية بكل من الراشيدية وتنغير، تضم ثلاثة أشخاص. وأعلن هؤلاء الموقوفون البيعة لداعش وكانوا يستعدون لتنفيذ مخططات إرهابية، لكن الجديد في الموجة الإخيرة من الإرهاب الداعشي، هو أن هذه الخلية كانت تحاول استقطاب عناصر جديدة ليس من أجل تنفيذ عملية معزولة ولكن من أجل التأسيس لمشروع إرهابي كبير. التركيز على المناطق البعيدة من المركز والمعروفة بطابعها الصحراوي، محاولة لاستئناف مشروع ميت يهتم أساسا بالبوادي والصحاري، التي ينمو فيها بسرعة، ولهذا تعتبر الضربة التي وجهتها الديستي لهذه الخلية نوعية، ناهيك عن كونها ضربة استيباقية جنبت المواطنين المغاربة ويلات التنظيم الإرهابي، الأكثر وحشية من بين نظرائه في القتل بناء على نظرية "إدارة التوحش" وهي كتاب لأبي بكر ناجي، يوصي بالإيغال في القتل حتى يتم إدخال الرعب في نفوس الجميع. لكن، يبدو أنه التنظيم يضم فقط الأغبياء والحاقدين، ولو كان فيه حاذقون وأذكياء لعلموا أن المغرب بفضل يقظة الأجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة الإرهاب، عقد العزم منذ زمان طويل على التصدي لكل موجة إرهابية، إذ ما أن تشرع التنظيمات الإرهابية في تطوير أدواتها حتى تكون الأجهزة الأمنية قد أعدت العدة لضربها في المهد قبل العبور إلى التنفيذ، بدليل أن عدد العمليات الإرهابية التي وقعت في المغرب تعتبر نقطة في بحر الإرهاب الذي قضى عليه المغرب، يعني أن ما تم تسجيله من حوادث إرهابية ضعيف بالمقارنة مع حجم الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها. الخلية التي تم تفكيكها اليوم، ورغم قلة عددها، تعتبر خطيرة جدا بحكم كونها شرعت في محاولات استقطاب شباب في إطار مفهوم "تكثير السواد"، الذي يلتقي بسواد داعش ويخلق الدمار والخراب، لكن في هذا البلد عيون ساهرة على أمن وأمان البلاد حريصة على استقراره مؤكدة العزم على التصدي لكل العناصر الإرهابية والمتطرفة. وبهذه العملية النوعية، تكون المصالح الأمنية المغربية قد برهنت مرة أخرى عن مهنيتها وكفاءتها العالية في مجال مكافحة الإرهاب وتفكيك الخلايا المتطرفة بشكل استيباقي، جعلت المنتظم الدولي يقف لها إجلالا واحتراما، ودفعت العديد من الدول إلى طلب مساعدتها والإستفادة من تجربتها في الميدان..