رغم المجهودات الجبارة التي تبذلها الأجهزة الأمنية في محاربة الظاهرة الإرهابية، يبقى المغرب معرضا لخطر الهجمات التكفيرية، باعتباره أحد أكبر الدول التي تمكنت من شن حرب لا هوادة فيها ضد التنظيمات الجهادية. وبالتالي يستمر الكفاح ضد "الخوارج" الجدد. هذا ما كشفت عنه العملية التي تمت صباح اليوم ببني ملال، حيث تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك خلية موالية لتنظيم داعش، المنهار في الشرق والباحث عن مواقع في بلدان أخرى. وتحول التنظيم من التركيز على التسليح إلى البناء الإيديولوجي الصلب، إذ تم حجز أجهزة إلكترونية وكتب ومنشورات تكفيرية تحرض على تبني منهج داعش وتدعو للعنف والقتل، لأن هذه الوسائل تُمكن التنظيم من الإنتشار، تبعا لما جاء في منهج الجماعة الإرهابية ووفق ما ورد في كتاب "إدارة التوحش" لأبي محمد السوري. الخلية الجديدة تفيد أن تحولا نوعيا شرع التنظيم في تنفيذه على أرض المغرب، حيث لم يعد يتبنى فكر الخلايا المنعزلة، ولكن حاول الانتقال إلى الاستقطاب الكبير لتجنيد الشباب واستقطابهم، من أجل تبني مبادئهم المتطرفة بالموازاة مع التحريض لتنفيذ اعتداءات تستهدف المخالفين لنهجهم المتشدد، وهو ما يشكل مسا خطيرا بالأمن العام وسلامة المواطنين. ومنذ أن تلقى تنظيم البغدادي ضربات قوية بسوريا والعراق وهو يبحث عن مواقع أقدام بالمغرب، لأنه إذا تمكن من إشغال المغرب بعمليات هنا وهناك انفتحت له الأبواب بالمغرب العربي ومنطقة الساحل، حيث لا توجد أجهزة لها خبرات كافية للقضاء عليه أو محاربته، بينما يتمتع الجهاز الأمني المكلف بمحاربة الإرهاب في المغرب بكفاءات عالية وخبرات متميزة في هذا المجال، بوّأته مكانة عليا في المنتظم الدولي وأصبح المغرب محط أنظار كل البلدان، التي تسعى إلى الاستفادة من طرق وأساليب محاربة التطرف والإرهاب. ويعاني تنظيم داعش من عقدة اسمها المغرب لأنه البلد الوحيد الذي أغلق عليه صنبور تدفق المقاتلين، من خلال الضربات الاستباقية، التي وجهها لعدد من الخلايا الإرهابية، ومن خلال التعديلات القانونية، التي همت قانون مكافحة الإرهاب حيث أصبح الذهاب إلى بؤر التوتر للقتال إلى جانب الجماعات الإرهابية جريمة كما أن الإشادة بالفعل الإرهابي جريمة أيضا.