انتشرت موجة جديدة من العنف بدافع كراهية الأجانب، الأسبوع الماضي، في جنوب إفريقيا، لتطفو إلى سطح الساحة السياسية من جديد، قضية اندماج الأجانب، لاسيما مواطني إفريقيا جنوب الصحراء، في بلد نيلسون مانديلا. ففي دوربان، عاصمة إقليم "كوازولو ناتال" وثالث أكبر مدن البلاد، تعرض مواطنون أفارقة للمهاجمة والطرد من منازلهم ونهب تجارتهم. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر لقطات خطيرة حول أعمال العنف المرتكبة من طرف مجموعات مندفعة وغاضبة. ولم يتأخر رد دول إفريقية إزاء هذه الأحداث، مشيرة بالبنان إلى توجهات بعض الأحزاب السياسية التي توظف قضية الهجرة لتحقيق مكاسب انتخابية بمناسبة الانتخابات العامة المزمع تنظيمها في البلاد يوم تاسع ماي المقبل. ويعد إقليم "كوازولو ناتال" إحدى المعاقل المنيعة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي (الحاكم منذ 1994). ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، يشهد الإقليم استقطابا حادا بين الجماعات المنافسة للحزب الحاكم. وعبرت حكومة زامبيا، على لسان سفيرها ببريتوريا إيمانويل موامبا، عن انشغالها إزاء أحداث العنف بمنطقة دوربان، مؤكدة أن لوساكا تتابع عن كثب وضعية مواطنيها ومواطني الدول الإفريقية الأخرى في جنوب إفريقيا. ودعا حكومة بريتوريا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف وضع حد لهذه الأعمل العدائية، والأحزاب السياسية إلى تغليب صوت الحكمة والعقل والنأي عن الإدلاء بتصريحات من شأنها أن تهدد وضعية المواطنين الأفارقة الأجانب بجنوب إفريقيا. بدوره، دعا سفير مالاوي غلوريا باموسي، السلطات الأمنية إلى حماية مواطني إفريقيا بالبلاد. من جهته، طمأن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامابوزا، الذي يقود حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، من هذه الأعمال، منددا بأعمال العنف التي تحركها كراهية الأجانب. وعبرت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون، لينديوي سيسولو، عن "انشغالها العميق" إزاء هذا العنف، داعية مصالح الأمن إلى التحرك من أجل وضع حد لهذه الأعمال التي "تشكل مسا خطيرا بصورة جنوب إفريقيا في القارة الإفريقية"، على حد تعبيرها. وقالت الوزيرة إنه "لا ينبغي التسامح مع هذه الأنشطة الإجرامية وأعمال النهب". ويتفشى العنف ضد المهاجرين في جنوب إفريقيا، التي تستضيف ملايين الأجانب من جميع أنحاء القارة، أغلبهم بشكل غير قانوني. وفي سنة 2015، لقي سبعة أشخاص مصرعهم في عمليات نهب للشركات المملوكة لأجانب في جوهانسبورغ ودوربان. كما أسفرت أعمال الشغب بدافع كره الأجانب في سنة 2008 عن مقتل 62 شخصا. وفي مواجهة أزمة اقتصادية خطيرة، تتسم بمعدلات عالية من البطالة والفقر، غالبا ما يتهم الجنوب إفريقيون المهاجرين، ولا سيما الأفارقة، بسرقة وظائفهم النادرة في الأصل.