تساءل معهد الدراسات الأمنية المرموق (اي اس اس) الذي يوجد مقره ببريتوريا، اليوم الجمعة، عن مدى مصداقية ما يسمى بمؤتمر "التضامن" مع الجمهورية الصحراوية المزعومة، الذي انعقد يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في بريتوريا، متسائلا أيضا عما إذا كان هذا اللقاء مجرد "تمرين في البلاغة" يجتر خطابا متجاوزا يعود إلى عهد بائد. ونقل هذا المعهد عن دبلوماسي سابق من جنوب إفريقيا إقراره بأن المؤتمر، الذي اشتركت في تنظيمه جنوب إفريقيا وناميبيا في إطار مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية، شوش على مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية هورست كولر و"زاد من تعقيدها" في مسعاه لإيجاد حل يستند إلى المحددات الواضحة التي وضعها مجلس الأمن. وأبرز المعهد أن"حنين حركات التحرر في إفريقيا الجنوبية إلى ماضيها النضالي ضد قوى الاستعمار الأوروبية كان ملموسا في مؤتمر بريتوريا". وبعد أن ذكر بحضور حركات تحرر سابقة في المؤتمر، وصفت مجموعة التفكير الدعم الذي عبرت عنه مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية لانفصاليي "البوليساريو" بأنه "كان فاترا نوعا ما". وأضاف المركز أن دولتين من بين الدول ال 16 الأعضاء في مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية غابتا عن اللقاء، وهما جزر القمر ومدغشقر، مشيرا إلى أن مدغشقر فضلت إرسال وزيرها في الشؤون الخارجية إلى المؤتمر الذي انعقد الاثنين الماضي في مراكش، حول موضوع "الدعم المقدم من الاتحاد الإفريقي للمسار السياسي للأمم المتحدة بشأن الخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية". وسجل معهد الدراسات الأمنية أن لقاء مراكش كان هدفه بوضوح إبراز الدعم المتزايد للقارة الإفريقية للموقف المشروع للمغرب، والمتمثل في أن قضية الصحراء يجب أن تترك للأمم المتحدة، فيما تدخل مؤتمر بريتوريا في القضية بمحاولته إرساء مسار مواز، مضيفا أن تخلف مدغشقر عن المؤتمر دفع بمسؤول جنوب إفريقي إلى التهديد بوقف المساعدات التي تمنحها بلاده إلى أنتاناناريفو. وبالفعل، فبعد فشل مؤتمرها الصوري، حثت وزارة العلاقات الخارجية والتعاون بجنوب إفريقيا مديرها العام المكلف بإفريقيا، كزوليسا ماكايا، على تهديد مدغشقر مباشرة، بإعلانه أن بريتوريا "تعتزم مطالبة مدغشقر بتسديد مساعدة بقيمة 30 مليون راند منحتها جنوب إفريقيا لهذا البلد من أجل تنظيم انتخابات 2018". وتؤكد خرجة هذا المسؤول، بحسب رأي المحللين، هذه "الصورة التوسعية" لجنوب إفريقيا في علاقتها بجوارها، سواء الإقليمي أو القاري. وذكر معهد الدراسات الأمنية، من جهة أخرى، بالمشاركة الضعيفة التي طبعت مؤتمر بريتوريا، والذي دعت إليه جنوب إفريقيا دولا من قارات أخرى ككوبا وفنزويلا ونيكاراغوا. وسجل المعهد أنه لسوء حظ مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية، تميز مؤتمر مراكش بمعدل مشاركة أقوى بلغ 37 دولة إفريقية، مشيرا إلى أن هذه المشاركة القوية للدول الإفريقية ليست بالمفاجئة. وأضاف أن سبعة أعضاء من مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية هم أنغولا ومدغشقر وزامبيا ومالاوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا وإسواتيني، كانوا من بين المشاركين في مؤتمر مراكش. ونقل معهد الدراسات الأمنية عن وزير الأشغال العامة لإسواتيني كريستيان نتشانكاز تأكيده بأن مؤتمر مراكش كان مفيدا أكثر من نظيره في بريتوريا، قائلا "نعتقد أن مؤتمر مراكش هو المؤتمر الذي قد يساعد الأممالمتحدة في إيجاد حل دائم وسلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الوحدة الترابية للمغرب". وتساءل معهد الدراسات الأمنية، في هذا السياق، ما إذا كان عمل مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية سيكون فعالا أمام الدعم القوي الذي يحظى به المغرب، وهو دعم تعزز منذ عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي.