شكل عميل الصحافة الإسبانية اينياسيو سمبريرو مفارقة غريبة الأطوار، بل ونوعا من البلاهة، فالرجل الذي كان صديقا حميما للمغرب إبان عهد إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق، تحول بقدرة قادر إلى عدو لذوذ، لكن الحديث عن الصداقة يطرح أكثر من سؤال، لأن الرجل لم يكن صديقا للمغرب، فقد كان يأكل من مائدة الدولة، لكن هذا المخبر الإعلامي لم يكن يمارس سوى هوايته المفضلة في ابتزاز المغرب، وهي الهواية التي مكنته من الحصول على أموال طائلة وكثير من الإمتيازات مقابل خدمات لم يكن يقوم بها أبدا، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. في تلك الفترة سعى سمبريرو بكل ما أوتي من قوة إلى استغلال علاقته بالبصري من أجل التقرب من السلطات المغربية، وفي كل مرة كان يتم الإغداق عليه بالأموال والهدايا، وكأنه يحمل سكينا لذبح المعرب، لكن وفجأة انقلب كل شيء بعد رحيل البصري، تم إغلاق كل الأبواب في وجه سمبريرو، ولم يعد هناك مجال لمزيد من الإبتزاز، وفي كل مرة كان يطرق فيها أحد الأبواب يجده موصدا، فما كان منه إلا أن غير الوجهة، نحو الصحافة الإسبانية المعادية للمغرب، والتي دأبت خلال كل مناسبة يكسب فيها المغرب رهانا ديمقراطيا على إفتعال هجمة من هجماتها الدينكوشوتية المعروفة حتى أنها أصبحت معتادة على التطرق لثلاث ملفات الحشيش والارهاب والهجرة السرية بمساعدة من سمبريرو وعدد من أعوانه في مقدمتهم علي المرابط أحد ذيول المخابرات الإسبانية، وقد عمل سمبريرو الذي لعق أحذية المسؤولين المغاربة قبل أن ينقلب 180 درجة ويضع نفسه رهن إشارة الصحافة الإسبانية المعادية التي لا تأل جهدا في تصيد هفوات المغرب الوهمية بدعم من الحقير سمبريرو.
و لم يعد المغرب يثق كثيرا في الحكومة الإسبانية وفي ردود فعلها، لأنها أصبحت تنصاع إلى رغبات اللوبي المعادي للمغرب، ومحاباتها للرأي العام الإسباني الموجه من قبل الصحافة المتشددة، جعل كل تدخلات حكومة مدريد تسير في اتجاه معاكسة مصالح المغرب، كما أن مواقفها تبدو متذبذبة وغير مستقرة، وهو ما خلق نوعا من الشك والإرتياب تحول بمرور الوقت إلى نفاق سياسي، و مادامت الحكومة الإسبانية لم تعلن حسن نواياها اتجاه المغرب، وتعيد ترتيب أوراقها، بشكل يجعلها تبتعد عن تأثيرات الصحافة الإسبانية المعادية، فإن أي تحسن في العلاقات بين البلدين سيكون من قبيل الأحلام.
لقد فضلت إسبانيا منذ سنين أن تمارس لعبة القط والفأر في علاقتها بالمغرب، لذلك لا تتردد في تغيير لهجتها كلما وجدت أن مصالحها تتطلب ذلك، كما أنها تغازل اللوبي المتطرف في وقت تشد الخناق على المغرب وتستغل أمثال سمبريرو في إثارة الفتنة وابتزاز المغرب في كثير من الأحيان.