لا للسمسرة على حساب صحة الإنسان .لا لتعامل بعض المستشفيات مع المريض بمنطق الصفقة الطبية أو التجارية. برغم أن سيطرة لوبيات بعينها على قطاع الصحة العمومي بالمغرب حوله إلى مجال للسمسرة على حساب صحة الإنسان وهو أمر يخالف القانون ويستوجب الانتفاضة الشعبية والرسمية ضد تلك اللوبيات و المتلاعبين بالحق العام ، إلا إن عدم الجرأة لدى الكثير من المواطنين على فضح المتورطين والكشف عنهم ،و طرح الموضوع و مناقشة الظاهرة بصوت مسموع أدى إلى التسليم بالوضع القائم رغم سلبيته . ومع مرور الوقت ، تحول هذا التسليم الخاطئ إلى ما يشبه الواجب بأحقية هذه اللوبيات “اللاصحية ” أخلاقيا في تلك السيطرة مما أعطى للقطاع الصحي وتدبيره الفاسد فرصة حقيقية للنزول بالمغرب الى أسفل الدرجات . وعلى الرغم من كل ما قيل وسيقال حول ظاهرة توجيه المرضى إلى عيادات خاصة في ظروف خاصة أو تحت تأثير نفسي صعب أو إلى مختبرات بعينها أو صيدليات ذات صلة دموية أو بقرابة عائلية أو غيرها، فإننا مقتنعون كمغاربة أولا وكمواطنين ثانيا إن لدى الجهات الوصية من الدوافع والمبررات والموارد ما يمكنها من السيطرة على الوضع وضبطه وتصحيحه بما يفيد المجتمع ويرقيه ، شريطة استغلال هذه الدوافع والموارد على أحسن وجه وترشيد استغلالها على أساس إدراك عميق للمواطنة الحقة وللحق العمومي في العلاج والتعليم والسكن والشغل إلى غير ذلك . رحلة البحث عن المصداقية في الخدمات الطبية أو ما يمكن أن نسميه الصحة العمومية على الطريقة المغربية هي مقاربة سطحية للشأن الصحي ببلادنا نتوقف من خلالها عند ظاهرة يلفها الكثير من الغموض يتعلق الأمر بظاهرة توجيه المرضى إلى مصحات أو مختبرات أو صيدليات بعينها حيث استشرت هذه الممارسات وباتت النموذج المحتدى. لابد أن تكتمل الحلقة ؟ فاطمة (36 سنة ) عرف جهازها الهضمي تدهورا كبيرا ، وزارت عددا من الأطباء والمستشفيات داخل فاس وخارجه ، ولم تتبين الأسباب الحقيقية للمرض ، وظل الألم نفسه يعصرها والطبيب العام يحيلها على الطبيب الخاص ، ومن فحص بالأشعة إلى سكا نير ، وباتت الفحوصات والتحاليل المخبرية و صور الأشعة والايكوغرافات وكليشيهات الراديو السوداء من كل الأحجام تؤثث بيتها وعلب الدواء تتقافز هنا وهناك ، واستمرت فاطمة على هذا الوضع المقلق الكئيب لمدة ثلاث سنوات حتى هزلت وكادت تنتهي ، لولا أن واحدا من هؤلاء المخلصين لقسم ابقراط أرشدها للمرة الأولى . واستقرت صحتها لتنتهي قصتها ، ورغم أن طبيبها الأول كان مقتنعا أن فاطمة تعاني من حساسية تجاه نوع محدد من الأكل ، إذ بمجرد الالتزام بحمية محددة والابتعاد عن تلك المادة يوجد احتمال تحسن صحتها ،فإنه رجح احتمالا آخر ، فزوجته هي الأخرى فتحت عيادة للفحص بالأشعة ولابد أن تكتمل الحلقة ، أما السؤال الصادم ، هو هل كان لا بد من أن تصرف فاطمة كل مدخراتها وترفع حجم معاملات الأطباء في البنوك ، بل وتؤدي جزء غير قليل من مصاريف الأطباء والممرضين من صحتها وعرق جبينها ؟؟؟؟ ” س م” أنجزت تحاليل وصفها طبيب مختص في الأعصاب شهر غشت من السنة الماضية ، وحينما اطلع عليها ، قال بالحرف إن هذه الأشعة لا تطابق معاييري لأنها لطبيب اسمه فلان...وأنا يقول الطبيب” اعرف ذاك الطبيب .....” مضيفا ” لا ..لا... “عوديلي هدا التحاليل لكن من عند فلان ...” لتكتشف “س م” في النهاية أن الطبيب أرسلها إلى مختبر زوجته، وألح على إجراء التحاليل بمختبر صهره ، ولياسمينة بادو في وزارتها شؤون . السرير 124 لم يدر في خلد “ ل. م ” انه سينام على سرير في الغرفة 124 في مصحة خصوصية ثمن الليلة بها يتجاوز 3000 آلاف درهم ، كل ما حصل ويتذكره بحسرة أن عجلات سيارة مجنونة حملته على وجه السرعة رفقة زوجته المذهولة من مستعجلات مستشفى عمومي قريب من مقر إقامته إلى مكان مجهول تحت وطأة مغص كلوي حاد . ” وميمون ل ” لمن لا يدري رجل بسيط يعمل حارسا مساعدا بأحد المستودعات الليلية بأقل من خمسين درهما في اليوم ، لكن زوجته وفي ظل حالة الخوف والدهشة قدمته للطبيب العمومي لذي فحصه أول مرة، أنه مدير وصاحب مستودع ، مما حذا بهذا الأخير إلى إرساله عن سوء نية بعد هاتفين مطمئنين إلى إحدى المصحات بالمدينةالجديدة. والنتيجة إثقال كاهل الأسرة بمصاريف فاقت قدرته وأدت إلى مضاعفة الخطر. هذا مع إن جناح أمراض الكلي بالمستشفى عصري وحديث. ضعف الرقابة مسؤولا مركزيا في الكارثة والواقع انه ومنذ أمد بعيد يعرف القطاع الصحي بالمدينة بشقيه الخاص والعام ممارسات ومسلكيات غريبة اقل ما يقال في شانها أنها غير صحية تماما، ويخشى المواطنون إن استمرت الحال على ما هو عليه أن يستبعد مفهوم الصحة العمومية تماما من نطاق التداول العام ، وربما يصل الأمر إلى عدم القدرة على نطق هذه الكلمات حتى في المجالس الرسمية في ظل المسلكيات الغريبة المترسخة الآن وهنا ، والضاربة بأطنابها في القطاع الصحي بجميع شعبه وتخصصاته. خصوصا أن ضعف الرقابة والرصد من قبل الحكومة يعد مسؤولاً رئيسيًا عن هذه المخالفات الخطيرة التي أصبح القطاع الصحي يعاني من ويلاتها . الغرفة 22 مناسبة هذا الكلام حالات كثير أبرزها زيارتي لصديق يرقد الآن في مصحة خاصة لا يعلم عن تفاصيل الإقامة بها شيئا ، زرت المصحة ظهرا برفقة صديقين وأحد أقارب المريض .وبمجرد ما دلفت باب الغرفة 22 صدمني مشهد لم أتعوده ، كان الصديق قد تعرف علي للوهلة الأولى ، لكنه بدأ يتوسل إلي راجيا مني الإنابة عنه في عملية تحر وبحث دقيقين بصفتي صحفيا حول ظروف وملابسات تواجده بالمصحة ، مؤكدا ضرورة موافاته باسم المصحة ومالكها وشروط العلاج والمبلغ المحتمل أداؤه ، مستعجلا مني إجراءات الخروج مادامت حالته الصحية مستقرة . وفيما نحن نتجاذب أطراف الحديث فاجأتنا ممرضة قائلة ” لحظة من فضلكم.. زيارة الطبيب” . مكثت لحظة أستجمع شتات الموقف، وتقافزت إلى ذهني العديد من الأسئلة المدهشة والغريبة ، وبت في حيرة من أمري ، كيف يطلب مني فلان اسم المصحة وهو الذي اختارها بشكل أو بآخر ؟ هل يتعلق الأمر بوعكة نفسية تفقد المريض ذاكرته فيهذي بكلام لا منطق فيه ؟ وبينما تستبد بي الحيرة لمحت زوجة الصديق المريض قادمة بخطوات حزينة ومنكبية ، وانجلت حيرتي لحظة وأنا أخاطبها سيدتي .. زوجك طلب مني اسم الطبيب المعالج واسم المصحة وفاتورة العلاج والتحاليل وووو هل لي أن اعرف يجري ..ثم هل فاتحك في الأمر ؟ فكانت الصدمة أقوى ، السيدة نفسها لا تعلم ما جرى .. هل مستشفى “كوكار” لا وجود فيه لطبيب لكلاوي؟؟؟؟؟؟؟؟ . وضعت ” ف ل” كيسا كانت تحمله وبدا عليها الإرهاق تنهدت ثم قالت” سيدي أنا بدوري لا أعلم شيئا عما جرى كل ما في الأمر ، أن زوجي أحس بمغص شديد على الجانبين ، وطلب مني أن أنادي سيارة الإسعاف ، وبعد ساعة وصل الإسعاف ، وتوجهنا إلى مستشفى ابن الخطيب ، كانت الساعة تقارب 11 ليلا ، ولأن الفاتورة أولا، ثم كشف بسيط فيما بعد عبارة عن بضع أسئلة حول السبب.. وكم مضى من الوقت وأنت تشعر بالألم ؟ أقنعنا مسئول صحي بخطورة الوضع وعلينا أن نتوجه على وجه السرعة إلى الدكتور فلان المتخصص والمعروف بكفاءته في معالجة الكلي ، ولم يمهلنا لحظة حتى كانت سيارة تقف بباب المستعجلات ، لم نستوعب الموقف ، كان الألم يعصر زوجي والخطورة تزداد ، والأمل في استقرار صحته وهو المعيل الوحيد يتقلص ووضعيتي النفسية تزداد تأزما ، خاصة أن أكبر أولادي في الثامنة وغدا المدرسة على الثامنة، ولا مال لدي، حتى إنني اقترضت من البقال 200 درهم من أجل درء مصاريف الإسعاف وأداء فاتورة الفحص الأولي ، وما هي إلا لحظة حتى وجدنا أ نفسنا بباب إحدى المصحات ، حيت تم استقبالنا بسرعة وتحديد غرفة وتم إجراء كشف فوري وقياس درجة حرارة والضغط والقيام ببعض الإسعافات التي تمكن من خلالها زوجي من حصول بعض الاستقرار في صحته ، وحال ذلك توجهت إلى المنزل كي اضبط مواعيد الأطفال وأقوم بالمتعين ، وأنا الآن للمرة الثانية هنا بعد يومين. واستطردت قبل أن تغادر “ دعني أسألك سيدي ولا ديرها مني قلة الصواب “ هل مستشفى “كوكار” ابن الخطيب لا وجود فيه لطبيب لكلاوي؟؟؟؟؟؟؟؟ . طبيعة الأداء بالمصحات الخاصة افضع بكثير أما ” صديقنا فلم يهدأ له بال حتى تعرف على اسم المصحة و فاتورة العلاج ، ولم ينس إلحاحه على المغادرة في اقرب فرصة وطلب من الطبيب الترخيص له للخروج، لأن العلاج بمنزله في مثل حالاته يكفي، وذاك ماحصل ، أما الفاتورة فتجاوزت 5000الاف درهم سيقترضها دون شك ، وستؤدى قبل الخروج من المصحة نقدا . لأنه مقتنع باستحالة الرحمة ونذرتها في واقع لا يرحم ، ومدرك لطبيعة التعامل مع المصحات الخاصة فيما يتعلق بالأداء، وهي على كل حال أفضع بكثير مما نعرفه أحيانا ، وهو لا زال يذكر كيف طالبت إحدى المصحات أسرة بأداء فاتورة العلاج بعد إجراء عمليات جراحية غير ناجحة بكل تفاصيلها ، رغم أن المريض التحق بالرفيق الأعلى قبل أن يدب البنج في عروقه. الظاهرة عنف من نوع خاص هذه الحالة وغيرها تطرح مشكلة توجيه المرضى إلى مصحات أو صيدليات أو مختبرات بعينها من غير إن يكون للمريض رأي خاص. وتشكل عنفا من نوع آخر مع الأسف نسجل عدم إدراج بعض ملفاته أمام القضاء ، حيث تسجل و تتابع فيها بعض المصحات الخاصة او المستشفيات التابعة للدولة على خرقها المتعمد لأصول المهنة ولتجاوزاتها أو المؤسسات التعليمية التي يتورط بعض الأساتذة فيها بممارسات لا تربوية من حيت إلزامية الساعات الإضافية رغم كونها نصبا واحتيالا في معظم الحالات. وما بين اللهث وراء مراكمة الأموال والزيادة المطردة في عدد المصحات الخصوصية والتقليص المتعمد لنجاعة الخدمات الطبية الحكومية ، تقل كفاءة الطبيب وتنعكس سلباً على صحة المريض وتنقل البلد إلى حضيض الدرجات في سلم التنمية البشرية. في التعليم كما في الطب ومهن أخرى يقسم أطباء ويؤدون القسم الابقراطي الشهير على اعتماد النزاهة مع مرضاهم ، إلا أن هامش الربح يعمي أبصارهم ويحول الجشع البعض منهم إلى كائنات انتهازية بنظارت وكمامة لكن بلا ضمير وحوش آدمية تنهش لحوم مرضاها حتى وهي كائنات محمولة لاحول لها ولا قوة . وبالمقابل رغم القسم لي كيحلفو به الأطباء يستشري الظاهرة في أوساط البعض ، ويكشف الواقع عن حجم الاستغلال في القطاع الصحي ، وتكرس المحسوبية والانتهازية واستغلال النفوذ في التعليم كما في الصحة ....حتى عم الفساد البر والبحر. أطباء اقسموا لكن؟؟ أدوا اليمين القانوني وأقسموا على تكريس مبدإ النزاهة والإنسانية أولا . لكن الجشع دخل على الخط فجعلهم طائفتين الأولى تعمل بضمير وشرف، مخلصة لضميرها والقسم الابقراطي الشهير والثانية دفعة لئيمة تخرج منها سماسرة ورجال أعمال وعقاريون بنظارات ووزرات بيضاء .والسبب طمع الطبيب وجشعه ورغبته في امتلاك الإقامات والفيلات وإدارة الضيعات وحيازة الهكتارات وخوض الانتخابات . إن ظاهرة تحويل المرضى تجارة في عالم الطب أضحت قضية شائكة تلقي بظلالها السوداء على الصحة العمومية . وتشير أصابع الاتهام واضحة إلى بعض الأطباء الذين يحولون الشرف إلى نخاسة . والحال أن واقعنا المريض يكشف حالات مرضية حد الجنون ” طبيب يمارس مهنة إنسانية من أشرف المهن ، تحول إلى تاجر يتقاضى عمولة مقابل وصف أدوية معينة لا حاجة للمريض لها ، بهدف تسويق أنواع محددة من الأدوية لصالح الشركات التي تنتجها” أو بسبب رفع مبيعات صيدلية بعينها والسؤال المطروح ” هل بات هذا السلوك جزء من مهنة الصيدلة ؟ أليس الأمر يتعلق في نهاية المطاف ب”تجار محترفون، يعملون في ، عبر جمع أكبر قدر ممكن من المال، فيرجحون التحليلات الطبية التي لا يكون لها دواع في معظم الأحيان، ويصفون أدوية غير ضرورية، وأحيانً يصل الأمر إلى إلحاح محموم لعملية جراحية من الممكن تفاديها ؟؟؟؟ لا وجود لورم خبيث أما الأستاذ “كم “ فيقول ” المريض عندنا في المدينة يكاد يكون فأر تجارب ” في صفة إنسان ، ويورد قصة زوجته 45 سنة التي توجهت كعادتها كل شهرين لإجراء فحوصات قصد الاطمئنان على صحتها، وكانت تعاني من نوبات عصبية ، لكن طبيبا نساء ، كشف بمكتبه عن ضرورة إجراء عملية لنزع الرحم محتملا وجود ورم خبيث به ، أصيبت الأسرة بكارثة حقيقية ، لكن الزوجة لم يهدأ لها بال ، وتفرغت بشكل كلي للعلاج والمتابعة وذهبت تستقصي وتتحرى الأمر في مستشفيات المدينة وخارجها وتبحث عن أطباء اختصاصيين حاملة معها حزمة صور الأشعة والفحوصات حيثما حلت وارتحلت . الأسرة عاشت أسوأ شهور حياتها، يقول الزوج ، لكن في النهاية قابلت طبيبا بضمير أجرى لها فحوصات جديدة فكانت النتيجة. لا وجود لأي ورم خبيث . وجاء الاستقرار النفسي والعائلي الذي افتقدناه طويلا ، لكن ، تم التكتم الشديد حول الأمر ليظل طي الكتمان .يمكن القول أن الأطباء ذوي الضمائر الحية موجودون ، على حدّ قول الزوج ، وعن الجشع و التجارة في عالم الصحة موجودان أيضا ، فقط على المريض أن يتحلى بالوعي وان يكون مدركاً أننا في عصر تطغى فيه التجارة على الأخلاق ، في كل القطاعات والخدمات العمومية ، وبالتالي لا يكفي أن نستشير طبيباً واحداً قبل إجراء أي عملية خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمسألة خطيرة ،” إذ أن الحياة غالية ومن المؤسف أن تقع ضحية خطأ طبي”. ميكرو طروطوار . صورة أستاذة رشيدة لكعوب مارأيك في ظاهرة تحويل المرضى إلى مختبرات أو مصحات معينة وهل تعرفين حالة تتصل بالظاهرة؟ “طبيبة متخصصة في الروماتيزم في الرباط طلبت مني إجراء تحاليل وكشوفات طبية، وكنت قد نسقت مع أختي التي تشغل إدارة مختبر على انجاز تلك التحاليل مع هامش التخفيض العائلي ، إلا أن صدمتي كانت شديدة حيث طلب مني الطبيبة المعالجة إجراء الكشوفات لدى مختبر معين سلمتني اسمه وعنوانه والهاتف سواء تعلق الأمر بالراديو و الأشعة والتحاليل . فما كان مني سوى الرضوخ للأمر الواقع ، واعتقد إنني مذنبة ، لقد استشرت هذه الممارسات التي تتحكم فيها عقليات انتهازية في كثير من القطاعات وأقساها وأبشعها قطاع الصحة ، وهذه الممارسات المخجلة التي ينغل بها الواقع الصحي تغني البعض، وتجعله يراكم الملايين، بأقل تكلفة والضحية في كل الأحوال هو المريض