نشرت جريدة الراية القطرية موضوعا هاما " تحت عنوان " روبوتات بلا حدود " مبرزة ميزتها حينما يُسخَّر العلم خدمة للعمل الإنساني ، الموضوع الذي أعده كر يم المالكي عن مجلة الصليب الأحمر الدولي يتطرق للظاهرة العلمية من محاور عدة ، بدا من كيفية إعداد الروبوتات للوصول إلى أماكن صعبة للغاية أو خطيرة بالنسبة للبشر، كما يستشرف مستقبل واعدًا للروبوتات العاملة في مجال المساعدات الإنسانية، حيث تساعد روبوتات (الرعاية) كبار السن على الاستلقاء أو الخروج من السرير، ويتساءل المقال فيما إذا كان الناس سيتقبلون ويثقون بمساعدة تأتيهم عبر طائرات بدون طيار أو أجهزة آلية ؟ حيث برزت خدمات طائرات بدون طيار في الآونة الأخيرة ، وبدأت تلعب دورًا كبيرًا في إغاثة المتضررين أثناء الكوارث
إعداد " عزيز باكوش * تعمل اليابان على تطوير روبوتات قوية بقدمين تتحمّل العمل في البيئات القاسية يقول البعض إن "روبوتات بلا حدود" ستُحدِث ثورة حقيقية في طريقة تقديم المساعدات الإنسانية إلى من هم بحاجة إليها، لكن في هذه الحال، هل سيشكل خروج العنصر "الإنساني"، أي الإنسان، من أعمال المساعدة "الإنسانية" خطرًا ما؟، الجواب يمكن أن نصل إليه لو تخيَّلنا زلزالًا في قرية جبلية نائية، حيث تقطّعت السُبل للوصول إليها، والطريقة الوحيدة لجلب الإمدادات هي السير على الأقدام عبر ممر جبلي خطير. حينها من الأفضل أن نحافظ على حياة الإنسان. وثم لنتخيَّل أن هناك مساعدًا عبارة عن "روبوت رباعي الأرجل"، بحجم كلب كبير، قادرًا على التنقل في أرض وعرة، وقادرًا على المساعدة في حمل ونقل الإمدادات والوصول إلى المكان الذي تريد إيصال المساعدة إليه، حينها من الممكن القول بأن "روبوتات بلا حدود" سوف تفتح صفحة جديدة في عالم المساعدات الإنسانية وتُحدِث الثورة التي بات يتوقعها الكثيرون. تبدو فكرة لَعِب الروبوتات دورًا مهمًا في الاستجابة لحالات الطوارئ بعيدة الاحتمال اليوم بالنسبة للعديد من العاملين في المنظمات الإنسانية، بل تبدو وكأنها فكرة ملائمة للخيال العلمي أكثر من واقع العمل الإنساني. لكن البعض يرى مستقبلًا واعدًا للروبوتات العاملة في المساعدات الإنسانية، وأن هذه الفكرة لم تعد بعيدة المنال. يقول روبرت ريتشاردسون، خبير الروبوتات في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة: (ربما نرى في غضون السنوات ال 20 المقبلة أنظمة تكون بمثابة مساعدات، تستعمل خلال الاستجابة الإنسانية دون أن تحل محل البشر تمامًا، تعمل في أماكن قاتلة. تأمل (ربيغ دوغ) جيدًا الروبوت رباعي الأرجل الذي تم تطويره من قبل شركة بوسطن دايناميكس في الولاياتالمتحدة، فالنسخة الحالية صاخبة ومخيفة نوعًا ما ومحدودة المدى، ولكنه قادر على الصعود إلى التلال المنحدرة في الثلج كما يمكنه تصحيح وضعه إذا ما أُلقِي أرضًا. وهذا مثال واحد فقط، فهناك العديد من الكائنات الآلية التي تم ابتكارها وبإمكانها أن تقوم بالمشي أو الزحف أو الالتفاف أو الطيران وحتى السباحة. وقد تمَّ إعداد معظم هذه الروبوتات للوصول إلى أماكن صعبة للغاية أو خطيرة بالنسبة للبشر: (إلى داخل البراكين للتنبؤ بالثورة المبكرة للبركان أو داخل ميادين القتال أو في المياه العميقة. وفي أي نقطة في المحيطات حول العالم تقوم الطائرات اليعسوبية (بدون طيار) تحت الماء – التي تشغلها جامعة "رتغرز" في الولاياتالمتحدة – بتتبع درجات حرارة المحيطات والتيارات التي يمكن أن تساعد على التنبؤ بشدة العواصف. وفي الوقت نفسه تعمل شركات على تطوير طائرة بدون طيّار للإسعاف يتم التحكم بها عن بُعد وهي مُصمّمة لإجلاء الجنود خلال عمليات القتال العنيفة. ولا تُعد فكرة استخدام الروبوتات في العمل الإنساني فكرة جديدة على الإطلاق، حيث تم استخدامها سابقًا لسنوات عديدة في تعطيل القنابل والألغام الأرضية، وقد بدأت الطائرات بدون طيّار في الآونة الأخيرة بلَعِب دور كبير في الإغاثة أثناء الكوارث، كما استخدمت طائرات هليكوبتر بدون طيّار تعمل ببطارية صغيرة لتفقّد الأضرار والتقاط الصور وإظهار آثار الدمار للعالم أثناء إعصار "هايان" في الفلبين. حدود التكنولوجيا لا تزال الحدود التكنولوجية والمالية تقف عائقًا أمام التطبيق العملي لهذه الفكرة في مناطق الكوارث حتى الآن. وبعد الزلزال وتسونامي الذي دمّر شمال شرق اليابان في مارس2011، وأدى إلى تعطيل محطة الطاقة النووية، تم استخدام روبوتات الاستطلاع المصنوعة في اليابانوالولاياتالمتحدة، للبحث عن المشاكل الكيميائية أو البيولوجية أو الإشعاعية، وفقًا لتقرير الاتحاد العالمي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر للكوارث العالمية لعام 2013. ومع ذلك، فإن العديد من الروبوتات التي تم نشرها لا يمكن استخدامها لفترة طويلة، حيث إن كمية الحُطام والمستويات العالية من الإشعاع سريعًا ما تجعل هذه الأجهزة غير صالحة للعمل. وتعمل اليابان على تطوير الروبوتات القوية المتنقلة ذات القدمين، التي يمكن أن تتحمّل مثل هذه البيئات القاسية، بينما عَرَضت وكالة الأبحاث العسكرية للولايات المتحدة جائزة قدرها 2 مليون دولار، للشركات التي تتمكن من تصميم وبناء روبوت قادر على أن يحل محل عمّال الإنقاذ في حالات الكوارث، مثل فوكوشيما. وهناك قيود أخرى حول الطائرات بدون طيّار حيث يقول ريتشاردسون: "في المركبات الجوية بدون طيّار الأصغر حجمًا، يتعلق الموضوع برمته بطاقة البطارية، ويتم التحرّك بدقة كبيرة فيما يتعلق بالطيران من النقطة (أ) إلى النقطة (ب). ولكن عندما نطرق موضوع نقل الأشياء من مكان إلى آخر، تغدو المسألة مختلفة للغاية". إن التقدّم في تكنولوجيا النانو يُساعد على جعل الكاميرات والرقائق متناهية الصغر و"الدارات" أصغر وأصغر. ولكن الأدوات التي قد تكون مفيدة مثل (أجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء، أو أجهزة الرؤية الليلية) لا تزال تعتبر حتى الآن غير عملية بسبب حجمها ووزنها وتكلفتها. يقول الخبراء: إنه من الأرجح أن الأسواق الاستهلاكية، كقطاع صناعة الألعاب، هي التي ستحقق تخفيضًا في تكاليف الإنتاج من خلال وفورات الإنتاج الكبير. وكما يرى أنصار هذه الروبوتات، فإنه عندما يتم اختراق الحواجز التكنولوجية وحواجز التكاليف، يمكن أن تكون المزايا التي تحققها في العمل الإنساني هائلة للغاية. إذ يمكن أن تعمل الأجهزة الآلية هذه بلا كلل ودون نوم، وتقوم برفع الأوزان الثقيلة، كما أنها تتحمّل درجات الحرارة العالية. روبوتات لحفظ حياة الإنسان وفي الوقت نفسه يؤدي التقدّم في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو: قدرة الكمبيوتر على التفكير والرؤية لتحديد الأشياء وفهم بيئتها، إلى تطوير السيارات التي تقود نفسها، و(الروبوتات الزراعية) القادرة على جني المحاصيل، وحتى امتلاك لمسة إنسانية، ففي اليابان – البلد الرائد في قطاع الروبوتات الصناعية- تساعد روبوتات (الرعاية) كبار السن أو المرضى على الاستلقاء أو الخروج من السرير وحتى توفير الراحة العاطفية. ولكن الروبوتات تثير تساؤلات خطيرة تتعلق بالأغراض الإنسانية أيضًا، فإذا تم إرسال الطائرات بدون طيار أو الروبوتات، لإجراء تقييمات أو تقديم المساعدات في الأماكن التي تشكل خطرًا كبيرًا على العاملين في المجال الإنساني، فهل يمكن لذلك أن يقوِّض الفكرة القائلة إن العاملين من الآدميين الأحياء في المجال الإنساني ينبغي أن يكونوا قادرين على الوصول بأمان إلى من يحتاج إلى المساعدة ؟ وكيف ستؤثر هذه الروبوتات على القرارات التي يتخذها البشر الذين يسيطرون عليها ؟، فقد تسمح الطائرات بدون طيّار والروبوتات بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية، ولكن هل يمكن أن تؤدي أيضًا إلى الاستخدام المفرط للعمل من خلال التحكم عن بُعد، حيث تحل جولة من طائرة بدون طيّار محل التدخل الإنساني المباشر؟. المقبولية قادمة وهل سيتقبّل الناس مساعدة تأتيهم عبر طائرات بدون طيّار أو أجهزة آلية ويثقون بها، سيَّما وأن من يقوم بتوجيه هذه الأجهزة عن بُعد غير معروف؟ وفي مناطق النزاع، هل سيؤدي استخدام الطائرات بدون طيار من قبل العاملين في المجال الإنساني إلى إثارة الشكوك، في حال كانت الهجمات والمراقبة العسكرية، وحتى هجمات الطائرات اليعسوبية المسلحة، تتم في نفس المناطق وتسبّب التوتر النفسي بالفعل؟ في ظل هذه الاستفسارات، من الواضح أن العديد من المنظمات الإنسانية تشعر بالقلق، ولكن باتريك ماير، المحلل البارز في التقنيات الإنسانية يقول: إن التصوّرات الموجودة عن الطائرات بدون طيّار قد تتغيّر في الوقت المناسب. ويضيف: إن الطائرات بدون طيّار أو (الطائرات اليعسوبية) تحمل دلالة عسكرية قوية جدًا بالنسبة للكثيرين منا، ولكن الوضع كان مشابهًا مع الأقمار الصناعية قبل أن يأتي (جوجل إيرث) بصور الأقمار الصناعية إلى بيوتنا. سرعان ما يغيّر الناس آراءهم بعد أن يتآلفوا معها حيث يمكن القول أن المقبولية قادمة. ويوافق ريتشاردسون خبير الروبوتات على هذا الرأي بالقول: (إذا أردت الوصول إلى بعض النقاط الساخنة اليوم لتقديم المساعدات الإنسانية والروبوتات تتبعك، فقد يبدو هذا غريبًا للوهلة الأولى، ولكن بمجرد انتشارها على نطاق أوسع، وبمجرد تعرّفنا على الطائرات اليعسوبية المدنية، التي تقوم بالمزيد من الأعمال مثل التفتيش على المحاصيل ومختلف المهام الأخرى، فستكون بعد ذلك أكثر قبولًا، ولكن ذلك يعتمد بالطبع على البيئة التي تريد العمل فيها. رعاية خاصة للمسنين تقول مؤسسة للأبحاث: إن الإنسان الآلي (الروبوت) يمكن أن يشغل وظائف 3.5 مليون شخص في اليابان التي تتزايد فيها أعداد المسنين بحلول عام 2025 ما يساعد في تفادي النقص في العمالة مع تقلّص سكان البلاد. وتقدّر الحكومة اليابانية أن انخفاضًا قدره 16 في المئة في حجم قوتها العاملة بحلول 2030، بينما يتزايد عدد المسنين، بما يثير مخاوف بشأن الجيل الذي سيتولى العمل في بلد غير معتاد وغير مستعد لدراسة فتح الأبواب أمام هجرة على نطاق واسع. وتقول مؤسسة بحوث الصناعات الآلية: إن أجهزة الروبوت يمكن أن تسد هذه الفجوة في قطاعات مثل الكبسولات الصغيرة التي ترصد العلل إلى المكانس الكهربائية العالية التقنية. وفضلاً عن أن كل روبوت يحل محل شخص واحد قالت المؤسسة في تقرير لها إن الروبوت يمكن أن يتيح الوقت للأشخاص للتركيز على أشياء أكثر أهمية. وقالت المؤسسة في تقريرها: إن اليابان يمكنها أن توفر 2.1 تريليون ين (21 مليار دولار) من مدفوعات التأمين للمسنين في 2025 من خلال استخدام أجهزة الروبوت التي تراقب صحة المسنين حتى لا يتعين عليهم أن يعتمدوا على رعاية التمريض البشري. وأضافت أن مقدمي الرعاية سيوفرون أكثر من ساعة يوميًا إذا ساعدت أجهزة الروبوت في العناية بالأطفال والمسنين وقامت ببعض الأعمال المنزلية. ويمكن أن تتضمّن مهام الروبوت قراءة الكتب بصوت عالٍ أو مساعدة المسنين في الاستحمام . عن مجلة الصليب الأحمر الدولي