الإعلامي الحسين العمراني في: “هدي ليلتنا” رحلة الذاكرة الجماعية تجاه الزمن الجميل وعبورالإبداع المغربي الغنائي الى العالم العربي. عبد السلام انويكًة/تازة الأجناس النبيلة في العمل الصحفي عموما وكما يعلم ذلك الفاعلون في هذا المجال،كثيرا ماتكون اكثر قدرة على بلوغ الآخر قارئا كان مشاهدا أم مستمعا.بالنظر لطبيعة المقاربات ونوعية الإثارات،هذا بالإضافة الى سلطة التأثير في التجاوب وشد الإهتمام،مع ما يسجل في هذا السياق من مساحات تفتح المجال لإبراز جودة الأداء الصحفي وكفاءة الإعلاميين تحديدا المهنيين منهم.بالاعتماد على مرجعية التكوين والتمرس المهني والتجارب في الميدان. والاجناس النبيلة في العمل الاعلامي المسموع/ الاذاعي الرزين كثيرا ما تكون وراء سعة قاعدة المستمعين المرتبطين بالأثير كأنيس،كمرجعية في الخبريات والمعرفوالترفيه النفسي عبر الأذن.الأثير اوالراديو الذي لا يزال بمكانة على درجة من الأهمية في المجتمع المغربي،سواء داخل البيوت أو في الأسواق والمحلات التجارية،عند الحرفيين وغيرهم الكثير،بل اكثر من كل هذا وذاك الراديو أو الاذاعة لاتزال هي الاكثر استهلاكا في البوادي وفي وسائل النقل تحديدا السيارات والحافلات وغيرها.هذا بالرغم من كل هذا الزخم الكائن وهذا الضجيج المنظم،والذي يطبع ويميز تكنولوجيا الاتصال في زمن العولمة. والاذاعة الوطنية كانت ولاتزال حقيقة ألفة في الترفيه والتربية والتواصل،من خلال ذلك العشق الذي تكنه لها قاعدة واسعة من المتتبعين/المستمعين من المغاربة وعلى امتداد المجال المغربي بجباله وصحاريه،على امتداد عقود سواء في الداخل اوالخارج.كما ان مساحة الاثير النبيلة التدبير والاختيار والاداء لاتزال بمثابة تلك المواعد الجادبة لعشاق الراديو في معناه المغربي الواسع،رغم هذا التنوع في مصادر الاتصال ورغم تباين الاثارات في هذا المجال بالإذاعة لاتزال بمعنى وتقدير كبيرين. من جملة المساحات المغربية الاذاعية الجميلة والتي ترتبط بمسائية السبت بكيفية نصف شهرية،والتي تعود بالمستمع المغربي الى سنوات مجد الأداء والعمل الاذاعي المغربي الجميل والمباشر.فتجعله يعيش على ايقاع الذاكرة حيث الليل والتنوع والضيوف والتلقائية والجلسات الاثيرية المرحة والهادفة،المستحضرة لأدواق الجميع من المستمعين،ولكل مايرغبون فيه من اصوات دافئة.هناك التجربة المليئة بالدلالات الوطنية/الثراثية والثقافية.برنامج”هذي ليلتنا” من إعداد وتقديم المقتدر الحسين العمراني.مساحة سبت من حين لآخر تحضرها الذاكرة الابداعية المغربية في شتى المجالات من خلال قراءة عميقة لبصمات ماض بتلاقحات في التجارب وتكريم لعلامات مشرقة اعطت الشيء الكثير للبلاد والعباد،فاغنت الثقافة والخزانة الابداعية المغربية،بما في ذلك دارالإذاعة بما لايزال مسجلا بمداد من الفخر والاعتزاز والأرشيف يشهد على ذلك. ضمن إحدى الحلقات الأخيرة لهذا البرنامج،والتي اثارت عنايتي واهتمامي كمدمن،على الإستماع وعلى العمل الإعلامي الاذاعي وطنيا وجهويا،تلك المساحة التي خصصت لإسم نعتز به كمجتمع مغربي،إسم اقترن بالشعر الغنائي المغربي،زمن الشعر بخلاف الكائن حاليا.صاحب رائعة القمرالاحمر،راحلة،رموش.صاحب الاصدارات الرائعة في هذا المجال،ابن العمل الاداعي في سنواته الاولى القوية،الاستاذ المبدع عبد الرفيع الجواهري.هذا الاخير وفي جواب عن سؤال لمنشط “هذي ليلتنا” قال :” انا ابن هذه الدار فيها تعلمت الشيئ الكثير”في اشارة الى دار البريهي/اذاعة الرباط.والجواهري هذا والذي كرمته الاداعة الوطنية من خلال هذا البرنامج،هو بحق من العلامات المشرقة في سماء الشعر الغنائي المتزن والوازن،سنوات مجد الاغنية المغربية،والتي تحولت فيما بعد الى مدرسة للاجيال الجديدة،للمبدعين الجدد بل مجالا لاختباء عدد من الاسماء المحسوبة على الطرب،كلما اختاروا التقليد للحفاظ على البقاء،في غياب اية بصمة ولا تميز.في حق المحتفى به والذي مكن الاداعة المغربية من عدة اعمال ترتب ضمن الخالدات،اورد الاستاذ عبد الله شقرون بالمناسبة ان الجواهري هو شاعر ملهم ومرموق،وليست الشهادة هاته من شخص عاد كما قد يعتقد الكثير،بل من مرجع صادق هو الشيء كله.خصوصا عندما يتعلق الامر بالفن،بالادب وبالصدق في الاحكام واهل مكة ادرى بشعابها. والاستاذ الجواهري بدأ ارتباطه بدار الاداعة الوطنية كممثل،ثم كإعلامي قبل الانتقال الى التلفزيون من خلال احدى الانتاجات المفتوحة “سمعت – قرأت و كتبت”.وللاشارة فالرجل، هذا المبدع العميق الارتجاف في الكلمة الشاعرة،وليس الشعرية بالمعنى المدرسي الباهت،هو من اصول فاسية حيث المدينة القديمة والدروب و ضريح الحاضرة العريق،وحيث القرويين مع كل مايرتبط بهذا الفضاء العتيق،من فقهاء،قواعد،تربيةوتعليم،حفظ للنصوص….ومن حصير… بهذه الشروط كانت العلامات الاولى للتعلم والأخد من السلف سنوات الخمسينات.ومن هنا بدأعشق الكلمة. والجواهري هذا والذي كان رفيع الشعر منذ الصغر،اكتشف هذه الموهبة المبكرة واكتشفها الآخر عنه من خلال التجارب الاولى،مع الاقران و رفاق الزقاق الذي كان يقطنه مع الاسرة، في فاس والكل في فاس بما في ذلك هذه المواهب وفي هذا المستوى من العمر العقلي. واذا كانت البدايات في التجارب هي التي كثيرا ما تحكم الامتداد فإن الامور بخواتمها.فمن منا لايتدكر،لا يتأمل ومن منا لا يعشق القمر الاحمر،هذه الرحلة المدوية في تاريخ الشعر الغنائي المغربي الخالد،هذه المساحة من التركيب،من الصور،من التوزيع في زمن الفن ومعه الادب،زمن الاتقان اسلوبا،معنى،لحنا،نصا وغناء.ومن منا لا يرحل وجدانا مع راحلة حيث الحب،حب الحياة،الانسان وحب الوطن.و”لمن سأغني” بتلك الحبال الصوتية للحياني،بتلك الشاعرية الرهيفة النافدة عند الجواهري،بتلك النغمات المتسعة التعبير ..كلها اشياء ممتلئة فيها ما يكفي و يعني عند الاجيال.ميعاد وما ادراك ما ميعاد هي بالصوت والخيال الاذاعة الوطنية زمن الانتاج والابداع،هي حب الفن من اجل الفن ليس إلا،فالجواهري مشكور برنامج “هدي ليلتنا”على تكريمه ونعم الاختيار،هو الشعر نفسه ونخشى ان لا تتكرر مثل هذه التجارب،هو التطويع الشعري الغنائي المغربي الاصيل،وعليه وانصافا للرجل فهو من الاوائل الذين إنشغلوا بهذا الاسلوب الذي انبنت عليه الاغنية المغربية الحديثة المليئة”العامرة والخاترة كما في تعبير العامية المغربية” منذ حوالي الثلاثة عقود الى الوراء. من باب الانصاف فالجواهري من خلال زوايا عمله الابداعي في هذا المجال،في الاغنية المغربية والشعر،كان وراء عبور الابداع المغربي الغنائي الى الخارج/ الى الشرق،عندما كان كبار الفاعلين في الحقل الموسيقي/ كبار الملحنين العرب في ارض الكنانة يفاجؤون بتركيبة الاداء الفني الغنائي المغربي في شموليته” الله يرحم روح عبد السلام عامر” واطال الله في عمر من كرمته الاداعة الوطنية مؤخرا،ليظل جواهريا وجوهرا شاهدا على عصر عظمة الطرب المغربي الحديث. لابد من الاشارة الى ان مبادرة الاداعة الوطنية من خلال اعادة استحضار الماضي ورجال الماضي في الفن و الابداع،والى جانب نعمة التكريم،نوعية الحضور،مستوى التاطير و التنشيط التلقائي والصادق صدق القمر الاحمر.هي بمثابة مواعد اثيرية حقيقية للنبش في الذاكرة،في ارشيف الاداعة الوطنية،في ثرات قل نضيره،كما هي بمثابة حصاد لحصيلة جيل سلف،رجال و غيورين كانوا في مستوى الفن والابداع في غنى تام عن الدونية والارتزاق. الجواهري هو اتحاد كتاب المغرب،من خلال تجربة قيادة وتدبير زمن الكتابة،زمن القلم ،زمن هيبة المثقف المغربي المبدع،زمن هيبة القصيدة الغنائية النظيفة،حيث الأفق المفتوح و المضيئ قبل هذا الضجيج المكتوب والمنظم وهذاالكائن حاليا.والجواهري وهو ما قد لايعلمه الكثير هوالانسان الفاعل في المجتمع،والذي كان يحسن قراءة المسافات الفاصلة بين الكتابة و السياسة،بين الفن،القصيدةوالسياسة،إسم بتجارب هادئة فرضت تعلق المستمعين بالاثير/ الراديو/الاداعة.من خلال ما كان يقدم عبر هذه الاخيرة،وماكان يهذب الأذن من اعمال ابداعية هي من صنع النوابغ والعباقرة.فحتى الاسماء الشاعرة العربية تأخد تجربة الجواهري بالاعتبار و الاعتراف،والقليل كذلك من يعرف ان تجاب الجواهري الادبية،كثيرا ما انفتحت على قصائد اكثر انسجاما مع ثرات الملحون المغربي الاصيل،من خلال عدد من الإقدامات في هذا المجال ،كانت محاولات موفقة لاقتحام عالم الشيوخ في دلالالته الثراتية الواسعة،ويبقى وكما جاء في تقدير الاستاذ الحبيب المالكي،الاقتصادي والمفكر،فالجواهري هو نموذج الاخلاق في السياسة ،نموذج الصرامة في صيانة المبادئ في صيانة الهوية.يبقى أن برنامج”هدي ليلتنا”القوي التأثير على المستمعين والجاذب للتتبع،هو موعد للاحتفال/ احتفال الحاضر بالماضي من خلال اشراك الجيل الجديد /الشباب الحامل لعلامات التألق في مجال الغناء والطرب.موعد يسهم بحق في صناعة الحدث،ومعه ما قد يتحول الى ذاكرة في زمن ما،ولولا الموعد الاخيرالاثيري المباشر،والذي همس الكثير في أذن المستمع، في الداخل والخارج حول الضيف/الجواهري،لما تم التعرف على الكثير من الخيوط العالقة في الماضي في الذاكرة الفنية والابداعية المغربية الأصيلة،وفي ارشيف الاذاعة الوطنية مع الاغنية المغربية مع الشعرالغنائي الجميل،ومع الأمجاد من الرجال في هذا الوطن.فتحية تقدير لطاقم هذا البرنامج الاحتفالي الجميل الذي يحلق بالمغاربة في الماضي وفي الثرات ومع الابداع الجميل والمبدعين الحقيقيين،وتحية تقدير من مدينة تازة لكافة الاعلاميين الاكفاء في الاذاعة الوطنية البيت الذي سيظل يسكن الجميع.