أضحت المواقع الإلكترونية المحلية تضطلع بدور هام في تنوير وصناعة الرأي العام المحلي القادر على المساهمة في إرساء الحكامة الجيدة وتعزيز المراقبة على آليات تنفيذ السياسات على المستوى المحلي. وشهدت مدينة تازة ميلاد العديد من المواقع الإلكترونية أصبحت تحظى باهتمام متزايد من لدن الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والجمعويين والثقافيين بالمدينة٬ بالنظر لتفاعلها مع القضايا المحلية٬ مستغلة سرعة معالجة الخبر ووتيرة تداوله وتقديمه للقارئ مرفقا بالتحليل لإضفاء التنوع على القراءة الإعلامية٬ واستثمار القدر المتاح من حرية التصفح على الانترنيت٬ من أجل فك شفرات الوقائع والأحداث التي تعكس واقع الحال بالإقليم٬ والمساهمة٬ بالتالي٬ في تدبير الشأن العام المحلي من خلال التتبع والمراقبة والنقد البناء. وتستلهم الصحافة الإلكترونية بإقليم تازة تجربتها٬ في مجمل الحالات٬ من تمثلات الجرائد الورقية من خلال استخدامها فنون وآليات ومهارات العمل في الصحافة المطبوعة٬ ويرجع ذلك إلى كون أغلب مدراء ورؤساء تحرير هذه المواقع يتوفرون على تجارب عديدة في العمل الصحفي كمراسلين لبعض الصحف الوطنية أو رؤساء تحرير بعض الجرائد الورقية المحلية. ويمثل الصحافة الإلكترونية بالإقليم 12 موقعا إلكترونيا تهتم بمختلف الأجناس الإعلامية (الروبورتاجات والتحقيقات والتحليلات الخبرية..)٬ وبتوثيق الأحداث والوقائع من خلال الفيديو والصور٬ التي تحتل مكانة شاسعة في هذه المواقع. وتتناول المواقع الإلكترونية المحلية بمدينة تازة العديد من المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع الوطني والمحلي. غير أن الجانب الغالب على هذه المواضيع هو الشأن السياسي المحلي. ويتجلى ذلك في الاهتمام المتزايد بالحياة الجماعية خاصة اجتماعات المجالس البلدية والإقليمية والجهوية٬ وهو ما يشكل آلية من آليات تقوية المراقبة على تنفيذ السياسات العامة وتعزيز الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام بالإقليم. غير أن المتتبعين المحليين للصحافة الإلكترونية بتازة يعتبرون أنها لم ترق بعد إلى مستوى الصحافة الإلكترونية المحترفة٬ مفسرين ذلك بكون المواقع الإلكترونية التي تمثل هذه الصحافة تديرها مبادرات شخصية (أقل من شخصين) ولا تعمل في إطار مقاولات صحفية محترفة. وأكد عدد من العاملين في مجال الصحافة الإلكترونية المحلية على أن جزء كبيرا من هذه الصحافة لا يستجيب إلى المعايير المتعارف عليها في مجال الإعلام الإلكتروني والمتعلقة أساسا بتناول الأحداث والوقائع بكل موضوعية ومصداقية ومهنية٬ مع احترام أخلاقيات المهنة دون إدخال ذاتية الصحافي بنية مبيتة في صياغة الخبر واستهداف الأشخاص وخصوصياتهم وأعراضهم أو استخدام عبارات التجريح والسب والقذف في حقهم. وفي هذا السياق٬ أكد رئيس المنتدى الجهوي للصحافة والإعلام بتازة السيد عبد السلام بلعرج٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أنه أضحى من الضروري العمل على تطوير أداء المنابر الإعلامية الإلكترونية بالإقليم حتى تواكب التطورات التي تشهدها المملكة على كافة المستويات٬ وذلك من خلال تنظيم دورات تكوينية تهتم بطريقة صياغة مختلف الأجناس الخبرية دون إهمال معالجة الصورة التي تعتبر من الدعامات الأساسية التي تغني وتغذي المادة الخبرية المكتوبة وتقرب القارئ المتصفح للمواقع الإخبارية الإلكترونية من مسرح الحدث في بعديه الزمني والمكاني. وتماشيا مع هذه الأهداف٬ أكد السيد بلعرج أنه يتعين “التعاطي مع بعض مظاهر الخلل في الصحافة الإلكترونية وقطع الطريق على بعض المتسللين للعمل في المجال الإعلامي٬ والذين يسعون لتحويل المنابر الإعلامية الإلكترونية إلى مصدر ثروة واغتناء على حساب المساهمة في تنمية الوطن والجهة والإقليم٬ وتحويلها من مصدر تشخيص الخلل إلى مصدر ابتزاز الأشخاص والمؤسسات وتحقيق أهداف ضيقة لا تخدم الإعلام المحايد”. وذكر رئيس المنتدى الجهوي للصحافة والإعلام بتازة أن تأسيس فكرة المنتدى تروم رص الصفوف وتوحيد الجهود مع كافة الجهات٬ سواء كانت رسمية أو غير رسمية٬ من أجل تحسين جودة الحقل الإعلامي الإلكتروني بالإقليم والرقي به في إطار احترام الثوابت٬ إلى أعلى درجات المصداقية والحياد واحترام الاختلاف والرأي الآخر. من جهته٬ أكد مدير الموقع الإلكتروني” أجيال بريس” السيد يوسف العزوزي٬ أن التجارب الإعلامية بتازة في مجملها تعد امتدادا لتجربة الجرائد الورقية٬ والانتقال٬ بعد ذلك٬ إلى مرحلة اكتشاف الفضاء الإعلامي الإلكتروني٬ الذي يعد محطة هامة في التجربة الإعلامية بالإقليم٬ مشيرا إلى أن الصحافة الإلكترونية والورقية تسعى إلى العبور بالإعلام المحلي والجهوي إلى مرحلة متقدمة في المشهد الإعلامي الوطني من خلال انتظامها مؤخرا في إطار مهني (المنتدى الجهوي للصحافة والإعلام بتازة)٬ في أفق توحيد الجهود وتصريفها لخدمة الإشعاع الثقافي والسياحي والتنموي والاقتصادي والاجتماعي بالإقليم.