في الركن الأقصى من أطراف المدينة وعلى بعد نظرة واحدة من عينيك تجلس قبالتي ...(امرأة قصوى) يتثاءب ضوء خافت في عينيها فينفلت قلبي من علياء سكونه ويتيه بين الجهات.... *** أيها الجسد ..... يا جسدي كم يلزمني من الوقت ، لأتفرغ للكلام ... أحكي ... كم يكفيني من خطوات ، لأنجو بك من خطيئة الشهوات ؟ *** يا امرأة تغار من عينيها أراك الآن فيهما... ، وأرى نفسي أراك تسبحين في كأسي وأراك تلتفتين إلى اليمين وإلى اليسار فهل أنت خائفة....؟ *** أنت التي تتأبي على التشكل في مقلتي أراك داخلة خارجة ، وأنت الجالسة أرى عيونا تحاصرني ، تطلق علي وابلا من السهام أراك زهرة برية في كفي وأراني طفلا صغيرا في ” أيلة ” يجري .... *** وحدي... كنت أفكر ، إن كان هذا الليل الإفريقي يكفي لإشباع رغبتي في النظر إليك فأنا يا سيدتي ... عابر غريب في حر هذا الصيف رمتني شوارع المدينة إلى عينيك أمهلني بعض الوقت ، أمعن النظر في جسدك البلوري أسرق قبلة من على شفتيك لتذوب روحي فيهما ،.... وفيك كقطعة ثلج قطبية *** هدير قيثارة إفريقية يتهاوى إلى سمعي في ليل هذا الصمت... وأنت حورية تسبحين في كينونتي تنادمين ما تبقى من شتات أحرفي تمتلكين قلبي... ، وتسكنين فيه من القاف إلى الياء وفي كل مرة يعلو دبيب الخمر أوراق عنبه أسافر في ربوع عينيك إلى حدود الجنة *** أيتها الجنية الوديعة... كلما علا إيقاع المعنى ترتسم قصيدتي التي لم أكتبها ... أرسم جسدك المنفلت من فوق طاولتي وأنتظر قليلا.... ، لتنام عينيك فأناجيهما قبل أن تولع النار فيما تبقى من هشيم الجسد *** (يطير الحمام ....يحط الحمام *) وأنت ،.... يا حمامتي شهوتي إليك تزداد كلما نظرت إليك ، تذبحني من الوريد إلى الوريد فلا تغادري مقلتي.... لألا تقتلني عيناك... ، في غيابي عنك *** شربت كم كأسا باردا ونبيذا ولم تنطفئ ناري... فمن ذا الذي قال أن النار يطفئها الماء ؟ النار يا حبيبتي ، لا يطفئها إلا النار فلا تستغربي ، إن أنا أشعلت سيجارة تلو الأخرى في انتظار احتراقي.... *** ليدم إذن جبروت هذا الليل ، .... حتى أطيل النظر إليك / فيك ، .... ...........وفي مقلتيك أنا الذي لا يملك غير النظر قبل أن يتعرى المكان ، ويفتضح أمري *** كلما تعالت المواويل الإفريقية في الفضاء أجهش بالحنين إليك ، .... حتى وأنا قريب منك ونهر (أبي رقراق) يا حبيبتي ، على بعد خطوات منا يعطي ما تبقى من دروسه الليلية في مكر العذارى وشلالات (توجيلا) تنهمر موسيقى على سواحل الأطلسي فتشكو حنينها لجذوع شجيراتها الإفريقية وأنا ،........ أسترق السمع لحمامة تشكو وحدتها ، على بعد نظرة واحدة منك آه ....لو يوثقني هذا الليل إلى صدرك المتدفق كالينبوع النافر كالحصان ، .... إلى أن تشرق شمسي.... في عز هذا الليل *** مخطئ من قال أن الصحراء قاحلة وموحشة ... ها نجومها تزهر في عينيك ونسيمها يصفع وجنتيك الآن ويمطر بجنون كغيمة استوائية *** هل أذعن للريح... أم لأحلامي فيك .... ؟ القناديل معلقة على الجدران كالخفافيش والقلوب.... آه من القلوب .... أين قلبي ...؟ وأي قلب فيك....؟ هذه المضغة المتفحمة في داخلي أخاف أن تكون قد تآخت في غفلة مني ، ... مع قلب آخر.... غير قلبي فيك أو التصقت بجدار في المكان كما الخفافيش... *** أما وقد طار الحمام الآن ليتني كنت من قبل أعمى... ، ولم أر شيئا.... لم يعد لي بعد اليوم حاجة للنظر فالأجدر بي أن أصمت قليلا ، في حضرة هذا الليل الإفريقي الرباط في : غشت 2010 - (أيلة) : مسقط رأسي ، قرية صغيرة شمال مدينة فاس/ المغرب - نهر أبي رقراق : من أكبر أنهار المغرب ، يفصل مدينة سلا عن مدينة الرباط العاصمة - توجيلا : ثاني أكبر شلالات العالم ارتفاعا (974م) بعد شلال آنجل ، تقع في دولة جنوب إفريقيا - * محمود درويش