قراءة في كتاب :البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب” ورهان على دمقرطة الوثيقة التاريخية لفائدة البحث العلمي والباحثين. عبد السلام انويكة Abdesslam nouiga
رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله وكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس/فاس،في إطار برنامجهما العلمي/الثقافي،عن الموسم الجامعي الحالي2011-2012،نظمتا مؤخرا ندوة علمية استحضرتا من خلالها،إنجازا علميا على درجة عالية من الأهمية في مجال البحث العلمي،إنجاز يلتقي فيه الزمن التاريخي،بالإمتداد الروحي للمغرب،بالقانون هذا العنصر المؤطرللعلاقات والتفاعلات.الإصدارالجديد الذي شكل محور الندوة،هو كتاب”البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب”لمؤلفته الدكتورة بهيجة سيمو مديرة مديرية الوثائق الملكية بالرباط.والندوة/حلقة النقاش هاته،حضرتها ثلة من الباحثين المتخصصين في عدد من المجالات،ونخبة عالمة جامعية عن مدينة فاس إلتقى فيها السلف بالخلف.نخبة بمقام فكري عال ينتمي الى عدة مؤسسات/معاهد/مراكز للبحث العلمي/ دورالأرشيف/مجالس علمية/مؤسسات ادارية جهوية وغيرها.موعد علمي استضافته قاعة الندوات برئاسة الجامعة،كان مناسبة لتقديم شهادات/قراءات عدة/متداخلة ومتباينة من حيث الرؤية،وزوايا المعالجة،إستحضرت في شموليتها الأبعاد التاريخية/الشرعية/الدينية/القانونية/الاجتماعية/الثقافية والوطنية،لمسألة البيعة في تاريخ المغرب،تحديدا تلك التي إرتبطت بالدولة العلوية على امتداد حوالي الثلاث قرون،من زمن المغرب الحديث والمعاصر.كتاب”البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب”هذه الدراسة،هو مؤلف من القطع الكبير،يتوفر على عدد هام من الوثائق(125 وثيقة). القراءات العلمية،والتي تقدمت بها نخبة فاس،عبرنقاش مفتوح حول هذا العمل العلمي:د.السرغيني فارسي/د.محمد أقديم/د.عبد الوهاب التازي سعود/د.محمد مزين/د.حسن زين الفلالي/د.محمد الأعرج/د.نجيب با محمد/د.سمير بزويتة/.د. محمد اللبار/د.هاشم العلوي القاسمي.....هذا بالإضافة الى حضور نوعي من الأطر العلمية في عدد من التخصصات عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس،كلية الآداب ظهر مهراز فاس،كلية العلوم الإقتصادية والإجتماعية فاس،كلية الحقوق فاس.مع أهمية الإشارة الى مستوى الحضورالكثيف للطلبة الباحثين،سواء بالسلك الثالت أوبسلك الدكتورة،والذين كان لهم نصيبهم وفضلهم في إغناء النقاش العلمي،متأثرين بالمستوى الرفيع المنهجي،والذي حكم المقاربات والقراءات،والتي تقدم بها الأساتذة في شأن كتاب”البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب”. في كلمته الإفتتاحية بالمناسبة،تحدث د:فارسي السرغيني رئيس الجامعة،عن القيمة المضافة للبحث العلمي عموما بالمؤسسة الجامعية المغربية،عن الإصدارات الجديدة الاكاديمية والجامعية،وعن المبادرات العلمية من فصيلة المؤلف المحتفى به،والذي اعتبره من الإنجازات المشرفة ليس فقط للبحث في مجال التاريخ بل للنوع المغربي.وعليه فهو كمضمون وكمنهجية،يبقى مادة تاريخية لا غنى عنها،بالنسبة للباحث والمهتم،سواء بالشأن التاريخي أوبالمنظومة السياسية المغربية،مؤكدا على أن ما أعدته الباحثة بهيجة سيمو،سيكون بفائدة أهم وأوسع ليس فقط بالنسبة للمؤسسات الجامعية المغربية،بل كذلك بالنسبة للباحثين المغاربة الشباب،ذوي الطموح القوي في توسيع وعاء الكتابة والبحث،بالنظر لما يتوفر عليه هذا الإصدار الجديد من حمولة وثائقية بقيمة معرفية ودلالة عالية،من شأنها الإسهام في تجاوز الكثير من البياضات،وبالتالي إعادة قراءة الوقائع ومعها كتابة تاريخ المغرب المعاصر،رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس اعتبر أن كتاب”البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب”،هوإغناء وإضافة نوعية لفائدة المكتبة المغربية ولفائدة الخزانة الجامعية،على أساس ما يحتويه من أصول في المعرفة بالتاريخ/بالقانون/وبالشريعة. د.عبد الوهاب التازي سعود بالمناسبة وفي حديث له عن التاريخ المغربي،عن التفاعلات المرتبطة بهذا الأخير،إستحضر المؤلف المحتفى به،من خلال مناقشة مفهوم البيعة من الوجهة الشرعية،في علاقتها بالمجتمع المغربي،ومن خلال كذلك القيمة الرمزيةالإعتبارية للوثيقة/للتوثيق وللميثاق.د.نجيب با محمد،في مداخلة بالفرنسية استحضر مفهوم البيعة من الوجهة القانونية،مؤكدا على الخصوصية المغربية في هذا الشأن،وعلى التباينات في الأنظمة السياسية تجاه التوازنات الاجتماعية والتشاركية في تدبير السياسة ومعها الشأن العام.معتبرا ان النموذج المغربي في هذا الإطار أو الإختيار هو نموذج تاريخي في تفاعلاته وتراكماته السياسية،معتمدا ومستشهدا في ذلك باسهامات/كتابات عدد من الباحثين في هذا المجال كما هو الحال بالنسبة لعبد الله العروي.د.محمد الأعرج،في مداخلة علمية له بالمناسبة،اعتمد اسلوبا جمع بين الراهن والتاريخ في المغرب من الوجهة السياسية،معتبرا أن الميثاق/البيعة هو جزء لا يتجزء من الكيان /الهوية المغربية.وان المفهوم لا يتوقف في حدوده النظرية ومعرفته المؤسسة،انما في ابعاده الإجرائية كسلوكات وكممارسات،كان لها فضل تراكمات سياسية وحضارية،تميز المجتمع المغربي عن باقي التجارب الأخرى.معتبرا ان كتاب”البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب” هو نقلة نوعية ليس فقط من حيث المضمون،إنما من حيث الأساس الوثائقي الهائل الذي إنبنى عليه،والذي سيكون بفائدة/بخدمات معبرة لفائدة الطلبة والباحثين في كل التخصصات المعنية بالموضوع.د.حسن زين فيلالي،رئيس المجلس العلمي لإقليم صفرو،تناول في مداخلته مسألة االبيعة من الوجهة الدينية المحضة،ووفق ما تنص عليه الشريعة الإسلامية من مبادئ ضامنة للاستقرار للحقوق/للواجبات وللمسؤولية.ومن قيم حضارية داعمة للبناء ولتقاسم المهام والادوارعلى كل المستويات.د.محمد مزين،توقف في مداخلته على الجوانب المنهجية والشكلية لهذا الإصدار العلمي،مستحضرا وبنوع من التركيز قاعدة الوثائق الضخمة والتي اعتمدتها الباحثة لتحقيق هذا العمل الجبار،والذي جمع بين الجهد/البحث/الترتيب وتوظيف المادة التاريخية.معتبرا ان الكتاب هو دراسة متكاملة حول الدولة العلوية،تم الإحتكام فيها وبالدرجة الأولى الى عنصر الوثيقة التاريخية،ما أثاره د.محمد مزين من إشارات حول مسألة الكتابة/الكتاب والوثيقة،جعله يقف بنوع من التركيز على المخطوطات من هذه الأخيرة والتي تجعلها بقيمة علمية وتاريخية مهمة جدا بالنسبة للباحثين.وفي حديثه عن البيعة والمجتمع المغربي والسلاطين العلويين على امتداد حوالي الثلاثة قرون من الزمن المغربي،اعتبر ان المؤلف جاء مستحضرا لبنيتين أساسيتين، أفقية منها وتعني المجال المغربي وكيف كان يتم/إعتماد/تدبير/ترتيب البيعة وإكمالها بحسب المناطق والقبائل،مع كل مستجد سياسي وكلما دعت الضرورة،وبنيةعمودية ترتبط بالزمن منذ نشأة الدولة العلوية والى غاية اليوم..د.سمير بزويتة رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب سايس فاس،إختار في مداخلته بالمناسبة مقاربة مؤلف “البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب”للباحثة ومديرة مديرية الوثائق الملكية،من وجهة تاريخية أعمق وأكثر إثارة، خاصة عندما توقف على بنية العلاقة والتي تجمع بين الذاكرة المغربية الجماعية ومفهوم البيعة كميثاق يجمع بين الملك والشعب.مؤكدا على أنه عند قراءة الكتاب قراءة تاريخية محضة وعند التأمل في المتن وفي ما يحتويه من وثائق نادرة،تظهرسلطة هذا العمل العلمي في ترسيخ البعد الوطني،مضيفا ان الكتاب الذي يقوم على منهجية الوثيقة بالأساس في كتابة التاريخ،لا يعرض فقط للماضي المغربي على قياس المألوف من المقاربات،عندما يطرح مسألة البيعة في السياسة والثقافة،بقدر ما يستحضر الراهن السياسي للمغرب المتحول ومعه المستقبل،مشيرا في نفس هذا السياق الى أن الكتاب بأسلوبه بتركيبته المعرفية والمفاهيمية،هو دعوة لمزيد من التفكير،ومعه التساؤل التاريخي حول مسألة البيعة في تاريخ المغرب،كخيط رابط لتفاعلات المجتمع المغربي/الدولة المغربية منذ التأسيس والى الآن،البيعة كعنصر موجه للاصلاحات/للمتغيرات السياسية،والتي إرتبطت بالبناء السياسي للمغرب على امتداد قرون،كذلك التساؤل حول البيعة،كميثاق مهيكل للزمن المغربي،في علاقته بذلك الإمتداد المجالي/الحضاري/الثقافي/والروحي للدولة وللمجتمع المغربيين على حد سواء. مشيرا في ختام كلمته،الى أن ما يعكس حقيقة/ضخامة هذا الإنجاز العلمي،هو حجم الوثائق المتوفرة والمعتمدة،والتي تدفع باتجاه تعميق الإعتبار العلمي للوثيقة في قراءة وكتابة تاريخ المغرب. الاستاذة بهيجة سيمو في كلمة ختامية عبرت فيها عن تأثرها العميق بنوعية المداخلات العلمية،بما ورد فيها من أفكار ومن إشارات مفيدة جدا،مضيفة أن مؤلفها “البيعة ميثاق مستمر بين الملك والشعب” هو دخول لمغرب الديمقراطية ولدمقرطة الوثيقة التاريخية/الملكية حتى تكون رهن اشارة كل الباحثين والمهتمين.ويذكر أن صاحبة الإصدار”بهيجة سيمو”،والتي تشغل حاليا منصب مديرة مديرية الوثائق الملكية،حاصلة على دكتوراه الدولة من جامعة محمد الخامس بالرباط،وعلى دكتورة وطنية من جامعة السربون،وهي كأستادة جامعية منفتحة في إهتماماتها العلمية وأبحاثها على التاريخ العسكري والعلاقات الدولية.ولمديرة مديرية الوثائق الملكية مؤلفان الأول بعنوان :الاصلاحات العسكرية بالمغرب1844-1912.والثاني بعنوان :”العلاقات المغربية الإيطالية في الفترة ما بين 1869-1912. تبقى الإشارة في الختام الى أن طالبات وطلبة السلك الثالث بكلية اللآداب سايس فاس،احتفلوا بالأستاذة المحتفى بإنجازها العلمي،ليس فقط من خلال التدخلات إغناء للنقاش،إنما كذلك من خلال تقديم باقة ورد من الحجم الكبير،كان لها أبعد التأثير في وجدان ونفسية د.بهيجة سيمو،الشيء الذي اعتبرته الهدية الأجمل التي تلقتها بفاس،والتي كذلك ستظل عالقة في الذاكرة.