يبدو أن الحراك الشبابي في تازة لن توقفَه أي قوة كانت ، ماعدا قوة تنزيل الدستور بشكله السامي على أرض الواقع حتى لا يتباهى الأقوياء بقوتهم وينهار الضعفاء بضعفهم. يبدو أن الاعتقالات لن تكمم الأقلام والكاميرات الرقمية، وهذا الأسلوب الراقي للمطالبة بالتغيير المختصر في جملة واحدة تقول: “يجب إسقاط الفساد ومحاكمة المفسدين” ستواصل حناجر الحرف واللون والضوء المناداة بها على جميع الشاشات الإلكترونية والجرائد الورقية من غير اعتذار لؤلائك الذين يؤرقهم ذلك ويقلق سعادتهم ويعرض ثرواتهم للافتحاص المالي في إطار المسؤولية المقرونة بالمحاسبة المنصوص عليها دستورياً ، والتهمة من اين لك هذا . الصورة إختارت أن تحتج على الطريقة الفنية المتعارف عليها في خطوة انتقلت من التوجه نحو قطع الطريق الوطني رقم 6 ، إلى قطع الطريق الحقيقي باسم القانون على من يمرون خلسة إلى اجتفاف منابع الدم والمال والجاه والسلطة مع سبق الإصرار والترصد، معتقدين أن العاصفة قد مرت بسلام حسب ما خططوا له وكانوا يشتهون. أولاً يجب الإقرار بأن الصورة تتكلم بكل اللغات، وفي كلامها إجابات عن تساؤلات المواطنين حول مآل المدينة سياسياً وتنموياً وإجتماعياً بعد سنة من الحراك الاجتماعي، وأداة واضحة لرفع الغشاوة عن الأعين، تقطر الضوء المر واللون المهيج بكل أبعاده الجانبية والخلفية والأمامية في عين من لم يفهم بعد ما وقع بتازة، ولماذا وقع؟ ومن المستفيد والاليات المسخرة ؟ إن اختصار سنة من الحراك الإجتماعي بتازة في صورة يعد إبداعاً في بساطته تكمن قوته الخاصة التي تقدم مجريات الأمور منذ بدايتها وإلى نهايتها المؤلمة على شكل محطات واضحة لا تحتاج لتفسير أو قراءة مختصة. فمفتاح الصورة هو قلبها، حيث تتوسطه وليمة عقارية تحت مظلة سياسية، مائدة مستديرة بها أماكن لضيوف تغيبوا لسبب أو آخر، لكن حق الغائب في قانون اللعبة السياسية مضمون، وهو عكس ما نجده في اللعبة الشعبية القائلة في وجبة غذاء، “اللّي غاب، غاب حقّو”. وبما أن الصورة تحمل تشكيلة سياسية جمعت بين المعارضة والأغلبية في المجلس البلدي لتازة إلا أنها التزمت بنظام الحمية( الرجيم) حيث خصصت لكل وجه وصفة عقارية تلائم وضعه الإجتماعي والسياسي خوفاً من تعرضه للمرض القبيح “الكوليفقرطيرو” أو التفوق السياسي الذي لا يسمح به أبدا موزع اللعبة. مجلس عقاري من أجل إنجاحه قدمت المدينة القرابين ، ففي الوقت الذي كانت اسر المعتقلين تذرف دموع المأساة على شباب تم اغتصاب مستقبلهم، كان مستقبل الأخرين يوقع بأرقام الملايير، وكان لزاما على البندير ان يغني سرابية التغيير : واحد ولدو فالحبس، واحد لولدو كيكدس فالملايير بالحس علا حقاش اباه عرف فين يجلس ولخور اباه حياتو كلها عساس كيعسس ما عندو لما يحرث ولما يدرس كان راس مالو ولد، داوه للحبس. اخوتي لمن أراد ان يطلع على حصاد الحراك الإجتماعي بتازة عليه ان لا يكون حسوداً أو سياسياً لدوداً، لكن عليه أن يكون مواطنا لا يكفي ان يعيش في الوطن بل ان يكون بداخله الوطن كشعور وإحساس وغيرة يوظفها في اطارها الحضاري قانونيا واجتماعيا وسياسيا . لذلك ،فالصورة تستحق أكثر من عنوان إلا أنني فضلت ان أسميها “بأولاد تازة في السجون والمتهمون ينعمون ويتمتعون” الى وقت قريب ستكون فيه صناديق الاقتراع هي الفيصل الاول والاخر في حكم النازلة . الصورة تقول أنهم اعدوا كل شيء من أجل ان تتم وليمة العقار في اطارها القانوني بسلام حتى لن يبقى هناك من يتسبب في صداع الرأس، وهو ما ساوى بالصدفة بين عدد الطوابق وعدد المعتقلين، وما بقي وسيأتي لاحقاً، تركته الصورة غامضاً في البقعة الصفراء ذات الإحالة الحزبية المعروفة بحصة الأسد. والاخرون الذين يشكلون الحلقة المكملة التي لم تبلغ سن الطوابق السبعة في العمارات تقضي بالنعالة حتى يشرولها السباط او ان الدعم الخارجي والداخلي للمجلس الموقر يصيب بالتخمة والهبال ؟ ؟ فإذا كانت كل هذه المصيبة التي ألمت بالمدينة كان ختامها وليمة اجور ، كان من المفروض على أسمائنا الكبيرة ان تكون رحيمة بتازة وتقيم زردتها بالصحة والراحة من غير أن تؤدي المدينة ثمنا باهضاً مزدوجاً، مع حق الاحتفاظ بالتعتيم الصحافي كآلية للمراقبة بنظام ما تحت الصفراء والزرقاء ان كان لا بد من التخلي عن كحل زرقاء اليمامة في زمن الأقمار الصناعية. *