أخيرا أسدل الثنائي الكوميدي أمين حمزة لمرابط و هشام الغفولي الستار عن مفاجأة الموسم، ليعلنا اقتراب موعد صدور أول ألبوم لهما تحت عنوان “أجي نتفارشو” ،ألبوم كوميدي يضم لقطات كوميدية تجمع بين الفرجة و الدهاء و الذكاء، ما يبرز أن لشباب فاس القدرة على الإبداع والابتكار ومجاراة عمداء الفن الكوميدي بالمغرب و خارجه، تجربة أفرزتها و بكل صدق و كما عبر عنها التنائي “ظلم المجتمع، و جور السياسة، و ضيم الظروف” . هشام و أمين مثل حي على شباب فاس المبدع الذي رأى في كوميديا الموقف و الكوميديا السوداء مجالا خصبا ، لمعالجة قضايا المجتمع ، ولإيصال رسائل هادفة ،عبر قالب كوميدي ساخر بهدف لفت انتباه المسؤولين لمجموعة من القضايا العالقة و الشائكة في محاولة جادة لتغييرها ، و هي التفاتة حميدة من الثنائي ، فقد جابها الصعاب و عملا بهمة و نشاط متجددين و إرادة لن تلين لكي يخرج هذا العمل المتميز للوجود ، تحذوهما الرغبة الجامحة في تغيير الواقع ، و إبراز الذات بعصامية مثلى و نكران الذات ، فمع “أجي نتفارشو” تبدأ أولى حلقات تعرية حقائق الشارع المغربي ،الذي يخفي بين ثناياه معاناة نساء و تضحيات شباب و مآسي متشردين و هموم رياضيين ،فقد غاصا في أعماق الإنسان والمجتمع مسلطين الضوء على حقيقة كل منهما في محاولة لرسم تصور لعالم جديد يحطم تناقضات وعيوب العالم الذي نحياه في ظل المتغيرات العالمية المتلاحقة التي نشهدها حاليا. إخراج هذا الألبوم الكوميدي يأتي وبحسب المبدعين رغم الظروف الخانقة والمعاناة المتكررة، وأمام جور واقع الفنان المغربي الذي يعيش أزمات متكررة تلازمه وتحد من أداءه و تقيده وفق قالب لا يسمح بالتطور والانفتاح على عوالم أخرى قصد استكشاف آفاق متجددة بغية صقل موهبته الفنية و إيصالها لأكبر شريحة من المجتمع. و في صورة ملئ بالعطف و التآزر و التآخي و نكران الذات، وعند انطلاق تصوير العرض الكوميدي أبى الفنان “عبد الخالق فهيد ” إلا أن يكون حاضرا تلبية لدعوة الثنائي مشجعا لهما ومعززا انطلاقتهما الحميدة، معتبرا إياها سبقا فنيا متميزا يستحق الثناء نظرا للمجهودات التي يقومان بها خاصة فيما يتعلق باعتمادهما على إمكانياتهما الخاصة في إخراج هذا العمل، هذا الحدث اعتبره التنائي تزكية مشجعة من لدن أبرز رواد الكوميديا المغربية الهادفة ودافعا للسير قدما دون كلل و لا ملل. الثنائي الكوميدي هشام و حمزة ، لم يلجا عالم الكوميديا عن طريق الصدفة ، بل لقد عملت ثقافتهما المتنوعة والمشارب التي نهلا منها في صقل موهبتهما الفنية المتميزة لتتراءى وبوضوح أكثر في المجال الكوميدي الساخر ،فقد متحا من عالم السينما ما يكفي زادهما وما يروي عطشهما ، فجادا بأول عمل تحت عنوان “خير و سلام” الذي عمل ضجة ولقي تشجيعا ، وتنويها من لدن المهتمين و المتتبعين في المجال السينمائي، و هو عمل من إخراج التنائي، ثم محاولة ثانية لإخراج فيلم قصير بعنوان” جنون الحب” سيناريو و إخراج هشام الغفولي،الذي لازال يذاع في مهرجانات الفيلم القصير موسم 2010/2011 . لتأتي بعدها أول انطلاقة حقيقية في مجال المسرح مع الأستاذ “محمد فرح العوان” من خلال مسرحية “باب الحكاية ” التي عرضت و لازالت تعرض عبر مجموعة من المدن المغربية. ازداد حمزة بغفساي وعاش بطنجة فترة من الدهر ، في حين ترعرع هشام بتازة لتجمعهما الصدفة بفاس مكونين ثنائيا رائعا دون أن يعملا على هذا، حيث لم يفكرا جديا في العمل كثنائي إلا بعد أول عمل جمع بينهما بعنوان “مغرب 2009′′ حيث اكتشفا انسجامهما وتفاهمهما، و كذا تألقهما معا، فكونا ثنائيا يضرب به المثل في الأخلاق و التهذيب ، فالفن بالنسبة لهما شئ لابد منه و هو بحسب رأيهما ” لا سبيل للحديث عن النهضة و التطور والإصلاح دون البحث في الطرق والوسائل التي تزيد من القدرات الإبداعية للإنسان،فالمبدع بما يملكه من وضوح الرؤية و من سمات إبداعية هو القادر على تغيير مفاهيم الواقع و تحسينه ، إذا ما تهيأ له المناخ الملائم لإستغلال الطاقات الكامنة لديه وتفجيرها لصالح المجتمع وهذا يتطلب منا الإجادة أكثر فأكثر من أجل تغيير هذا الواقع”،وبالرغم من حبهما الشديد للفن ،إلا أننا نجدهما حاضرين و بقوة في المجال الدراسي حيث يعملا بجد و كفاح من أجل نيل شهادات عليا و هكذا نجد هشام في السنة الثالثة بشعبة هندسة المعلوميات أما حمزة فقد تخرج هذه السنة من شعبة الفندقة و التسيير ، و هي صفات قلما نجدها حاضرة في شباب اليوم إلا من رحم ربك . لا يقف طموح الثنائي هشام و حمزة عند هذه الأعمال فقط بل لقد تعدوها بأعمال أكثر إجادة من سابقتها فهناك عمل تحت عنوان “الشركة” تأليف “أحمد الطيب لعلج” و إخراج “محمد فرح العوان” ثم مشروع برنامج كوميدي مع إحدى القنوات المغربية مع أمير القفطان رشدي بن بقشوش بالإضافة إلى أعمال أخرى لم يرغب الثنائي الإفصاح عنها . و في رسالة أخيرة للمجتمع صرح الثنائي”أنه في ظل المتغيرات العالمية المتلاحقة التي نشهدها حالياً؛ لا مجال للخمول والسكون والركون إلى مسلمات الواقع، وإذا ما أردنا أن يكون لنا مكان في هذا العالم فعلينا أن نصنع الإنسان القادر على الإبداع والابتكار و امتلاك الوسائل لمواجهة التحديات الحضارية وخلق مجتمع له هويته وسماته المميزة له و أن العمل الكوميدي ما هو إلا وسيلة من هذه الوسائل فنحن نرفض الضحك من أجل الضحك بل إن لنا رسالة نؤمن بها و نجسدها عبر مواقفنا الكوميدية علها تصل إلى آذان صاغية تعمل بها و تضحد جميع أشكال القهر و الاستبداد و العنصرية “.