الكاتب المغربي أجير بالدولار في المشرق، مناضل ببلاش في المغرب الزميل عزيز باكوش كتب: عزيز باكوش – إضاءة : جاء صحفي من الجزيرة ليجري معي لقاءين حول كتاب ألفته وآخر قرأته. وبعد ربع ساعة من الحديث عما ألفت وقرأت، سلمني أربع مئة دولار، ومع الاعتذار عن هزالة المكافأة التي اعتبرها “رمزية”؟ كانت بالنسبة إلي مفاجأة، كم تصريح، وكم مداخلات مطولة وفي عز الليل أو وقت القيلولة مع الإذاعة الوطنية، ومع الأولى، ومع الثانية، ولا صولدي أصفر؟ بل عليك أن تصرف من جيبك ثمن السفر”. سعيد يقطين، جريدة المساء المغربية. تساءل سعيد يقطين أستاذ جامعي من المغرب “هل الكتاب المغاربة في حاجة إلى اتحاد كتاب؟ وألمح أستاذ التعليم العالي في مقال مطول نشرته جريدة المساء المغربية الأربعاء الماضي، كان الكاتب يفكر بنشره وتعميمه قبيل انعقاد مؤتمر اتحاد الكتاب المغاربة، واستنكف الأمر، إلى مابعده، خشية تأويله على نحو غير صحيح، على خلفية ” تأخر الوعي النقدي بالمغرب قائلا ” ارتأيت نشر هذه المقالة، بعد انتخاب مكتب مركزي للاتحاد “عسى أن تحفز على التفكير وتفتح نافذة للتأمل في واقعنا الثقافي بصورة عامة ووضع كتابنا وإنتاجنا الفني والأدبي بصورة خاصة”. وأبرز سعيد يقطين رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في طرحه الاشكالي، الذي جاء في صفحة بالكامل، حاجات الكتاب المغاربة الملحة إلى ناشر ثقافي، وإعلام ثقافي، ونقد مواكب، وكتابة حقيقية مقارنا بينهم وبين نظرائهم في المشرق العربي، داعيا الى رفع جميع التحفظات حول الأوضاع المادية للكتاب المغاربة في علاقتهم بالمؤسسات التي ينشرون بها، وأوضح من خلال 10 أسئلة جوهرية ذات صلة بعالم الكتابة النشر والإبداع،رؤيته لواقع الكتابة البئيس في المغرب المتخلف عن نظيره بالمشرق متسائلا: 1- لماذا لا يكافئ الإعلام المغربي الكاتب المغربي؟ هل الكاتب المغربي لا يبذل جهدا مضنيا في كتابة القصيدة والقصة والمقالة والحوار؟ 2- لماذا يساوي عمود لكاتب مغربي في جريدة مشرقية مائة أو مائة وخمسين دولارا، ولا يساوي العمود نفسه، في جريدة مغربية حتى شكرا؟ 3- هل الإعلام المغربي فقير إلى هذا الحد؟ أم أنها ” الثقافة ” التي تحدثنا عنها مع الناشر الكتبي هي إياها؟ 4- كيف يمكن وصول منتوج الكاتب إلى القارئ المغربي؟ 5- كيف يمكن تقويم الكتب؟ ونقدها؟ 6- من يكتب في المغرب مناضل حقيقي. فمن يكافئ هذا المناضل؟ 7- المناضل متطوع، وهو الذي يفعل ذلك من تلقاء نفسه، وعليه أن يدفع فاتورة اختياره أن يكون كاتبا؟ 8- فكيف يمكن أن يكون هناك نشر ثقافي أو إعلام ثقافي أو مواكبة نقدية، عندما لا تكون هناك كتابة حقيقية؟ 9- هل اتحاد كتاب المغرب في حاجة إلى كتاب؟ 10- أم أنه مكتف بذاته لتنشيط الوسط الثقافي، والعمل على توفير الحاجة إلى “الكتابة الحقيقية” وكل الحاجات الحيوية للكتاب؟ بعد رصده الدقيق لأوضاع الكتابة والنشر، لم يفت الكاتب عضو المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب لدورات ثلاث الإشارة في ذات السياق إلى حاجات الكاتب المغربي المشروعة والملحة، والأوضاع المزرية التي يعيشها ككاتب رسمي مبطق، محملا إياه جزء من المسؤوليته في إذلال شخصه، والعبث بمنتوجه الأدبي والرمزي. ديباجة، وأربعة أبواب مفصلية، ختمها الكاتب العام لرابطة أدباء المغرب، على السبيل التركيب، شكلت فضاء حقيقيا للسؤال حول طابو “تعويض ومكافأة الكاتب المغربي” ودعوة للتأمل في مساحاته الملتبسة وتمظهراتها، سياسية كانت أم مستقلة، كما شكلت في الوقت نفسه شرفة موضوعية للبوح و للإحاطة بالوضع الثقافي والإبداعي ببلادنا، وجرعة انتعاش على ضوء التطورات التي يشهدها واقعنا والتحولات العولمية الجارفة المحدقة به. في باب حاجات الكاتب المغربي، يعتبر اعتبر عضو اتحاد كتاب الانترنيت العرب البطاقة آخر ما يمكن المطالبة به، حيث يقول في هذا الصدد ” يحتاج الكاتب المغربي لأنه إنسان يكتب إلى أشياء كثيرة يفتقدها في واقعنا الحالي. لعل أهم هذه الأشياء ليس أن تكون له ” بطاقة ” عضوية. إنها ليست في الواقع الفعلي سوى “بطاقة ناخب” يستعملها في المؤتمر، وعليه أن يجددها في المؤتمر الموالي ليشارك في أشغاله مصوتا على مكتب جديد وأعضاء جدد. أما ما خلا ذلك فلا صلاحية لها”. ممهدا بذلك السبيل الى طرح الحاجات التي يراها من الأولويات. في باب الناشر الثقافي يضع الكاتب العام للمركز الجامعي للابحاث السردية خطا أحمر بين” الناشر الثقافي، والناشر الكتبي منصرا للأول قائلا :ما هو موجود عندنا هو الناشر الكتبي (بائع الكتب) الذي يستجيب لمتطلبات السوق، والكتب التي تبيع نفسها لأسباب عديدة تتعلق بنوعية الكتاب واسم الكاتب. ويقف دوره عند حد انتظار المشتري الذي يعمل على تحقيق أفق انتظاره”. الإعلام الثقافي.. يقول الاستاذ الزائر بجامعات فرنسية في شأنه أنه متأخر جدا، لأنه يعكس صورة الإعلام المغربي إلى الثقافة والأدب”. ويضع عضو اللجنة العلمية في سلة واحدة “حيث يتساوى في ذلك” التأخر “القطاع” الرسمي والشعبي، الحزبي والخاص، اليمين واليسار. مستطردا “قد يعترض معترض بأن هناك ملاحق ثقافية وصفحات خاصة ومجلات،،، لكن كل ذلك لا يعني في نظر الباحث “إلا شيئ واحد” أن الأدب والثقافة لا يحظيان بما يتلاءم معهما في إعلامنا السمعي والمرئي والمكتوب والإلكتروني”. المواكبة النقدية: في هذا الباب، يقدم الكاتب امثلة على سبيل المقارنة فيقول “إلى متى يظل الكاتب المغربي محروما من المكافأة “المادية” من”دور” النشر ومن “مقاولات” الإعلام في بلده. ومحروما أيضا من المكافأة ” الرمزية والمعنوية” قائلا ” من يكتب في المغرب مناضل حقيقي” ثم يجرؤ ويضيف متسائلا ” فمن يكافئ هذا المناضل؟ يقول لسان الحال المغربي : المناضل متطوع، وهو الذي يفعل ذلك من تلقاء نفسه، وعليه أن يدفع فاتورة اختياره أن يكون كاتبا؟ ويقول له الناشر، والإعلامي إذا نشرت لك فأنا صاحب فضل عليك : فأنا قدمتك للقراء، ويقول له الآخر : جعلت نصوصك قابلة للقراءة. وعلى الكاتب المغربي أن يصرف على ” مكتوباته ” ما دام قد اختار أن يكون كاتبا، أوعليه أن ينخرط منحازا إلى هذه الجهة أو تلك لضمان نشر نصوصه، وجعلها قابلة للقراءة أو للتداول. ولا يمكن لهذا الانحياز إلا أن يجعله “كاتبا” ضد “كاتب” أي منتميا إلى إحدى الحلقات ضد حلقات أخرى. والضحية في هذه الاصطفافات هي الكتابة ” المغربية الحقيقية “. فكيف يمكن أن يكون هناك نشر ثقافي أو إعلام ثقافي أو مواكبة نقدية، عندما لا تكون هناك كتابة حقيقية يتساءل الباحث؟ في الباب الاول المعنون بالكتابة الحقيقية : يخلص الباحث سعيد يقطين إلى إن غياب الحاجات السابقة غيابا مطلقا، لا يمكن إلا أن تؤدي إلى غياب “الكتابة الحقيقية “. ليس لغياب المواهب أو العقول، ولكن لسبب رئيسي، في رأيه هو : أن من ينشغل بسفاسف الأمور وتوافهها وانغماره في شؤونها، لا يمكنه أن يفرغ نفسه، أو يتفرغ لمزاولة الكتابة ” الحقيقية ” التي ينشد منها الكاتب الارتقاء بتجربته الإبداعية والنقدية إلى المستوى الأرقى”.مضيفا أن “. هناك من الكتاب والنقاد المغاربة من ينهجون هذا السبيل، ولكنهم للأسف الشديد قلة قليلة أمام المئات من الكتاب الذين يحملون بطاقة عضوية الاتحاد. وما دمنا، نحن الكتاب، لا نعمل على الإحساس بالدور الثقافي والوطني الذي علينا الاضطلاع به على النحو الملائم، فإن الوضع الذي نرفضه جميعا لا يمكنه إلا أن يستمر. إن الكتاب مدعوون ” اآن وهنا” إلى الإنتاج والتفكير في السمو بالإبداع والنقد إلى مرتبة عليا. الباحث سعيد يقطين لا يطلب أجوبة سريعة، ولا يعتبر بحثه سلخا للذات. إذ يقول ” فمن السهولة بمكان أن نلقي المسؤولية على الناشر والإعلامي والناقد أو على اتحاد الكتاب. لكن الكتاب أيضا يتحملون مسؤولية ما جرى وما يجري وما سيجري. إنها دائرة مترابطة الحلقات، يمسك بعضها بالآخر ويسهم كل ذلك في مراوحة المكان”. الكثيرون، اعتبروا الطرح دعوة صريحة إلى رفع التحفظات عن أوضاع الكتاب المغاربة المادية في علاقتهم بمؤسسات النشر سياسية كانت أو مستقلة، فيما يرى البعض الآخر، الطرح مجرد صيحة في واد او نفخة في رماد، سرعان ما تخبو لتستمر حليمة في عاداتها القديمة. وفي سياق ذي صلة، تجدر الإشارة إلى أن أوضاعا بعينها حققت تقدما ملحوظا بالمغرب تشهد به جهات رسمية مؤسسات غير حكومية، إلا أن الاوضاع المادية للكتاب المغاربة في تمظهراتها السياسية والثقافية العامة، ظلت بمنآى عن كل مقاربة.الكاتب المغربي سعيد يقطين ألقى بفردتي حذائه في المستنقع داعيا إلى رفض هذا الواقع. محفزا الكتاب المغاربة إلى الإنتاج والتفكير في السمو بالإبداع والنقد إلى مرتبة عليا “. وبعد أن رصد الباحث حاجات الكتاب المغاربة معتبرا البطاقة وقسيمة الاشتراك السنوية مجرد تأشيرة للتصويت، قال ” إننا نتحمل جميعا مسؤولية واقعنا الثقافي والأدبي. مضيفا ” من السهولة بمكان أن نلقي المسؤولية على الناشر والإعلامي والناقد أو على اتحاد الكتاب. موضحا ” الكتاب أيضا يتحملون مسؤولية ما جرى وما يجري وما سيجري. إنها دائرة مترابطة الحلقات، يمسك بعضها بالآخر ويسهم كل ذلك في مراوحة المكان” ويشدد الباحث المغربي أن ” الكتاب المغاربة في حاجة إلى أشياء كثيرة. بعضها موضوعي، وبعضها الآخر ذاتي. ويرى أن ” تحقيق ما هو ذاتي هو المنطلق في المرحلة الراهنة ” فيما ” الحاجة إلى الكتابة الحقيقية، نقاش لم يتم، وحوار لم يفتح ” بعد. الكاتب لا يريد أجوبة حاسمة، سلبا أو إيجابا، لأنه يرى في ذلك قتلا للسؤال، وإجهازا على محمولاته الدلالية الممكنة. وخلص الدكتور يقطين في تساؤلاته الى ” أننا نرى أننا جميعا كتاب وكفى. لا نقلل من أهمية الجوانب الموضوعية، ونرى أنها حاجات ضرورية، مشددا على أهمية توسيع دائرة الحوار بصددها، والعمل على تجاوزها، معتبرا ” التفكير في واقع الكاتب المغربي من أجل واقع أحسن” إرادة وضرورة ملحة. ويحق لنا جميعا تعميق التفكير وتوسيع دائرة السؤال فيه وبصوت مسموع هذه المرة.