بمدينة الرباط نَظم لي نادي الأسرة التابع لمسرح محمد الخامس يوم 19 دجنبر1997 حفل توقيع كتابي "سيناريو إملشيل ويطو" (1996)، وكانت مناسبة طلبت فيها من اتحاد كتاب المغرب أن يعمل على تأسيس فرع له بتازة، بعد أن سَردْت أسماء الكُتاب الكُثُر النشطين في تازة. وكانت مناسبة كذلك للتذكير بأنني لازلت أفتخر كوني كُنت أهوى التمثيل وممارسَته، وكان لي شرف تأسيس وتسمية "جمعية اللواء المسرحي" بتازة سنة 1964. وكانت مناسبة سانحة أيضا، صرحْتُ خلالها للجمهور الحاضر بأن مسرح محمد الخامس هذا، كل الفنانين الذين يعرضون على خشبته إبداعاتهم، لا يعرفون أن بناءه قد تم بأموال هي أسهم قادمة من تازة. وما قلته في الحفل من هذا القبيل كان موضوع مراسلة صحفية نشر بجريدة " الأنوار" ( الصادرة من الرباط ، العدد 143 بتاريخ 5 فبراير1997 ).
مسرح محمد الخامس في الرباط أصبح معلمة من المعالم الحضارية لعاصمة المملكة. وقد كان بمتابة "أوبرا" المغرب.. إذ قدم إنتاجات عالمية من باليهات واستعراضات متنوعة ومسرحيات مختلفة وروائع الموسيقى العربية ومنها استضافته لسيدة الطرب العربي أم كلثوم. وُضع التصميم الأول لمسرح محمد الخامس، قُبَيْلَ استقلال المغرب؛ على أساس تشييد قاعة سينمائية كبرى بأضخم شاشة بالعاصمة.. وقد دُبرَ بناء ذلك بأسهم جاءت من أموال استثمارية من أحباس تازة حينها، إلى جانب بناء مطبعة فضالة التي كانت بالمحمدية، وفي نفس الوقت تم تشييد سينما الأطلس بتازة التي لا زالت بنايتها وقْفية إلى الآن.
تَم تدشين رسمي لمسرح محمد الخامس بعاصمة المملكة الرباط من طرف جلالة الملك الحسن الثاني يوم 14 مارس 1962. وعُد مكسبا ثقافيا فتح الطريق نحو تقديم المزيد من الابداعات الوطنية الفنية التراثية والعصرية، ثم الانتاجات العالمية. وحتى يتم تصنيف هذه المؤسسة الوطنية في المرتبة المتقدمة التي تستحقها دوليا، فقد تم تحديث هذا المسرح بظهير شريف رقم 293-72-1 بتاريخ 18 محرم 1393ه / 22 فبراير 1973م، تحت وصاية الوزارة المكلفة بالشؤون الثقافية. وقد شهد هذا المسرح إصلاحات هامة تمت بأمر من الملك الحسن الثاني ما بين سنتي 1995 و1997.
هذا المسرح لا يضاهيه إلا "المسرح الوطني الجديد" الذي سيُشيد على ضفاف نهر أبي رقراق، ضمن المشاريع الكبرى التي ستجعل مدينة الرباط عاصمة إدارية وثقافية منيرة كما هو الحال في العواصم الكبرى العالمية.