لم يتبق من عمر هذه الحكومة إلا شهور معدودة، ثم تجرى الانتخابات لتعاد التشكيلة من جديد و التي غالبا لن تحمل مفاجآت جديدة كما يتوقع الجميع، و بعدها ستخضع حكومة بنكيران للمساءلة الإنتخابية، بمعنى هل حققت ما وعدت به أم لا؟ ستبدأ الحملة الانتخابية من جديد و سيخرج سي بنكيران مرة أخرى و يجول المغرب طولا و عرضا و يدافع عن حصيلته الحكومية وكيف دبر الأزمة وسط مجموعة من الإكراهات الداخلية والخارجية، وسيحسب له أنه في ظل هذه الإكراهات استطاع أن يحقق عدة مكاسب لا يمكننا أن نجحدها. نعم، خفف الضغط على صندوق المقاصة، أعاد بعض التوازن للميزانية العامة للدولة، استطاع أن يصنع لحزبه موقعا مهما داخل الأحزاب المغربية الأصيلة، استطاع في خضم الأزمة أن يعطي الأرامل جزءا ولو صغيرا من حقوقهن، وهو الآن يفكر في المعاقين... أرأيت سي بنكيران أنني ذكرت تقريبا كل المحاسن التي جاءت بها حكومتك ولم أغمطها حقها؟ ولم أتحدث عن النواقص لأنك تعترف بذلك، وحتى لا أتهم أيضا بأنني عدمي. فأنا حُمِّلت أمانة و يجب أن أوصلها إليك، وهي عبارة عن سؤال. سي بنكيران هل أتاك خبر المعطل في المغرب؟ سؤال لا يحتاج إلى تنميق و دخول وخروج في الكلام، هو سؤال مباشر، تذكرتَ صندوق المقاصة، تذكرتَ الأموال المهربة، تذكرتَ الأرامل، تذكرتَ المعاقين، تذكرتَ كل شيء ولم تتذكر فئة كبيرة من شعب أنت على رأس حكومته. جئت مع رياح الربيع وهو عنوان الشباب، و أًمَّل فيك شباب هذا الوطن الخير، و قالوا ستنتهي معاناتهم، لكنها للأسف زادت سيادة رئيس الحكومة، اتخذت قرارا شجاعا و منعت التوظيف المباشر وهو قرار جيد صفق له الكثيرون، لكن في المقابل ماذا فعلت؟ هل اعتقدت بأن نشر المباريات على موقع خاص لذلك وإعلان نتائج تلك المباريات كاف بأن يحل مشاكل شباب هذا البلد؟ لا سي بنكيران. عندما نتخذ قرارا يجب أن يكون شاملا، حين منعت التوظيف المباشر كان أولى بك أن تراجع الشروط المجحفة للمباريات، فكيف يعقل أن تضع شروطا تعجيزية و تضرب مبدأ تكافؤ الفرص الذي تنادي به في جميع خطبك؟ جاءت بادرة من حكومتك صفق لها الجميع عندما كان السيد "الوفا" وزيرا للتعليم فألغى شرطا تعجيزيا كبيرا ألا وهو الإنتقاء، و يمكنك أن ترجع لتلك الفترة و ترى قائمة الناجحين لتتأكد من أنه ليس بالضرورة أن يكون المتباري حاصل على معدل عالي و على ميزات حتى يُمنح حق اجتياز مباراة دون غيره، وكما استطعت أن ترفع الدعم عن بعض المواد يمكنك أن تدعم الوزارات ماديا ولوجستيكيا من الأموال التي وفرتها حتى تتمكن من رفع ذلك الشرط المجحف و غير العادل. قضية أخرى سي بنكيران، مسألة السن، راجع شروط أغلب المباريات لتجد أنها تحدد سن المتباري، ماذا نفعل بأولئك الذين تجاوزوا ذاك السن، نرميهم إلى البحر؟ المباريات لا تعترف بشواهدهم، الجامعات هي الأخرى لا تعترف بها عند التقدم لاجتياز مباريات الماستر أو إعادة التسجيل من جديد، القطاع الخاص لا يقبل بهم، بالله عليك و أنت أب قبل أن تكون رئيس حكومة، هل تقبل هذا الظلم و الحيف على فئة كبيرة من أبناء هذا الوطن؟ و دائما في نفس الإطار، أليس في حكومتكم الموقرة وزراء بلغوا من الكبر عتيا و يسيرون دواليب وزارات مهمة، فكيف تقصون الشباب من المباريات بداعي السن ولا تقصون الوزراء بنفس الداعي، كيف تحكمون. قلتَ بأن الوظيفة العمومية لا يمكنها استيعاب الجميع، وهذا كلام لا غبار عليه ومعقول، لكن في المقابل ماذا أعدت حكومتك لهذا الشباب كبديل عن ذلك، الأبناك لا تقرض بدون ضمانة من أجل إنشاء المشاريع الخاصة، هل يمكن أن يتأبط شاب شهادته و يتجه إلى أقرب بنك لطلب قرض من أجل إنشاء مشروعه الخاص؟ طبعا لا. أرأيت سي بنكيران أن هذا الشباب أينما ولى وجهه لم يجد الحل، و في الأخير تطلبون منه ألا يكون عدميا ومشروع ثورة مؤجلة. سي بنكيران، حملتُ لك رسالة شباب أمَّل فيك خيرا، لكنك للأسف لحد الآن لم تقم بأي شيء من أجله، لا يمكنك أن تصفهم بأنهم من فئة المشوشين أو التماسيح و العفاريت، بل هناك منهم من صوت عليك و على حزبك إيمانا منهم بأنكم إذا وعدتم لم و لن تخلفوا، لكنك للأسف لحد الآن لم تقم بشيء تجاهها، هي لا تطلب منك ريعا أو مقابلا، كل ما تطلبه منك أن تعطيها حقها، حقها في العمل، حقها في العيش، حقها في الكرامة...