قدمت فرقة مسرح التأسيس بتازة، اول امس الثلاثاء عرضاً لمسرحيتها الجديدة "الدقات الثلاث"، و تنطلق فكرة هذا العمل الرائع من "الدقات المسرحية الثلاث"... هاته الدقات التي تعلن ميلاد حياة جديدة لأعمال طواها النسيان... كما تختزل في إيقاعاتها صدى سنوات من الخلق والإبداع... تنطبق الدقات/ البداية من قلب موسم كبير..موسم بحجم الوطن الكبير... موسم يجمع الناس بالناس، يحجون إليه من كل حدب وصوب، يحجون إليه قاصدين (شراء الفرح).
هذا الفرح/ المستحيل... الذي لم ولا ولن يتحقق في غياب إنسانية الإنسان العربي... ينقلب الاحتفال/ الموسم، إلى مأتم يتبادل فيه الناس التهم... ليطرح السؤال الكبير/ العميق/ العريض... من ضد من؟... ومن يتهم من؟... ما هي التهمة؟ أم أن القضية هي: (لغم) يصعب التكهن بميقات انفجاره... وتتدخل الثلاث لتحسم الأمر مؤقتاً، على أساس أن يتحمل الفكر/ المؤلف مسؤولية إعادة توزيع الأدوار على المتهمين ومن اتهموهم...
بين هذا وذاك تحضر شخصيات وتغيب أخرى... تتداخل الأزمنة وتتقاطع المسافات والأمكنة... ليرتمي الكل في النهاية «داخل مزبلة التاريخ»... فلا شموخ الأطلس، ولا عروبة صلاح الدين، ولا زهد الحلاج، ولا تورية هاشم،... ولا صوفية الحكواتي، ولا صراحة خناس...
لا هذا ولا ذاك استطاعوا القضاء على نرجسية «ترسيس» ليبقى حضور الفرح مغيباً مقابل حضور: العنف، الغضب، والبطاقة وكل أنواع الفساد... فلا الموسم استطاع تحقيق الفرح ولا شخصيات الموسم استطاعت الكشف عن الحالات المتمردة عن الفرح... لتعود اللعبة في النهاية إلى الفكر/ المؤلف في محاولة لإعادة تركيبها وترتيب أوراقها المبعثرة. كل هذا وتبقى الدقات الثلاث هي ذلك الجرس/ الزمن/ المنبه الذي ينبعث منا وفينا ومعنا، إنذاراً أزليا يحضر في كل زمان ومكان... وقد استطاعت الفرقة أن تخلق تكاملا فنياً يجمع بين عمق النص وانسجام الإخراج وبراعة الأداء...