كيف لنا أن نقارب موضوعا شائكا بحجم البطالة ؟!! كيف لنا أن نتناول إشكالية اجتماعية باتت تؤرق حكاما و محكومين ؟ !! هل أصبح بإمكان المواطن التازي الحلم بعمل شريف يقيه لوعة الانتظار و ضبابية الأماني ؟ !! "نتقدم في العمر رويدا رويدا فتبدأ الأحلام تصغر شيئا فشيئا إلى أن تندثر بالكامل" يعلّق أحد معطّلي مدينة تازة وعلامات الحسرة بادية على محيّاه ودموع القهر تنهمر من عيناه، و كأنه يهمس بلسان حاله همسا خفيا و يبوح لخاطرة نفسه أن أحلامه التي رافقته منذ صباه قد تبخّرت ، و أمانيه التي استشرف أفقها قد انتحرت لتصير مجرّد آمال تقبل طوعا أو كرها بالفتات ، مقابل عدم التمدّد على سرير البطالة الذي قد يكون سبب الإجهاز على زهرة الشباب.
أن تكون معطّلا في تازة يعني أن تنام متأخرا لتترك الفرصة لعقل أنهكته التخمينات في الغوص في آفاق المستقبل المجهول، علّه يعثر على بوابة الأمل المفقودة .
أن تكون معطّلا في تازة يعني أن تعتاد إحدى مقاهي المدينة التي تناسلت انسجاما مع استفحال الظاهرة و ترتشف فنجان قهوة قاتم سوادها في انتظار فلق الوظيفة القريب، وأن تجعل ليلك نهارا ونهارك ليلا، و أنت تنتظر تمرّ عليك السنون تثرى ، فتسحبك إلى المستقبل البعيد بعنف شديد ، يزيد من شدّته وعود المسؤولين و سلوك الوصوليين.
أن تكون معطّلا في تازة يعني أن تترقّب على أحر من الجمر راصدا ذاك الإصدار العمومي الخاص بإعلانات الوظائف، وتهرع لنسخ الوثائق اللازمة محاولا رمي الكرة في ميدان الجهات المختصة ، في مبادرة للإقناع الذاتي بتحقيق معجزة الشفافية و خارقة مبدأ تكافؤ الفرص.
أن تكون معطّلا في مدينة تازة يعني أن تأبى كرامتك و عزّة نفسك البقاء متفرّغا طول الوقت ، فتتجه نحو أعمال لم تمر قط على مخيلتك، أو حدثتك نفسك بها يوما ، فتعمل نادلا أو بائعا متجولا أو حارسا ليليا، و تتمنّى فقط أن يتركك النّاس في حالك بعيدا عن عبارات الشفقة و العطف و الإحساس بالدّونية.
أن تكون معطّلا في تازة يعني أن تخوض اعتصامات متكرّرة، و تنظم مسيرات و وقفات احتجاجية و تشارك في لقاءات تواصلية من شأنها إحراج القائمين على الشأن المحلّي الذين ألفوا المتابعة السلبية والمقاربة الأمنية والاكتفاء بتسويغ الوضع الراهن من خلال المناشدة بالتحلّي بالصبر و عدم اليأس و انتظار الفرج القريب .