قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إنه مستعد باسم حكومته للاعتذار عن أحداث تازة وربما تعويض بعض المتضررين.
هذا التصريح يخالف المعقول، الشعار الذي استعاره هذه الأيام زعيم العدالة والتنمية من زعيم الإكس شيوعيين نبيل بنعبد الله الذي سبق أن اتخذه شعارا لإحدى حملاته الانتخابية، أي أن هذا التصريح يمكن أن يصدر نتيجة انفعال في لحظة من اللحظات ولكن أن يكون تم التفكير فيه واتخاذ الموقف بشأنه فهذا ما لا نستطيع تأكيده، غير أن رئيس الحكومة ممنوع عليه إطلاق الكلام على عواهنه لأن كلماته محسوبة بدقة كما هي أفعاله.
وبناء عليه تطفو إلى السطح حزمة أسئلة لابد لبنكيران من الجواب عليها. فمن هي الجهة التي سيعتذر لها بنكيران؟، هل سيعتذر للمواطنين الذين خرجوا محتجين على غلاء فواتير الماء والكهرباء أم للذين استغلوهم لإشعال نار الفتنة؟، هل سيعتذر بنكيران لإخوانه الذين قال عنهم إنهم يلعبون بالنار ووجه لهم الاتهام فيما حدث بتازة؟، وهل انتهى التحقيق فيما جرى وتم تحديد المسؤوليات؟
وهل قامت الحكومة بفعل ندمت عليه أو اكتشفت أن ما أقدمت عليه كان خطأ؟، إن الاحتجاج السلمي على غلاء فواتير الماء والكهرباء حق ضمنه الدستور وكل القوانين ولا يمكن لأحد أن يزايد على أحد في هذا الموضوع، لكن الخروج عن القانون وتخريب ممتلكات الغير والسيارات العمومية والاعتداء على عناصر القوات العمومية فعل شنيع لابد أن تتصدى له الحكومة بحزم وهو ما فاه به مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات والقيادي في حزب رئيس الحكومة، أمام البرلمانيين في سياق جوابه عن الأسئلة الآنية المطروحة بهذا الصدد. إذن المعادلة واضحة وضوح الشمس، الاحتجاج السلمي قانوني ومشروع واستعمال العنف من أجل التعبير عن المظلومية شيء يحاربه القانون.
ونعتقد أن بنكيران أستاذ الفيزياء له حظه الكبير من معرفة المعادلات الرياضية وحلها، فلا نعرف كيف استعصى عليه حل هذه المعادلة. ولا نعتقد أن بنكيران يجهل أنه في هذا التصريح يعتذر لجهة مجهولة للعموم ومعلومة لديه وقد أشار إليها في حوارات صحفية، وهي جهة تلتقي معه في الانتماء الإيديولوجي وتختلف معه في الرؤية للمؤسسات، وهذا الاعتذار يسقط في مبدأ النصرة الخاطئة داخل الصف الإسلامي.
ثم إن الحكومة لم تقدم على فعل خطإ حتى تعتذر عليه وإلا سنفهم من كلام بنكيران أن تدخل القوات العمومية لحماية الأمن العام كان خطأ، ويمكن للوزير العنصر وأضريس أن يجيباه عن هذا الموضوع، وليس من حق رئيس الحكومة أن يبقى مكتوف الأيدي تجاه أحداث من هذا النوع وأن يجيب عنها بدون لف ولا دوران ويحدد مكامن الخلل وأين تقع المسؤولية. نعرف، أن المواطنين بتازة خرجوا من أجل مطالب معقولة وهؤلاء ليسوا من دعاة التخريب، فالتازيون كباقي المغاربة متحضرون وليسوا دعاة عنف، وهناك رهط من تنظيمات متعددة تريد الخراب وتنتعش فيه هي التي تقف وراء تلك الأحداث. وبالتالي، مطلوب من بنكيران أن يحدد من هي الجهة التي أشعلت نار الفتنة بتازة ويعتذر لنا نحن المواطنين المغاربة. فرحمة بهذا الوطن يا بنكيران.