السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، لا أعرف بما سأناديك، أأقول لك سي بنكيران أم أناديك بسيادة رئيس الحكومة؟ المهم اختر الاسم الأقرب الى قلبك، فكلها شكليات. قبل الدخول في موضوع الرسالة أود أن أذكرك بأني اكتب لك هذه الرسالة وأنا متجرد من كل صفة اللهم صفة المواطنة، فأنا وان كنت أتكلم باسمي ففي الواقع احمل لك بين سطور هذه الرسالة آمال فئة عريضة من هذا الشعب العظيم، سواء الذين صوتوا على حزبكم أو الذين صوتوا لحزب آخر أو الذين قاطعوا. سي بنكيران، لقد صوت على حزبكم عدد كبير من المواطنين، منهم من هو مؤمن ببرنامجكم ومنهم من هو متعاطف مع حزبكم ومنهم من صوت نكاية في غيركم، ومنهم من أراد أن يجربكم ومنهم من لاح له بصيص أمل فيكم، المهم تعددت الأسباب والتصويت واحد، وأنا على يقين بأنك واع ومدرك لكل هذه الأشياء التي ذكرت لك، لكن لابأس فالذكرى تنفع المؤمنين. أنت تعلم بان المغرب يمر من مرحلة صعبة على جميع الأصعدة، وان كل خطواتك سوف تكون محسوبة عليك وعلى أعضاء حزبك، كما أن هناك من ينتظر منكم اقل هفوة لينصب لكم المشانق ويقيم المحاكمات ويبرهن للشعب أن اختياره كان خاطئا، فها أنت ترى بأن الانتقادات قد بدأت قبل أن تبدأ الحكومة بممارسة مهامها، وكن على يقين بأن من جعلوا الحداثة حكرا عليهم، وان الحداثة لهم لا لغيرهم سيشهرون سيوفهم في وجهكم في جميع الميادين، وأول الجبهات التي سيفتحونها عليكم هي جبهة الفن والإعلام، فأنت سترى بأن بعض الفنانين والمخرجين سيزيدون من جرعة الجرأة حتى لا أسميها شيئا آخر في أعمالهم، وانتظر أن تتعرى الممثلات أكثر أملا في أن تتدخلوا ليبينوا للعالم بأنكم رجعيون وأنهم طالما حذروا منكم ولكن لم يستمع إليهم احد، فسترى بعض الفنانين سيطلق لهم اللسان وسيصبحون من أشد المدافعين عن الفن، و ياليته كان فنا، ثم إن بعض وسائل الإعلام كبعض الجرائد ستفتح النار عليكم وذلك بحشو صفحاتها بتحقيقات عن الجنس والشذوذ وغيرها من المواضيع التي لا تنفع القارئ بشيء اللهم إثارة غيظكم، كما أن الصور التي يؤثثون بها صفحات جرائدهم ستكون لفتيات ونساء أكثر عريا من ذي قبل، وهم يدركون قبل غيرهم انه لا فائدة تذكر من نشر صور لعارضات أزياء وممثلات بملابس داخلية، اللهم إن كانوا يخاطبون في القارئ شيئا آخر غير عقله. كما أن الشواذ جنسيا والمدافعين عنهم سيقفون لك وقفة (رجل) واحد، ويحاولون في ظل حكومتكم أن ينتزعوا حقوقهم المشروعة، وان رفضتم فالتهمة جاهزة، فأنتم ظلاميون ومسائيون وليليون وهلم جرا من النعوت الجاهزة، وربما يذهبوا إلى ابعد من ذلك، فلا تتفاجأ إن هم أرادوا أن يدولوا قضيتهم العادلة. ولا أنسى أن أذكرك بفئة تعيش بين ظهرانينا تتستر بقناع العلمانية ستكشر لك أنيابها وتسرد عليك حقوق الإنسان وحتى "الذبان" إن أنت وقفت في طريقها، أو خالفتها الرأي. كما انك لا تحتاج لأن أذكرك بالوصوليين الذين يضحوا لك ضحكتهم الصفراء وينافقونك وهم يحيكون لك الدسائس في الخفاء، وفوق كل هذا وذاك يترقبك شارع يغلي، فيه أناس لن يرضوا عنك حتى ولو أصبح المغرب يضاهي فرنسا، وهناك فئة تنتظر ماذا أنت فاعل، فان أنت أحسنت فقد ضمنتهم في صفك، وان أنت أخطأت ربما يلتمسون لك العذر، وهناك نوع سيعارضك لان لحيتك لا تعجبهم، وسيضلون معارضين لك لسبب بسيط أنهم معارضون، فهم هكذا ولدوا وهكذا سيموتون وهكذا سوف يبعثون. لا تنسى سي عبد الإله انك جئت في مرحلة صعبة، وأنا اعرف بأنك تعرف حساسية المرحلة، وانك قررت خوض غمار الحكومة بكل شجاعة، وهذا من طبع المؤمن القوي الذي هو خير من المؤمن الضعيف، كما أنني اعرف بأنك تعرف بأن جل المغاربة لا يهمهم اللون السياسي للحزب الذي سيقود الحكومة بقدر ما يهمهم ما سيحققه هذا الحزب لهم من أمور ملموسة على ارض الواقع، فالعائلات يجب أن ترى أبنائها يلجون سوق الشغل بكل سهولة، والموظفون يجب أن يروا بأن أجورهم تزيد في قدرها كما تزيد الأسعار اشتعالا في كل شيء، والمواطن يجب أن يرى بأم عينيه أن الفساد يحارب وان المفسدين يحاكمون، وان اقتصاد الريع لا محل له من الإعراب من الآن فصاعدا في دولتنا، ويجب أن يروا بان قنواتنا التلفزية تعكس هويتنا المغربية و لا تعاكسها، كما لا أخفيك سرا أننا نتمنى أن يحرز منتخبنا لكرة القدم على كأس إفريقيا حتى لا أقول كأس العالم فتتهمني بالطمع، نتمنى ألا يضيق على صحفيينا خصوصا الشرفاء منهم، وان يطلق سراح من اعتقلوا منهم ظلما وعدوانا، وكذلك جميع المظلومين في سجون المملكة،كما نتمنى أن يركب جميع وزراء حكومتنا الموقرة سيارات عادية وحبذا لو كانت من نوع "لوغان" وذلك ليس فيه انتقاص من شأنهم بل ترشيدا للنفقات وحتى يكونوا اقرب للشعب، أما من أراد ان يتبرع من جيبه فليس في ذلك عيب.
وفي الأخير أتمنى أن توفق في مهمتكم، وأذكرك بأن التاريخ إما سيشهد لكم وإما سيشهد عليكم.