أنور خليل * الخميس التاسعة ليلا ... ألبستني أمي أجمل ما اشترت لي – من سوق الخردة طبعا – وحاولت أن تمشط شعري الذي يفقد صوابه في فصل الصيف ويكبر بسرعة جنونية، لكنها فشلت فاستعانت بطاقية إخفاء لتخفيه ... مظهري أقسم لكم أن لن يجده أحدكم على صفحات مجلات الموضة ، إلا إذا كانت في المجلة صفحة لغرائب الألبسة فسأكون أنا نجم الصفحة .. بعدما ألبستني أمي تلك ( الملابس ) بدأت تفتح خزانتها –...
لعلمكم خزانة أمي شبه فارغة ومع ذلك تقفلها بمفتاحين – تخاف أن يسرقها أحد – ... لو دخل سارق ليسرق غرفة نوم أمي لوضع قنينة عطر إشفاقا عليها – ... تذكرت العطر ... عندما فتحت أمي خزانتها أخرجت قنينة عطر لم أعرف من اسمها سوى لونها البرتقالي ... هاته القنينة شربت منها ذات يوم ظننتها "فانتا برتقال" ... لا تحتقروني ، كنت صغيرا حينها .. لم أكن أفرق بين الخزانة والثلاجة ... لأنني لم أكن أعرف شكل الثلاجة حينها ... ... وضعت أمي عليّ العطر الذي يشتريه أبيه من بائع متجول يبيع مواد النظافة وقد أضاف العطر في إطار توسعة المشروع ... هذا العطر كان يباع باللتر وكان صالحا لجميع من في البيت ، أمي ترشه عليها وعلي أحيانا ، وأختي ترشه تحت إبطيها وأحيانا تطلب مني أن أغمض عيني كي لا أرى مكانا آخر كانت ترشه ، أما أبي فقد كانت له حصة الأسد ، فهو يغسل به وجهه وأحيانا يتمضمض به ليدرأ رائحة الفم ..وكان يعيد به الوضوء كل جمعة ... بالمناسبة ، لا أنصحك بوضع هذا العطر إذا كنت تلبس لباسا أبيض.
هيأتني أمي لأكون في مستوى حدث هذا اليوم ... عرس جارتنا سعيدة ... حاولت أمي أن تتصل بأبي كي يحضر هدية لسعيدة بمناسبة زواجها ، لكن من محاسن الصدف أنه فتح باب الدار ووفر على أمي تعبئتها ... دخل أبي يحمل كيسا بلاستيكيا أسود .. ربما به الهدية ... جلس ووضع الكيس تحت رجليه وأمي تنظر إلى الكيس متجاهلة أبي ... وأبي يتصبب عرقا وينتظر من أمي كلمة شكر كأنه شيد برج إيفل في بيتنا - أدخل أبي يده في الكيس ... وبدأ ينظر إلينا ... ليرى هل نجح في إثارة عنصر التشويق فينا ... أعلم يا عزيزي القارئ أنك تنتظر أنت ايضا ماذا سيخرج أبي من الكيس البلاستيكي الأسود ... وأخيرا ......... لقد أخرج كيسا بلاستيكيا أزرق ... حاول أن يفتحه لكنه فشل ... طلب مني أن أحضر سكينا ... ذهبت لإحضار السكين ...- في الحقيقة أنا أيضا ككاتب تشوقت لمعرفة ماذا أحضر أب الراوي في الكيس - .... أحضرت لأبي السكين .. وأخيرا سأعرف ماذا في الكيس الأزرق .... وجدت أبي قد فتح الكيس وأعطاه لأمي التي وضعته في كيس آخر ... لم أعرف ما هي الهدية التي كانت في الكيس ؟ .... سأختصر .... سألت أمي فأخبرتني أنه أحضر ثلاثة قوالب من السكر ... واحد لسعيدة وواحد لزوجها والثالث ربما لأمي .