[COLOR=red]ملامح من فكر شيخ التصوف سيدي احمد زروق التازي 1/2[/COLOR][COLOR=darkblue] إعداد : عبد الكريم بناني ، خريج دار الحديث الحسنية ، الرباط باحث في الفكر الإسلامي . [/COLOR] [COLOR=black]اشتهر اسم التصوف قبل المائتين من الهجرة عند خواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مع الله تعالى . بل وجد في عهده عليه الصلاة والسلام طائفة عرفت بأهل الصفّة ، ارتبطوا بمسجد النبي الكريم ، " ومن بعدهم برز رجال وأعلام كبار أطلق عليهم أهل التصوف تركوا لنا تراثاً ضخماً وموروثا حيا ، أفرغ فيه الدارسون من قبل -وحتى اليوم- نظرهم،وأعمل فيه الباحثون فكرهم وفحصوا كثيراً من جوانبه ودقائقه. " وقد عرف التصوف الإسلامي مسارات ومناحي عقب نشوئه وتطوره، فظهرت التآليف فيه والتصنيفات من طرف معتنقيه وغيرهم. ومن خلال استعراض بعض التآليف والتقاسيم نجد أن مسار التصوف الإسلامي عرف بعض الخرجات على السياق العام ، كما عرف بعض الهنات ، حيث لاحت في سمائه غيوم بسبب ما وقع به من انعطافات حادت به عن طريقه السليم الذي رسمه له النبي صلى الله عليه وسلم و الخلفاء الراشدين من بعده ، فوقع هو وأهله فريسة فهم مشوّه وقراءات غير خاضعة للمنطق وتقليد سطحي ، فساد اتّباع أعمى لأعلامه، ، فكان لذلك كله أثره البالغ على قصدية الفكر الصوفي وهدفه الذي أسس لأجله. و نتيجة ذلك قام جماعة من العلماء والفقهاء في شتّى الأمصار والأقطار ، ناقدة منتقدة ، فكان منها المغالي، والمقتصد، والمبالغ، وكان منها العالم المتبصر، والجاهل المستكثر. في ظل هذه الظرفية قيّض الله لهذا الخطاب فئة من أهل الحق والفهم والمنطق السديد , تسلحوا بفكر صوفي ثاقب رصين ، جمعوا فيه بين الفقه في الدين، ورسوخ قدم في فهم التصوف، وانخراط موفق موزون في التجربة الصوفية. وكان مقصدهم هو تجلية السحب الملبدة التي أرخت بظلالها على طريق السالكين الأتقياء من أهل هذا الطريق وأصحابه، وتصحيح طريق دربه. ومن هؤلاء الأعلام الكبار ، الفقيه الشيخ سيدي أحمد زروق رحمه الله ، فهو علم من أعلام طائفة المتصوفة، صاحب فكر صوفي متين وراسخ، كان له السبق في توضيح منهج التصوف وتبيين قواعده وملامحه المبنية على أصول الشرع الحكيم والمراعية لمقاصده ومراميه ، بعيدا عن التشدد والغلو أو التفريط والإفراط اللذين لا يحدهما حدود، إذ بين هذا وذاك مدار الأحكام الشرعية . عاش الشيخ زروق رحمه الله في أواخر الدولة المرينية وبداية الدولة الوطاسية في فترة عرفت تدهورا واضطرابا سياسيا من المغرب الأقصى إلى طرابلس ليبيا ، حيث أصابت المغرب نكبة استعمارية احتلت فيها الثغور من طرف البرتغال ( سبتة ، طنجة ، القصر الكبير وأصيلا ) والإسبان الذي طرد أهل الأندلس من غرناطة وضواحيها إلى المغرب. شعر الشيخ أحمد زروق وهو الفقيه والمتصوف الذي جمع بين علمي الشريعة والطريقة أن ما علق بالتصوف من نعوت وشوائب، وأن ما ناله من نقد وهجوم إنما بسبب ما ألصق به، وما أضيف إليه من أمور خارجة عن دائرته، ولمس عن قرب -خلال مقامه وترحاله - أن ثمة انصرافاً حادثاً ، طارئا في طريق التصوف، فأخذ على عاتقه مهمة التصحيح والتقويم لهذا المنهج الرباني ، مزيلاً جلّ ما علق به ،بفكر عارف كسته رؤية مقاصدية واضحة المعالم والمسالك. سعى الشيخ أحمد زروق سعياً حثيثاً نحو تصويب طريق التصوف، ولم يكن مسعاه هذا خلواً من بعض الصعوبات والعقبات، كما لم يكن بمنأى أن تصوب ضده وحوله سهام خصوم وأعداء رغبوا عن طريق التصحيح الذي حمل لواءه، فأذاعوا وأشاعوا ما شاءوا من الأقوال، لكنها ما نالت من صموده وعزيمته القوية في إنارة طريق السالكين . فقد كان يدفع السيئة بالحسنة، ويرد على مخالفيه بأسلوب نقدي بنّاء مشبع بقدر كبير من الاحترام والتقدير، وهو بهذا كان يضع ليس فحسب لمريديه بل لكل سالك طريق التصوف معالم هذا الطريق واضحة جلية،تاركا هذه الثروة التراثية في الفكر الصوفي الرصين [/COLOR]. [COLOR=red]يتبع[/COLOR] ------- إعداد : عبد الكريم بناني