[COLOR=darkblue]من إعداد عزيز باكوش[/COLOR]: نأمل من وراء مقاربة ظاهرة بدائية في العلاج، تدعى ب [COLOR=red]"العوادة" او العوادية"[/COLOR] إثارة اهتمام المختصين من علماء النفس والاجتماع والانكولوجيا وغيرهم، بغية تسليط الأضواء على الظاهرة، والسعي نحو إزالة سماكة الغبار المتكلس فوقها، حتى لا يبقى المجال حكرا على "عشابات "متنقلة في الأسواق، أو" دجال" بباب مسجد أو بسوق أسبوعي. لكن يبقى أن نأخذ بعين الاعتبار، التزايد المطرد، لشرائح مختلفة لمواطنين باتوا يعتقدون بان أمراض المعدة والعين والأدن والحلق والكلاوي والمصران لغليظ والأعصاب والصرع والهذيان ،إلى جانب مرض السكري والضيقة والقلب والمسالك البولية والعقم عند النساء والرجال، قد تم الحسم فيه إسلاميا وبشكل نهائي، أما على مستوى جرعات ماء بكف عوادية في سوق شعبي ، او عبر وصفة خليط أعشاب مجهولة المصدر، ملتبسة والتنسيب، فاقدة للمصداقية العلمية ، سعرها في الغالب لا يتجاوز 40 درهما. وياليت الأمر ينتهي عند هدا الحد ، فلسان الحمار، أو مرارة القنفذ، وشعر الضبع ،أو جناح الذباب اليتيم ، مادة عيارها بالعمل الصعبة ثقيل جدا، تدفعها العانس، أو يسعى عريس فاشل لفك رباطه بواسطتها إلى دفع الآلاف من الدراهم ، وأحيانا الملايين ، لدجال مشعوذ، ناهيك عن ثقافة الحجاب أو الحروزة التي تتلقفها الأجسام الرشيقة والأنيقة، المثقفة والشبه مثقفة على حد سواء، عن سابق موعد، لتتباهى بفحولة عجفاء ، تمتح من وصفات البخور، وإلقاء الشعر المحروق في السباط " الحذاء" إلى غير دلك من الخزعبلات التي بكامل الأسف نتعايش مع نتائجها المدمرة، و نتساكن معها بحميمية ملتبسة ، بفعل الجهل الساكن فينا ليل نهار، والأمية التي نهادنها، وتواطؤ السلطات وبعض المنتخبين، الدين يقفون موقف المناصر ، بل يعملون على مأسستها ، منحها تأشيرة رسمية، عوادات يوقعن بطاقات الزيارة بالميعاد، في حين يتم تجاهل تداعياتها الخطيرة، والسلطة بدلك، تكون طرفا أساسيا في تعبيد الطريق أمامها من أجل الديوع والانتشار. [COLOR=darkblue]لمادا النساء الأرامل و المناطق الشرقية فقط ؟[/COLOR] من بين أبرز الطرق البدائية و أشهرها في العلاج حتى الآن في مناطق مختلفة من ربوع المغرب الشرقي ،سواء لدى الطبقة الشعبية أو غيرها ظاهرة العوادة و هي أسلوب تطبيب بدائي متوارث منذ أمد بعيد، منح اختصاصه للنساء الأرامل، حيث تتلخص معظم طقوسه في جلسة شبه منحنية ، قرفصاء، للمريض داخل خيمة متواضعة بسوق أسبوعي ، قبل تناول وجبة الفطور ، بعد دلك يتجرع المريض الراغب في التعواد ، حثية ماء من كف العوادية الأيمن ، بينما تضغط يدها اليسرى على الرقبة منه ،و بعد أن تقوم بمضمضة الماء لدرجة الاختناق داخل حنجرة المريض، تشرع معدة المريض في ما يشبه الغثيان دفع تسربات لزجة ، عبارة عن تكتلات شعر وألياف رقيقة ، وتأتي أيضا سيلانا متعاقبا يلحظه المريض موتورا ما بين الذهول ولوعة الاكتشاف. [COLOR=darkblue]تساؤلات و إشكاليات؟؟؟[/COLOR] كيف تستجيب أجهزة الجسد لمثل هده التداعيات ؟ هل في الأمر هلوسة اجتماعية تنمو بمعزل عن أية مراقبة ؟ هل المسألة مجرد خدعة عين على درجة عالية من الدهاء كما الأمر في السيرك مثلا تنطلي علي من باب الفضول والاكتشاف على ذي الوعي المحدود أو غيرهم؟ لمادا النساء فقط عوادات؟ وأرامل بالضرورة ما موقف وزارة الصحة، وما حجم خطورة التغاضي عن ترك الظاهرة بمعزل عن أية مراقبة ؟ ألا يكون ثمن السكوت ، الاعتراف بالظاهرة، وتبنيها من قبل الدولة؟ « معترف بها من طرف.....؟ كيف يمكن تفسير ، الإقبال منقطع النظير، على العوادية تحت خيمة بسوق شعبي، بينما يعيش أطباء متخصصون في عياداتهم بأحياء راقية في ظل تقلص ملحوظ لزبنائهم من المرضى ؟ [COLOR=darkblue]بعيدا عن الشرعنة.. قريبا من العقلنة[/COLOR] أسئلة جسورة في تناقضاتها وحساسيتها، هيمنت على مساحة الاتزان لدي زمنا طويلا و أنا ألج عتبة الألفية الثالثة الشيء الذي عجل بالمثول بين يديها ، أخيرا وبعد حيرة وتردد شديدين،اقتربت من خيمتها ، ويمكن الجهر أن المكان كان عبارة عن مزار روحي يحظى بزيارة أكبر عدد من الفلاحين وأبناء الطبقات السفلى من المجتمع ، فضلا عن عشرات النساء من مختلف الفئات والأعمار، بل ثمة رؤوس ماشية تقف في انتظام صوفي قبل اشراقة شمس الصباح. [COLOR=darkblue]قصة حقيقية معاشة[/COLOR] كان دلك بمثابة مزار روحي يرتاده حشد من المريدين التابعين ،تنهض العوادية داخله امرأة ككل النساء يمكن للمرء أن يستحضر تقاسيم وجهها الأسمر الملواح، بتجاعيده العميقة الحفر أحيانا، هيأتها المتأهبة على الدوام ،الغارقة في ظلمة الخيمة المتنقلة بين الأسواق والمدار، و المرقطة ببقع الزيت المترسب الذي تستولي فيه البقعة على أختها، في عناق فوضوي حار، وحده الطست الأبيض الذي تآكلت جنباته يملأ الفضاء جلبة ، بينما لا تكف راحة العوادية المضمخة بالحناء عن منح المكان رهبته وجلاله، اليد المضمخة بالحناء هي أصل الحكاية ، للسيدة التي استيقظت ذات صباح على هبة من السماء، "هد الشي ديال الله أوليدي" و استوت سيدة الكون العظمى، ولما كان من المحال في يقيني غياب معنى عام دون نظام وراء هده الظاهرة ، فقد جعلت مهمتي تنحصر أساسا في محاولة اكتشاف ما ادا كان هناك نوع من الانسجام و التماسك وراء هدا التو هيم النفسي الرهيب، بين ثقافة الذاكرة الشعبية التي تزخر بالعديد من الأمثال والحكم والمأثورات التي تبوأ "النية" منزلة رفيعة مثل " [COLOR=darkblue]دير النية وارقد مع الحية"، "دير راسك وسط الريوس واقطع"[/COLOR] وبين علامات الارتياح والمهادنة التي تطبع ملامح البسطاء ، ثمة أمر ما يثير الحس ، ويستفز الوجدان يجب التأكد من حدسه اللآن وليس غدا، لكن، وعلى الرغم من تمسكي القوي بالمنطق ، فاني لم أستطع لحظة أن أخفي افتقاري الشديد لشحنة قوية من مادة الصبر، كي أرغم قدماي على الوقوف بباب خيمتها، هدا الفضاء الضيق الموحش الذي أحسه يتنصل مني كلما جاهدت نحو الاقتراب منه، كان يتأكد لي بين الفينة والأخرى أن مشروع تنازل ضخم عن كل القناعات والمرتكزات العقلانية بات وشيكا، واحمد الله وأكثر من حمده لأنني رجحت الاحتفاظ بترسانة من المخزون الفكري خارج حدود المنطق ظرفيا على الأقل، حتى يتسنى الانفتاح بكل واقعية على تجليات هدا العالم المجهول القابع خلف جبال من التوهيمات والمعتقدات المحكومة كليا أو جزئيا بتمثلات غيبية من قبيل أولئك البسطاء الدين أرغمتهم الحاجة في البقاء إلى خلق توازنات نفسية ضمن شروط مادية شديدة الفضاضة والقسوة. الآن فقط أجثو على ركبتي أمامي قنينة بلاستيكية من سعة 5لترامتلا نصفها بالماء، غراف أبيض متآكل الجنبات فوق مساحة من الحصى والغبار في فضاء الخيمة ، قبل ثوان شرعت العوادية في الصلاة على النبي ، معظم افتراضاتي وتأويلاتي التي دبجتها قبل ساعات ، تشتبك تنغلق تتداخل وتتقاطع أمام عينياي لقد بت لحظتها شبيها بمائدة خشبية عتيقة نخر السوس قوائمها، دفعة واحدة تكفي لجعلها تتناثر حبيبات متلاشية فوق الأرض، تجرعت الماء ،وفي لحظة، تدفق لآفة من فمي تلقفتها كف العوادية..كان شيئا لزجا خليطا من بقايا أوراق وشعيرات وترسبات اشبه مستحضرات تجميل تقليدية، ماادكره كان ممزوجا بأصداء الباعة ومكبرات صوت باحة لتجار المبيدات والعشابة وصناع الدجل ورث البهائم ونواقيس الكرابة ولهلت أطفال ميكة السوداء والسجائر بالتقسيط...أبركة النبي بسم الله..صفي هدا الذات بجاه النبي بجاهك يامولايال....أجدي أمول البركة ..." في تلك الأثناء غير بعيد عن ناظري تتجمع ترسبات لزجة خصلات شعر من كل الأحجام طحالب متكبدة عفنة تبعث على القرف معجونة بالغثيان.. يجب أن يصدق المرء ما يراه، ليس بي مس وليس الوهم ما ارويه فغشاوة ما انزاحت عن صدري الذي كان مند حين اقل ثقلا وأكثر انفراجا، إن الامتناع عن الفطور في معظم حالات «العوادة» بكسر العين ، و كيفما كانت الوسيلة القصبة،الدبغ، أو الماء، ضرورة احترازية وعامل إشهاد ، فما يطرح خارج الجسد ليس حديث العهد ، بل يرجع إلى سنوات وسنوات مضت، فضلا على أن تعريفة العوادة، اجرتها لا تستقر على حال ، فهي تتحدد وفق منطق " لي كتب الله" حيث لا تتجاوز في معظم الحالات 10 دراهم. على مستوى آخر فان المرضى الدين يقصدون العوادة ينتمون في الغالب إلى شرائح اجتماعية تصدق تصديقا كبيرا منطق الخرافة، " أن الشيء نفسه قد يعجز الطبيب المتخصص عن فعله"،يقول احد المواطنين ، ويضيف " لدلك ،يبدو أن في الأمر التباس ما. فالحديث عن فعل التعواد بمختلف مراحله نظريا شيء، والقبول بنتائجه المادية شيء مغاير تماما. واعتقد أن ما يضفي على المسالة طقسها، لا يكمن في ابتعادها عن الحقل الطبي بمعناه الأكاديمي، كشف موضعي ،وصفة دواء تحاليل كشوفات طبية، وإنما تلك المجموعة من النتائج العينية التي تتجسد ماثلة أمام المتعود، ويقبل بها. من هنا تتأسس إرهاصات الشفاء ،ويتهيأ نفسيا للاستئناس بتداعياتها التي لن تكون سوى رغبته بالقوة ،في تشكيل خريطة شفاء ذاتية بالدرجة الأولى. هل ثمة إمكانية سحرية لتسخير الأرواح والتحكم في مصائرها من اجل القيام بمثل هده الأفعال؟؟؟ العوادة كظاهرة بدائية في العلاج لا يمكن مقاربتها إلا بوصفها طوطما أو طابو لدى الشعوب البدائية؟ [COLOR=darkblue]من المنظور المهتمين و الباحثين في الظاهرة[/COLOR] يرى باحث في علم الاجتماع [COLOR=red]"عياد أبلال"[/COLOR] أن العلم الحديث لن يرسخ أدهانه إلا بإدارة ظهره لعالم الحواس،هدا هو الاعتقاد السائد، فالعالم الذي نراه ونشمه ونلمسه وندركه هو الحقيقة، و يضيف الباحث متسائلا أليس من المفيد القول أن بعض الأساليب العلاجية البدائية قد اكتسبت عن طريق التجربة ، تكفي لتشخيص العديد من الأمراض وتحليلها بكيفية دقيقة جدا؟ فهناك كثير من الشعوب في العالم، لا تزال تجري عملية الفصد والختان و الحجامة. و بصرف النظر عن مضاعفاتها و نتائجها ، ومهما كانت الوسائل التي يستخدمها المعالجون في دلك، سواء تعلق الأمر بالإنسان أو الحيوان ،فان علينا أن نتذكر دائما، بان البدائي يرتبط ارتباطا وثيقا بالمعتقدات الدينية، هده الأخيرة ترمي إلى خلق نوع من التالف والانسجام الروحي بين الإنسان وما يحيط به من الموجودات. أما ما يتعلق بالحضور الرمزي لبعض الاعشاب والنباتات مثل القصبة، الريشة، الدبغ، وغيرها والتي تؤتت فضاء العوادة يضيف الباحث السوسيولوجي، لما كان للزواج طقسه وأعرافه الخاصة ك الدخلة البكارة المهر. وللا نجاب طقسه وشعائره المتميزة مثل لأضحية العقيقة، الرقص الزغاريد. فان العوادة أيضا ما يمنحها قداستها ورمزيتها، باعتبارها نتاج حضارة معينة من جهة، أو إرثا روحيا تتوارثه لأجيال بركة تهبها السماء لحواء المبجلة. في اعتقادنا يضيف الباحث أن هدا التماثل يندرج في سياق المعني الذي المحنا إليه سابقا. فالمنطقة الشرقية من المغرب لها خصوصيات جغرافية ومجالية محضة ، ويمكن التأكيد في هدا الباب، إن هده الظاهرة في طريقها إلى الانقراض برحيل عوادات شهيرات بتازة من غير أن تجد لها بديلا ، ودلك لسبب بسيط جدا ، ما يتعرض له المغرب من اكتساح اثر دخول الوسائط السمعية البصرية ، وعي الناس عن قرب بمجال الطب والصيدلة جعلهم يبتعدون شيئا فشيئا عن مثل هده الممارسات. ويرى الباحث [COLOR=red]امصطفى حمو الداحين [/COLOR]من جهته أن في معظم البلدان النائية التي قام علماء السلالالة بدراسة أحوال سكانها، كان المرض ، كاضطراب بيولوجي يؤثر على السير العادي لأجهزة الجسم ووظائفه، لا يرجع تفسيره باعتباره ناجما عن فيروس أو مكروب أو جرثومة معينة، بل إن البعض يذهب بعيدا في إرجاعه إلى فعل قوى طبيعية غيبية، في ظل هدا الفهم، يمكن لقبيلة أو أخرى ربط دلك بارتكاب المصائب لبعض المحارم ، واقتراف المحظور عشائريا ، بينما تعزيه بعض الطوائف إلى التقصير في أداء بعض الالتزامات الدينية ، والإحجام عن القيام بما يرضي تلك القوى بشرية كانت أو طبيعية ، في ضوء دلك،. فالمرض يكون بمثابة عقاب للأشخاص الدين يسيئون استخدام إمكاناتهم الجسدية والروحية ، هنا تحديدا يخلص الباحث إلى سر الظاهرة، حيث تبرز بشكل جلي القواعد الأسطورية التي يتأسس عليها فعل «التعواد» المحكوم بتمثلات غيبية. يقول الباحث من المفارقات الصارخة إن الطب البدائي يعترف في الكثير من الأحيان بالأسباب الطبيعية والموضوعية لبعض الأمراض، ومع دلك، فإنما ما يقدمه كتفسير لها ، إنما ما ينبع من المعتقدات الخرافية أكثر مما ينتج عن التمحيص العقلي، والاستكانة إلى البعد العقلي والعلمي. ضمن هده المعتقدات، يمكن إدراج شرب اللبن بعد أكل السمك يسبب البرص ، إلى غير دلك.. يقول [COLOR=red]ليفي شتاورس [/COLOR]احد البنيويين البارزين في الفكر المعاصر، إن ضمن أشكال الحياة التي نعيشها الآن ، نستخدم جزءا من طاقاتنا العقلية يقل عن الجزء الذي يستخدمه الشعب الذي نكتب عنه ،والدي نعتقد انه يفكر بطريقة أسطورية.. هناك ادن أسبابا كثيرة تؤكد دلك في نظر علم الدلالة ، ولعل أهم ما يبدو جليا ضمن هدا الفهم صورة المعنى بالدرجة الأولى، فالتعود من عاد، يعود ،عيادة ،بمعنى، زار، يزور، زيارة ، هو نوع من [COLOR=darkblue]التطهير catarssis [/COLOR]بتعبير أرسطو أي عملية إجلاء لكل الأرواح الشريرة خارج الجسد في أفق تحصينه من القوى المدمرة والماحقة من قوى الشر الغاشمة .. وبخصوص ارتباط الطب الشعبي بالخرافة يرى الباحث الاجتماعي ،كل مقاربة تنفلت من التناول العلمي الوضعي هي مقاربة تنتمي إلى الخرافة والشعوذة، وبالتالي فإن الأساطير والمعتقدات البدائية، ما هي إلا نتاجات ساذجة مرتبطة بتاريخ وبحقبة زمنية، لم تكن البشرية خلالها تعلم معالجة الأشياء ، ولم تكن قادرة على إيجاد حل لمتناقضات الواقع، ولهدا السبب، ظلت تلجا إلى حلها عبر حكايات واعتقادات تمتح من الخيال، حتى يتسنى لها تجاوز المتناقضات . ويضيف إلى حدود بداية القرن 20 ، كان من المستحيل التحدث عن التداوي بالأعشاب..مجرد الحديث عنه، يعني الخرافة، أي كل ممارسة شعبية لا علاقة لها بالعلم. والواقع أن معظم الأساطير والمعتقدات الغيبية، حسب المتخصصين ، ترى في نشأتها حصانة قوية ضد قوى الشر ،التي تهد جسم البشر من غير رحمة أو شفقة، ومن اجل الحفاظ على حياته ، ابتدع الإنسان طرقا علاجية لطرد الميكروب خارج الجسد والانفلات من قبضة الأرواح الشريرة ، وتأسيسا على هدا الفهم، جاءت ظاهرة العوادات ، كأسلوب شعبي في العلاج، و تنبع في الغالب من خصوصية جغرافية ومجالية معينة. لدلك فان التطبيب الشعبي في دول آسيا والصين ، ويمكن إدراج الوخز بالإبر في هدا السياق، ليس هو التطبيب في شمال إفريقيا. كما أن توظيف ثقافة التداوي بالاعشاب عند العرب له منحى التجارة أكثر منه التحليل والدراسة والتنسيب ، عكس ما هو عليه الامر في الغرب مثلا. يتم والتنسيب ومزج الأعشاب بشكل دقيق ومدروس ، " هي ليست مصطفاة ولا هم يحزنزن" بقول الباحث الاجتماعي [COLOR=red]عياد أبلال[/COLOR]،ولا تتوفر على بركة الله، كما انها لا تتوفر على شيء من هده الأقاويل، كل ما هناك ،إنها إنسانة تهتم بالمعيش اليومي ، كما هو الحال بالنسبة للباحثين عن الكنز ... فلا بركة ولا اصطفاء ولا هم يحزنون، ويمكن القول انه أيضا،لدلك نرى انه من المحمود أن يلجا البعض إلى هده الممارسة في وسط تنعدم فيه كافة وسائل العلاج والمرافق الطبية . أما العوادية « ف..م» حين علمت بأمر الكتابة عنها في جريدة وطنية، امتنعت عن الحديث ، أما بالنسبة لي ، فقد تعلمت من صمتها الشيء الكثير، يقول « ا ك» شيخ طاعن في السن ابن المنطقة « شوف ابني، أنا أنعود ،من شحال هدي ، عمري ما شفت الطبيب ،ولا ضربت يبرة»حقنة» واضاف متضرعا « داك الشي ديال الله ..ولي دار النية في الله ما يخيب .. « ف ت» أرملة تستحيي في البداية، تقول وهي تحجب فمها ، أولاد اليوم ايبطلو علينا كلشي.. أنا بعد منن «عندما» أضيق بي الأرض ، انجي «أقدم»عندها ، مشيرة إلى خيمة العوادة ، الله ينفعنا ببركتها شيالله ارجا ل البلاد . "م.ع" رجل تعليم يقول، سال المجرب لا تسال الطبيب « لم أتردد كثيرا قبل المجيء إليها خاصة وان ابني ظل يساوره الغثيان مدة طويلة من غير معرفة سبب دلك كنت كل مرة استحضر صيغة معينة للحديث الشريف» إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما ننوى» والمفارقة الغريبة أن ابني بات في وضع صحي جيد بعدما أخرجت العوادة من جوفه أو من معدته كمية من عجين الورق؟؟... ---------------- [COLOR=red]إعداد : عزيز باكوش[/COLOR] [COLOR=darkblue]* نشر سابقا على عدة جرائد خلال سنة 2006[/COLOR]