اعتبرت الأستاذة زهور كرام الناقدة والأستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة، أن علاقة النص الأدبي بالوسائط الجماهيرية والتكنولوجيا الحديثة أعطت نموذجا مغايرا للنص المألوف وأسفرت عن مفاهيم جديدة في الكتابة والتلقي. واستعرضت الباحثة كرام، في مداخلة بعنوان "الأدب والتكنولوجيا : نحو مفاهيم جديدة في الكتابة والتلقي "، أمس الأربعاء خلال ندوة علمية، مختلف المراحل التي مرت منها ثورة المعلومات التي انتقلت من المسافة إلى القرب ومن القرب إلى الاختراق عبر الوسائط الحديثة، مشيرة إلى أن هذه الثورة ميزها الانتقال من المجتمع الصناعي إلى المجتمع التكنولوجي. وأوضحت أن الوصول إلى المعلومات في القديم كان إيقاعها بطيئا ثم تقلصت مسافة الوصول إليها بعد اكتشاف الراديو والتلفاز، ثم الشبكة العنكبوتية التي غيرت المفاهيم ولم يعد الحديث عن المسافة والقرية الصغيرة وحل محلهما مفهوم الاختراق ، والانتقال بالتالي من المعلومة وتحويلها إلى المعرفة التي يميزها مبدأي الاختيار والتفرد. وترى الباحثة أنه مع تعدد الوسائط أصبح لدينا حرية الاختيار والانتقاء مع وجود سيلان من المعلومات التي يتساوى فيها الناس جميعا إلا أنها أكدت أنه لا يمكن ضمان تلقي جيد للمعلومة في غياب بحث علمي. وحول تأثيرات الوسائط الجماهيرية على النص الأدبي الذي انخرط في هذا التحول ، أبرزت أن النص الأدبي الذي يفرض قراءة معينة وفق دعامة الورق ، انتقل من هذا الورق إلى الشاشة ومن المفهوم اللغوي المعجمي إلى اللغة المعلوماتية التي دخلت بناء النص، فأصبح الحديث عن النص الترابطي الذي يشغل العقل. وبعد أن قدمت نموذجين حول النص الترابطي لمحمد شويكية "محطات" و"احتالات" خلصت إلى أن هذه النصوص التي تصيب بالدهشة، شبكة متداخلة أصبح معها المتلقي قارئا رقميا ومنتجا جديدا للنص الأدبي، وأن النص الرقمي الذي هو حالة مترابطة لا متناهية ، يعيش حالة التكون الرمزي باستمرار. أما الأستاذ ابراهيم عمري الأستاذ بالكلية المتعددة الاختصاصات بتازة ، فركز في مداخلته حول موضوع "الأدب الرقمي وإشكالية الرابط : حالة المحكي التفاعلي" التي تقاطعت مع العديد من الجوانب من المداخلة الأولى، على تطور النص الأدبي حتى وصوله إلى الفضاء الرقمي وزواج النص الإبداعي بهذا الفضاء، مشيرا إلى أن اعتناق التخييل بالفضاء الرقمي مس وضعية مؤلف الإبداع. وأبرز الأستاذ عمري، أن نشأة الأدب الرقمي تحقق وأن الابداع الروائي والأدبي استفاد من خصائص هذا الفضاء، مشيرا إلى أن قراءة النص الترابطي "لعبة " تحيل إلى تكوين نص ذو دلالة تدخل فيه إرادة المؤلف وإرادة المتلقي الذي يقرأه وفق اختياراته. وبعد أن تساءل عمن يمنح النص جنسه ،الكاتب أم القارئ، أوضح أن القارئ هو من يرسم مسار النص مما يجعله حاضرا بقوة فيه، مشيرا إلى أن النصوص بالفضاء الرقمي تتعانق فيما يشبه المتاهة والروابط تمدد مساحاتها. وجدير بالإشارة إلى أن أشغال هذه الندوة العلمية، التي تنظمها مجموعة البحث والتوثيق "الوسائطيات في الآداب والعلوم الإنسانية" بكلية الآداب بمكناس، ستتواصل، اليوم الخميس، بمشاركة عدد من الأساتذة الباحثين من مختلف الجامعات المغربية.