في إطار الدورة العاشرة لمهرجان "أنموكار" نظمت جمعية ثازيري للتواصل والتنشيط الثقافي بالحسيمة مساء يوم الأحد الماضي، بقاعة بلدية الحسيمة ندوة فكرية تحت عنوان "المهاجرون المغاربة على ضوء الحق في الاندماج ومخاطر التطرف الديني" بمشاركة ثلة من المفكرين والمختصين في مجالي الهجرة وحقوق الإنسان. استهلت الندوة بمداخلة مدير دار الحديث الحسنية د. أحمد الخمليشي الذي تحدث عن المخاطر التي تواجه المهاجرين المغاربة بدول المهجر، مما يؤثر بشكل سلبي على اندماجهم، واعتبر أن الجالية إذا ما أرادت الاندماج عليهم بالأخذ بالواقع المعاش واحترام القانون، وحملهم المسؤولية في ذلك بسبب اعتمادهم على شيوخ وفتاوى من وراء البحار من أجل تعليمهم وأبنائهم الدين الإسلامي الحنيف. وفي نفس السياق اعتبر الناشط الأمازيغي والحقوقي الأستاذ أحمد عصيد أن المهاجرين يعانون من أزمة هوية، وأن الاندماج لا يتحقق إلا بالقبول بأسس الدولة وقيمها، والتمتع بالحقوق وتحمل الواجبات. وأكد أن من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى التطرف هو فرض الدول الأوروبية لما يسمى ب " الكيطو" أي عزل المسلمين في تجمع سكاني خاص بهم، كما تحدث عن خمس أسباب تعيق الاندماج لدى المسلمين وهي الكيطو والشعور بالإقصاء، مسؤولية الدولة الأصلية، مفهوم الخصوصية الإسلامية (جعل المسلم يكره ويرفض الآخر)، اعتقاد المسلم أن الإسلام دولة وليس دين، واعتبار المسلمين أنفسهم جماعة (أمة) وليسوا مواطنين. كما تناول الأخصائي النفسي د.عبد الكريم أكروح عن ظاهرة الشباب الهولندي المغربي بين التطرف انطلاقا من تجربته الشخصية (عاش 14سنة في هولندا) وكذا من دراسات لباحثين مغاربة بهولندا، عَدَّدَ أسباب انحراف الشباب وتوجههم للتطرف في الأوضاع المزرية التي يعيشها أغلب الشباب وارتفاع نسبة الجريمة والبطالة في صفوفهم والعنف الأسري المادي والمعنوي، واعتبر أن الكثير من الأسر المغربية في المهجر تعيش بواسطة الإعانات التي تقدمها الدولة الهولندية. ومن مظاهر التهميش حسب الدكتور تهميش الدولة للجيل الأول من المغاربة وارتفاع نسبة البطالة في صفوف المغاربة (23%) مقارنة بالهولنديين (10%)، ونسبة امتلاك المغاربة لمساكن خاصة لا تتجاوز 5.3% سنة 2016 رغم ارتفاعها مقارنة بسنة 1995 (3%) ونسبة الاعتقال في صفوف المغاربة في ارتفاع مهول فقد وصل إلى 65% مقابل 25% من الشباب الهولندي. واختتمت المداخلات بكلمة من الحقوقي عبد السلام أمختار الذي خص مداخلته عن اندماج المهاجرين جنوب الصحراء ( الأفارقة ) في المغرب، ومقاربات الدولة المغربية في معالجة مشاكل الهجرة خاصة مع الارتفاع الملحوظ في نسبة الأفارقة في المغرب واستقرار أغلبهم في انتظار هجرتهم للضفة الأخرى، وتحدث عن نظرة المجتمع للمهاجرين وسرده عدة حوادث وقعت ضد المهاجرين في مدن مختلفة، وتمنى أن تكون هذه الحوادث فردية وأن لا تكون مزاحا شعبيا للتعامل مع المهاجرين، وحث على ضرورة دمج المهاجرين الأفارقة إسوة بالحقوق التي يطلبها نظرائهم المغاربة في المهجر وأن تكون النظرة لإشكالية الهجرة واحدة وعدم الكيل بمكيالين. وفتح النقاش وباب المداخلات للحضور، إذ تناول الكلمة عدد من النشطاء والمهتمين بمشاكل الهجرة وكانت أسئلتهم ومداخلتهم عن الأسباب التي تؤدي بالشباب إلى سلك منحى الانحراف والتطرف وربط الإرهاب بالإسلام وتأثير شيوخ الخليج والشرق الأوسط على عقلية الشباب والجور السلبي لأئمة المساجد في دول المهجر وكذا ضعف حضور الدولة المغربية في معالجة مشاكل الجالية، وأسدل الستار عن الندوة باستراحة شاي على شرف الأساتذة والحضور من تقديم إدارة المهرجان.