أمس الأحد، كان يوما استثنائيا بكل المقاييس في مدينة برشلونة، خرج عشرات الآلاف من الجماهير أفرادا وعائلات، مرتدين زيا موحدا بألوان نادي برشلونة، حاملين أعلامه ومرددين شعاراته جاءوا من مختلف جهات المحافظة لاستقبال "الأبطال"، والاحتفال بفوز ناديهم الذي هو " أكثر من مجرد نادي " كما يقول شعاره الرسمي، بدوري أبطال أوروبا ضد يوفينتوس الإيطالي أول أمس السبت ببرلين ب 3 إصابات الى واحدة، لتكون المرة الخامسة التي يفوز فيها نادي برشلونة بهذه البطولة. جال عناصر وطاقم الفريق على متن حافلة مكشوفة، تحمل على متنها كذلك الثلاثة كؤوس التي ترمز الى البطولة الاسبانية وكأس الملك وكأس أبطال أوروبا، بأهم شوارع المدينة، انطلاقا من محطة قطار الشمال الى ساحة كاطالونيا وقوس النصر الى باقي شوارع وسط المدينة، لتتوج الاحتفالات في العاشرة مساء بملعب " كاب نو" الشهير. من طرائف المشجعين، رفعهم لتلك اللافتات التي كتبت عليها شعارات "حربية"، من قبيل " لا صوت يعلو فوق البارصا" و" كلنا ميسي " و" كلنا إنييستا" و" كلنا نيمار" وباقي اللاعبين.. أمام ملعب "كاب نو" حيث تم إحياء حفل تاريخي، توافد عشرات الالاف من المشجعين بمن فيهم الوافدين الأجانب لمشاركة الفريق فرحته في هذا اليوم التاريخي. نادية السالمي، مغربية جاءت من طنجةلبرشلونة لحضور احتفالات فريقها المفضل، تقول إنها لم تتردد لحظة واحدة في أخذ أول طائرة لحضور هذه الاحتفالات التي تعبر على مدى تشبث الكاطالونيين " بثراتهم"، أنظر، تقول نادية، كيف يحتفلون بفرقتهم وبألوانهم الوطنية في جوي من البهجة والنظام المحكم. وبالفعل، فقد خرج " الشعب " البرشلوني " عن بكرة أبيه" ثم عاد من حيث أتى دون تسجيل أي حادث يذكر.. لا حافلات رشقت بالحجارة، ولا سيارات خصوصية تعرضت للكسر، ولا تبادل للعنف بين هذه الفئة أو تلك، أو مواجهة بين المشجعين ورجال الأمن. تقول كارولينا المهووسة بالبارصا، "نحن شعب نحب الاحتفال ونخلق من أي حدث لحظة متعة نؤثت بها حياتنا رغم مشاكلنا الاقتصادية، وتفشي الفقر والتهميش (...) إننا تختلف في العديد من القضايا لكن البارصا توحدنا ". أما خوسي لويس، ساعي البريد، فيذهب الى القول إن نادي برشلونة محرك أساسي للاقتصاد الكاطالوني، ذلك انه يضخ سنويا في اقتصاد الجهة أزيد من 759 مليون أورو، ما يمثل 1.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمدينة، وفقا لأحدث الارقام الرسمية. ويجذب النادي الرياضي أيضا 6 في المائة من إجمالي السياحة ببرشلونة ب 1.3 مليون ليلة مبيت، ويوظف 15 ألف 265 شخصا سنويا وتبلغ مجموع أداءاته لإدارة الضرائب 219 مليون أورو، وهو مبلغ مرشح للارتفاع عندما سيتم تشييد " فضاء البارصا" ببرشلونة خلال الفترة ما بين 2017 و 2021. ويتوقع بداية من سنة 2021، أن ترتفع مساهمة النادي بنسبة 9 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للمدينة، أي ما يعادل 826 مليون أورو. ويبلغ عدد مشجعي " البارصا" في العالم، أزيد من 350 مليون شخص، حتى أصبح النادي الأكثر شعبية في العالم. ويمثل هذا العدد الأشخاص الذين يعتبرونه فريقهم الأول، لذا فإن العدد قد يتضاعف إذا ما احتسب الأشخاص الذين يعتبرونه فريقا مفضلا من بين فرق أخرى. وتعتبر إدارة النادي آلة محكمة في التنظيم سواء على مستوى المقابلات الرياضية في الداخل أو في الخارج، كما بخصوص الاحتفالات بإحدى المناسبات الرياضية كالفوز بأحد الألقاب. ففي مقابلة برلين أول أمس السبت، عبأ النادي عدة شركات طيران لنقل أكثر من 14 ألف مشجع لحضور المقابلة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين فريقي برشلونة ويوفينتوس، علما أن هذا العدد لا يشكل إلا الجزء اليسير من المشجعين الاخرين الذين يفضلون التنقل بواسطة القطار لما يتيحه من أجواء حماسية. وتأسس نادي برشلونة لكرة القدم في عام 1899 على يد مجموعة من اللاعبين السويسريين والإنجليز والإسبان، وأصبح رمزاً للثقافة الكاطالونية، ولهذا فشعاره (أكثر من مجرد نادي) يرمز الى القومية الكاطالونية والتفرد الثقافي.أما النشيد الرسمي للنادي فهو "لا أحد قادر على قهرنا" الذي كتبه جاومي بيكاس ووجوسيب ماريا اسبيناس. وعلى عكس العديد من أندية كرة القدم الأخرى، فإن الأنصار يمتلكون ويديرون برشلونة. وهو ثاني أغنى نادي كرة قدم من حيث العائدات، إذ تصل نسبة مبيعاته السنوية إلى 450 مليون أورو. كما يعد أكثر الأندية نجاحًا في تاريخ كرة القدم الإسبانية من حيث عدد البطولات، فقد فاز بثلاثة وعشرين لقب لا ليغا، وبرقم قياسي في كأس إسبانيا بسبعة وعشرين لقب، وإحدى عشر لقباً من كأس السوبر الإسباني واثنين من كأس الدوري. ونادي برشلونة هو أيضا من أنجح الأندية في تاريخ كرة القدم الأوروبية، على صعيد البطولات الأوروبية إذ حقق 15 لقب قاري أوروبي بفوزه ببطولة دوري أبطال أوروبا خمس مرات، و 4 مرات بكأس الاتحاد الأوروبي للأندية أبطال الكؤوس، و 4 مرات بكأس السوبر الأوروبي، إضافة لإحرازه على بطولة كأس العالم للأندية مرتين.وهو النادي الأوروبي الوحيد الذي لعب كرة القدم القارية في كل موسم منذ عام 1955.