استمتع جمهور مهرجان طنجة الدولي للسماع والمديح في نسخته الثانية بلوحات موسيقية بديعة ووصلات من فن السماع والمديح قدمها أعضاء فرقة "عود الرمل "، وبعرض خاص من الموشحات الدينية للمطربة المغربية كريمة الصقلي، التي كرست لحمد الله والثناء على خاتم الأنبياء والقيم الدينية المثلى.فقد أطربت المغنية كريمة الصقلي في حفل افتتاح المهرجان المنظم تحت شعار "على هدى السراج المنير"، مساء أمس الخميس، بتشكيلة غنائية أصيلة لامست مظاهر الإيمان من خلال الدعاء إلى الله والثناء على خاتم الأنبياء، قبل أن تغوص بإبداع كبير في الغناء الصوفي وتجول بالمستمعين في رحلة روحانيات أصيلة عبر العديد من الأغاني منها "زيديني" و"شمس الهوى". والمطربة كريمة الصقلي، ذات المسار الفني الطويل والمتألق، أطلت لأول مرة على جمهور مولديات البوغاز بحلة جديدة ولمسة فريدة تجمع بين شغفها بالفن وطابع التصوف، جعلت جمهور طنجة يكتشف فيها الموهبة الأصيلة في روحنة الإيقاعات المنبثقة من رهافة إحساسها. وقد مكنت هذه المطربة المغربية الأصيلة، إحدى ألمع الأصوات النسائية المغربية والعربية ورائدات فني الطرب الأندلسي والموشحات الدينية، جمهور البوغاز من إعادة اكتشاف قامتها الفنية الغنية مع لمسة صوفية بحتة عبر باقات متنوعة من القصائد الضاربة في عمق التراث الصوفي الإسلامي. وفي قالب روحي فني جمع بين شتى أنواع الموسيقى التقليدية والعصرية، أطلق أعضاء فرقة "عود الرمل" العنان لأصواتهم بشكل جماعي، متغنين بأسماء الله الحسنى، وبمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالمعاني السامية للحياة. فقد أبدعت هذه المجموعة الطنجاوية، برئاسة الفنان رشيد التسولي، في تقديم موشحات وقصائد تراثية من صنف السماع الصوفي، إضافة إلى معزوفات كبار الموسيقيين العالميين، أمثال بيتهوفن وشوسطاكوفيتش، حضرت في مختلف الوصلات التي ميزت هذه الأمسية، مشكلة مزيجا فنيا جمع بين ما هو تراثي وكلاسيكي. كما أنشدت المجموعة، التي تأسست سنة 2011 وتضم 22 عازفا ومنشدا، أجمل القصائد والأغاني، التي لقيت بدورها استحسانا كبيرا من الجمهور الذي تعالت أصواته بالإعجاب والتجاوب، خاصة وأن هذه الفرقة تعتبر بمدينة طنجة قنطرة عبور التراث الفني الأصيل إلى الجيل الجديد. وقال عبد الحفيظ الشركي رئيس مؤسسة مولديات البوغاز، المشرفة على تنظيم المهرجان، الذي سيستمر إلى غاية يوم غد السبت ببرنامج غني ومتنوع، إن هذه النسخة تقدم باقة من الأسماء الكبيرة في الموسيقى الروحية وفن الغناء الصوفي وطنيا ودوليا، والتي ستعرض مختارات موسيقية تجمع بين إيقاعات الأغنية المغربية الأصيلة والموسيقى الروحية في بعدها المحلي والوطني والدولي. وأضاف أن هذه التظاهرة الفنية الأصيلة تأتي بعد الصدى الطيب الذي خلفته الدورة السابقة، من خلال تجاوب جمهور عريض من ساكنة مدينة طنجة وزوارها، مع فقرات برنامجها، وتزايد عشاق فن المديح والسماع بحثا عن الغذاء الروحي وتصفية النفوس والتشبث بالقيم الروحية الدينية المثلى والحكمة والسلوك القويم . وأشار إلى أن اختيار المنشدين والفنانين العرب والدوليين للمشاركة في التظاهرة، التي أضحت موعدا سنويا قارا وضمن أجندة أهم الملتقيات الفنية والموسيقية، يأتي بعد تفكير ملي لتقديم منتوج أفضل، يليق بالمكانة الرفيعة التي أصبح يتبوأها المهرجان بمساندة كل الداعمين لهذه المبادرة مع الحرص على أن يكون العرض الفني المقدم متجاوبا مع أهداف المهرجان في بعده الروحي . وأوضح الشركي أن فقرات هذه الدورة تتميز بتقديم عروض فنية تلامس تعدد الأذواق واحترافية تزاوج بين إيقاعات الطرب الأصيل بطابعها المحلي والعالمي، من خلال استضافة أسماء لامعة في مجال الإنشاد الديني من داخل المغرب وخارجه، مؤكدا على أن المهرجان أصبح يشكل مناسبة حقيقية لتسويق صورة مدينة طنجة بقيمها الحضارية والثقافية العميقة. وسيكون جمهور مدينة طنجة يوم الجمعة على موعد مع عرضين فنيين، سيقوم بتنشيطهما كل من مجموعة "الإمام الغزالي" الطنجاوية، والفنان العالمي مسعود كرتيس. والفنان كرتيس، المنشد المسلم من أصل تركي، تخصص في دراسة العلوم الإنسانية بجامعة ويلز بالمملكة المتحدة، قبل أن يحترف الفن، ويصدر أول ألبوم له كان سنة 2004 بعنوان "صلوات"، يتضمن أناشيد بثلاث لغات، التركية والإنجليزية والعربية، من بينها أغنية أعدها بتعاون مع المنشد سامي يوسف، كما أخرج ألبومه الثاني عام 2009 بعنوان "الحبيب"، يضم أغنيتين مع ماهر زين وعرفان مكي. أما فرقة الإمام الغزالي للإنشاد الديني، فتعد من أبرز المجموعات المغربية المختصة في الغناء الصوفي وفن المديح، وقد تأسست على يد المنشد محمد الحنيني سنة 1993، وتهتم بكل ما هو تراثي كالسماع المغربي الأصيل والموشحات العربية، وسبق أن قدمت عدة عروض بالمغرب وخارجه، وأصدرت مجموعة من الألبومات من بينها "يا خير خلق الله" و"يا قاضي الحاجات" و"الله أرجو". ويتضمن برنامج اليوم الأخير، بالإضافة إلى عروض للفرقة الوطنية للمديح والسماع، التابعة للطريقة البودشيشية القادرية برئاسة معاد القادري البودشيشي، أقوى لحظات هذه الدورة، ويتعلق الأمر بمشاركة الفنان العالمي ماهر زين. واستجابة لرغبة جمهور مولديات البوغاز، وبعد النجاح الكبير الذي حققه الحفل الختامي للدورة الأولى، قررت اللجنة المنظمة لمهرجان طنجة الدولي للسماع والمديح في نسخته الثانية، توجيه الدعوة من جديد للفنان العالمي ماهر زين، للالتقاء بجمهور مدينة طنجة من جديد.