كعادة الساعات الأخيرة قبل فتح صناديق الاقتراع تتوقف ماكينة الدعاية الانتخابية عن الدوران في الساحات المفتوحة، لتبدأ جلسات الصفقات و”التربيطات” خلف الأبواب المغلقة، وهذا ما تعيشه تونس حاليا في ظل حالة استنفار كامل يعيشها المجتمع بمختلف أطيافه انتظارا لساعة الحسم الانتخابي. فما هي إلا ساعات ويتوجه نحو 7 ملايين تونسي إلى مراكز الاقتراع المنتشرة في مختلف الولايات للاختيار من بين 26 مرشحا من سيكون سيد قصر قرطاج الجديد، على الرغم من إعلان مرشحين انسحابهما من السباق الرئاسي لصالح المرشح عبد الكريم الزبيدي وهما سليم الرياحي ومحسن مرزوق. نسبة المشاركة بالنظر إلى كثرة عدد المرشحين وتمثيلهم لمختلف التيارات السياسية في تونس، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة المشاركة في التصويت، وإن كان هناك من يرى أنها قد لا تتعدى نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2014، والتي تجاوزت نسبة 64 بالمئة وإن كانت بالقطع ستتخطى نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية الأخيرة والتي بلغت 37 بالمئة. مع الأخذ في الاعتبار تسجيل مليون ونصف المليون ناخب إلى كشوف الناخبين من الشباب في الفترة الأخيرة، مما قد يؤثر في نسبة المشاركة من جيل تشكل وعيه في سنوات ما بعد إطاحة زين العابدين بن علي. الخلافات وتشتت الأصوات قراءة خريطة الانتماءات السياسية للمرشحين تكشف عن حالة تشتت واضحة داخل العائلات السياسية التقليدية، مما يأخذ المعركة الحالية بعيدا عن مربع الاستقطاب الثنائي الذي شهدته انتخابات 2014، وانحصرت المنافسة حينها بين معسكر العائلة الوسطية “الندائية” ومعسكر العائلة الإسلامية المحافظة “النهضوية”. فالبيت الندائي لديه 6 مرشحين على الأقل في هذه الانتخابات، فيما ينتمي 4 مرشحين لمعسكر الإسلام السياسي في الوقت الذي تدفع فيه العائلة اليسارية بثلاثة من قيادييها. هذا إلى جانب بروز نجم عدد من المتحزبين المنتمين لتيارات سياسية مختلفة والمترشحين المستقلين الساعين إلى تسجيل حضورهم في هذا السباق الرئاسي ربما لتعزيز فرصهم في الانتخابات التشريعية المتزامنة معركتها مع السباق الرئاسي. هذا التشتت سيصعب من مهمة المرشحين والناخبين على السواء.