عاد ملف البقعة الأرضية التي كانت مخصصة لتنظيم معرض طنجة الدولي 2012 ليزيد من حدة الاحتقان الذي يسود العلاقة بين رئيس مجلس عمالة طنجة - أصيلة، عبد الحميد أبرشان، ومستشارو حزب العدالة والتنمية الذي كان إلى وقت قريب من أشد حلفاء أبرشان بمدينة طنجة. فخلال دورة مجلس العمالة التي انعقدت أول أمس الخميس، وحضرها لأول مرة الوالي محمد اليعقوبي، أصر البشير العبدلاوي، القيادي بحزب العدالة والتنمية، على توجيه سهام الانتقاد لعبد الحميد أبرشان بسبب ما يعتبره غموضا في موقفه المتعلق بملف تفويت البقعة الأرضية السالف ذكرها لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، فالبشير العبدلاوي جدد اتهاماته لأبرشان بكونه يفتقد للوضوح، فتارة مع تفويت البقعة ل: (س دي جي) وتارة يعطي الانطباع أنه ضد التفويت، العبدلاوي الذي أكد أن حزبه ضد عملية التفويت طالب أبرشان بتوضيح موقفه من هاته القضية. أبرشان لم يفوت الفرصة واعتبر أن إطلاق تهم التخوين ضد رئيس مجلس العمالة أسلوب يفتقد إلى المسؤولية، فأبرشان جدد التأكيد على أن موقفه من هاته النقطة يتسم بالوضوح الكامل، حيث اعتبر أنه في حالة التزام (س دي جي) بتنفيذ المشاريع التي كانت مبرمجة في حالة فوز طنجة بتنظيم المعرض الدولي، فإنه مع تفويت هاته القطعة الأرضية، وردا على من يطالبه بتقديم الضمانة على وفاء (س دي جي) بالتزاماته أكد رئيس مجلس العمالة أن المغرب قد تغير، وأن الدستور الجديد ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأن الحزب الذي يسير الحكومة، في إشارة إلى العدالة والتنمية، يحضى بالمصداقية وهو حريص على تطبيق القانون، علما أن رئيس الحكومة هو رئيس المجلس الإداري ل(س دي جي)، وهو ما يزيد من بعث إشارات الاطمئنان إلى صواب رأيه. تدخلات مستشاري البيجيدي دفعت المستشار حسن بلخيضر إلى تفجير قنبلة من العيار الثقيل، حينما كشف أن بعض أعضاء مكتب مجلس العمالة، في إشارة إلى أحد أعضاء حزب المصباح، اتهم أبرشان بكونه غير رأيه تجاه قضية التفويت لأن له مصالح بمجلس المدينة ويريد أن يحافظ عليها، وهي التهمة التي اعتبرها بلخيضر تكشف القناع الحقيقي لحزب لم يعد يجد أدنى حرج في توجيه التهم لكل من خالفه الرأي، فكل من تحالف مع هذا الحزب، في إشارة إلى البيجيدي، يصبح قديسا وصالحا، وكل من اختلف معهم يتحول بجرة قلم إلى فاسد يعيث في الأرض فسادا. غير أن تدخل الدكتور المودن كشف المستور حول عدم وضوح حزب العدالة والتنمية حول موضوع البقعة الأرضية، إذ أوضح أنه خلال اجتماع لمكتب مجلس العمالة مع الوالي محمد اليعقوبي، اقترح هذا الأخير أن يقوم (س دي جي) باقتناء البقعة الأرضية من مجلس العمالة مقابل أداء قيمة العقار لمالكيه ومنح مجلس العمالة 5 مليارات سنتيم تخصص لتحسين البنية التحتية بالعالم القروي، وهو المقترح الذي حظي بموافقة جميع أعضاء المكتب بمن فيهم أعضاء العدالة والتنمية، وتساءل عن الخلفيات المتحكمة في المواقف المعبر عنها من طرف هذا الحزب والمخالفة لما تم التعبير عنها اثناء الاجتماع بالوالي وهو التساؤل الذي بقي من دون إجابة. الغريب في أمر هذا الموضوع أن مستشاري حزب المصباح بمجلس العمالة كان بإمكانهم تقديم مقترحات عملية للحفاظ على هذه البقعة كمتنفس طبيعي لفائدة ساكنة المدينة عوض اللجوء إلى تسييس الملف وإظهار الحزب كرافض لعملية التفويت أثناء الاجتماعات العلنية في حين لا يمانع في ذلك خلال الاجتماعات المغلقة، كما يتسائل الجميع عن عدم توجيه ملتمس لرئيس الحكومة لكي يضخ في حساب مجلس العمالة قيمة العقار البالغ حوالي 4 مليارات سنتيم، علما أن أبرز مقترح كان بإمكان فريق العدالة والتنمية الدفاع عنه هو تقديم ملتمس لمجلس المدينة باقتناء هذا العقار خاصة وأن الجماعة الحضرية تتوفر على الإمكانيات المالية الكافية لهذه الصفقة. لكن يتضح أن حزب المصباح لا رغبة له في إشراك مجلس المدينة لإيجاد مخرج لهذا المأزق، بل يراهن على إحالة الملف على رئيس الحكومة حتى يتم استغلاله انتخابيا خلال المحطات المقبلة.