اتهم المستشار الاتحادي أبو بكر اعبيد يوم الثلاثاء الماضي مجلس عمالة طنجة-أصيلة بالشروع في إجراءات لتفويت حوالي 28 هكتارا في موقع متميز لصندوق الايداع والتدبير، بعدما قام بنزع ملكيته للمنفعة العامة سنة 2008 بثمن لا يتجاوز 140 درهما. وحسب مبررات نزع الملكية، فإن مجلس العمالة كان يقترح تخصيص هذا العقار لإقامة المعرض الدولي لسنة 2012 الذي كانت مدينة طنجة مرشحة لاحتضانه. وكانت جريدة الاتحاد الاشتراكي سباقة إلى فضح مشروع هذا التفويت، حيث قرر المجلس خلال دورة أكتوبر المنصرم إدراج نقطة تتعلق بتفويت هذا العقار إلى مؤسسة (سي.دي.جي). وحسب مشروع الاتفاقية، الذي تتوفر الجريدة على نسخة منها، يلتزم مجلس العمالة من خلال ممثله القانوني، عامل طنجةأصيلة، بتفويت العقار المذكور لمؤسسة(س.د.ج) مقابل أن يقوم هذا الأخير بأداء قيمة العقار لمالكيه وبتحويل 3ملايير سنتيم إضافية كعمولة لمجلس العمالة لأجل تمكينه من تمويل بعض المشاريع التي سمتها الاتفاقية مشاريع ذات المنفعة العامة. بل الأخطر من ذلك فإن صندوق الإيداع والتدبير سيكون مجرد واجهة لتبرير عملية تفويت عقار كان مخصصا لأجل المنفعة العامة، ذلك أنه سيتم تفويته لشركة ( .C.G.I) أحد الفروع التابعة للصندوق لإقامة مشاريع ذات طبيعة عقارية وسياحية فخمة. أبو بكر اعبيد عبر عن أسفه، لكون الحزب الذي يتحمل مسؤولية وازنة بالأجهزة المسيرة بمجلس عمالة طنجة-أصيلة، هو نفسه الذي يقود الحكومة اليوم، وهو نفسه الذي كان من أشد المهاجمين لسياسة تفويت الأراض بأبخس الاثمان يذكر أن النقطة الوحيدة التي تدارسها مجلس العمالة في مستهل دورة أول أمس، كانت تلك المتعلقة بمشروع تفويت 28 هكتارا في ملكية مجلس العمالة لفائدة صندوق الإيداع والتدبير ب 140 درهما. وخلال النقاش استنجد العديد من الأعضاء بالمقال الصادر بجريدة الاتحاد الاشتراكي، الذي نبه فيه إلى خلفيات هذا التفويت الفضيحة باعتباره يدخل في باب اقتصاد الريع. وبعد النقاش أجمع مجلس العمالة بجميع أعضائه على رفض عملية التفويت، حفاظا على الممتلكات العامة مع تحميل الوالي اليعقوبي، باعتباره آمرا بالصرف، مسؤولية تعبئة 4 ملايير سنتيم لأداء قيمة العقار لمالكيه، وفي حالة رفضه ستتم إحالة الملف على رئيس الحكومة ووزير الداخلية ليتحملا مسؤولياتهما تجاه ساكنة المدينة. المجلس قرر أيضا تعليق مداولات دوراته، احتجاجا على ما اعتبره الأعضاء تهميشا ممنهجا لهم من طرف محمد اليعقوبي والي طنجة بالنيابة. فخلال الدورة العادية لمجلس العمالة التي انعقدت أول أمس الثلاثاء، أجمعت تدخلات أعضاء المجلس على توجيه انتقادات حادة للوالي اليعقوبي بسبب رفضه حضور مداولات المجلس، باعتباره الآمر بالصرف والماسك بجميع الصلاحيات، وهو المؤهل الوحيد لاتخاذ القرارات في ما يخص العديد من النقط المدرجة في جدول الأعمال كبرنامج التأهيل الحضري الذي تنفذه العمالة، وضعية التعمير ومشاكل الدخول المدرسي. احتجاجات أعضاء مجلس العمالة انصبت أيضا على ما اعتبروه انفرادا للوالي اليعقوبي باتخاذ القرارات، والحال أن المجلس يعتبر شريكا لمؤسسة الوالي في تدبير بعض الملفات، خاصة تلك التي تهم برنامج التأهيل الحضري الذي رصدت له مبالغ مالية ضخمة، وهو ما دفع الأعضاء إلى إعلان رفضهم لأن يصبح مجلسهم مجرد غرفة لتسجيل القرارات التي ينفرد باتخاذها الوالي اليعقوبي. حدة الاحتقان بلغت مداها حينما فوجئ الأعضاء ببرمجة اليعقوبي لاجتماع في مكتبه، المحاذي لقاعة الاجتماعات، خصص لتدارس أزمة فريق اتحاد طنجة لكرة القدم في نفس توقيت انعقاد دورة مجلس العمالة، بل أكثر من ذلك قرر الوالي استدعاء كل من رئيس مجلس العمالة والكاتب العام للولاية لحضور اجتماع اتحاد طنجة، وتم تكليف رئيس دائرة، باعتباره ممثلا للوالي، لحضور أشغال الدورة، وهو ما اعتبره الأعضاء إهانة واستهدافا مقصودا من طرف اليعقوبي لمؤسسة منتخبة، وتشبثوا بضرورة تعليق المداولات إلى حين حضور الوالي. ورغم عودة الكاتب العام للولاية لمتابعة أشغال الدورة، أصر الأعضاء على موقفهم الرافض لاستئناف مداولات المجلس، اعتبارا لكون حضور الكاتب العام أصبح غير دي جدوى بعد أن جرده اليعقوبي من كل الصلاحيات مباشرة بعد تسلمه لمهام الوالي بالنيابة خلفا لمحمد حصاد. ومن شأن هذا القرار غير المسبوق، تؤكد مصادر عليمة للجريدة، أن تكون له تداعيات على مستقبل العلاقة بين مجلس العمالة والوالي اليعقوبي باعتباره آمرا بالصرف، إذ أن استمرار هذا التوتر سينعكس سلبا على تنفيذ المشاريع ذات العلاقة بتحسين البنيات التحتية بتراب العمالة. وتساءلت ذات المصادر عن مآل حالة الاحتقان الذي تعرفه طنجة منذ التحاق اليعقوبي بها، إذ لم يعد خافيا توتر علاقاته مع محمد بنريباك عامل الفحص أنجرة، وعبد الله بلحفيظ والي الأمن ومحمد حصاد رئيس وكالة الميناء المتوسطي والعديد من مندوبي القطاعات الحكومية، والآن ينضاف مجلس العمالة إلى القائمة الشئ الذي يؤثر حتما على حسن سير مرافق الدولة بمنطقة استراتيجية وذات حساسية كبرى في حجم طنجة.